عبد القادر عسقلان يوثق "رحلة الألف ميل" في مسيرة الإنجاز والعطاء

 

 

الرؤية - محمد علي العوض

 

(بين "المسقطين" مسقط رأسه نابلس حيث كانت خطوته المصرفية الأولى، ومسقط عاصمة سلطنة عمان حيث كانت خاتمة رحلة الألف ميل ظلت جغرافيا الحلم العربي والفلسطيني ماثلة في البال).. هكذا صدّر المصرفي المخضرم عسقلان كتابه القيّم "عبد القادر عسقلان.. مسيرة من الإنجاز والعطاء".. ليحكي فيه عبر تقنية السرود الذاتية عن رحلة حياته الزاخرة بالمحطات، والتي وهب فيها عسقلان كل عصارة حبه وخبرته وجهده للوطن حتى في أحلك الظروف حين جابهته البنوك الأجنبية؛ فما استكان، متزودا في رحلته الكفاحية تلك برجاحة عقله وبصيرته التي تستشرف آفاق القادم من أيام عمان الزاهرة..

الإصدارة ليست سيرة حياته الذاتية فحسب بل هي قصة من فصول "التحرر العربي" التي ترافقت مع بدايات النهوض الاقتصادي في البلدان العربية وانطلاق مسيرة التنمية فيها على طريق تحقيق الاستقلال الكامل عن الوصاية الاقتصادية والمالية والسياسية الأجنبية.. وهي صفحة من تاريخ بنك عمان العربي الذي أمضى فيه 57 عاما وتاريخ الوطن والعمل الصيرفي، ومنهل ومرجع لكل من أراد أن يعرف معنى المهنية والمعرفة وقوة العزيمة والعطاء من أجل الوطن وأبنائه..

يحكي عسقلان بين أضابير الكتاب والذي يعد توثيقا لتجربة حياتية ومصرفية وإدارية منمقة بجماليات الاسترجاع والوقوف على الذكريات؛ يحكي كيف أنّ يد القدر حولته من مقاتل كان على وشك الانتساب لسلاح الجو الأردني إلى محارب يخوض جولاته في مكان آخر هو العمل المصرفي ومعارك الاقتصاد والتحرر الاقتصادي من الهيمنة الدخيلة، وكيف انه تسلم دفة بنك عمان العربي بفرع واحد وخمسة موظفين ليغادره بعد أكثر من نصف قرن بنكا عمانيا بالكامل بع 65 فرعا وأكثر من 1500 موظف..

يستهل كتاب "عبد القادر عسقلان.. مسيرة من الإنجاز والعطاء" بمقدمةً تحدث فيها المؤلف عن المصرفي المخضرم وكيف رافقه شعور الانتماء لفلسطين طوال رحلته المهنية مع بنك عمان العربي، وبعد المقدمة تحدث المؤلف عن عبد القادر في سطور معددًا الوظائف والعضويات التي شغلها والتي من بينها: الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة بنك عمان العربي، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الخليج للاستثمار، ونائب رئيس مجلس إدارة الشركة العمانية للاتصالات "عمانتل". ونطالع بعدها الجزء الخاص بحياة عسقلان الخاصة، بمعية زوجته اعتدال صادق عرفات وبناته الأربع: رند، وحنان، وريم، وسحر، واللاتي بدورهن لم يبخلن بتسطير كلمات وفاء وعرفان في حق والدهن الذي خاض المسيرة معهن ومن أجلهن..

ويتضمن الكتاب في محتواه أيضا المراحل التي عاشها عسقلان بدءًا من مرحلة نابلس وعمّان 1957-1985، ثم مرحلة عدن 1958-1969، فمرحلة رأس الخيمة 1970- 1973، وانتهاء بمرحلة عُمان 1973-2013، لتأتي الخاتمة بتسليم الأمانة في نهاية 2013م بقبول استقالته من بنك عمان العربي حيث استعرض المؤلف المراحل الأربع مرفقةً بالصور المتعددة التي أضاءت جانبا منها.
كما احتوى على نماذج من شهادات التقدير التي حصل عليها عسقلان، وصورٍ من لقاءاته بحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه- وعدد من المسؤولين في القطاعين العام والخاص بالسلطنة، وصورٍ للذكرى العاشرة والذكرى العشرين على تأسيس البنك العربي، ومجموعة من المراسلات لعسقلان، وعدد من مقالاته في الصحافة التي تحدث فيها حديث العارف المتخصص في العمل الاقتصادي والصيرفي، وسكب فيها عصارة خبرته وحنكته التي جعلت منه علما من أعلام الصيرفة في عمان..

هي إصدارة تستحق القراءة والوقوف مليا عند أهم المحطات التي تناولتها، بجانب أنها توثق لمسيرة النهضة الاقتصادية في السلطنة ومراحل تطورها لاسيما نشاط القطاع المصرفي، فضلا عن أنه سفر جامع ما بين لغة الاقتصاد وأدب السرد.

 

تعليق عبر الفيس بوك