معرض "رسالة الإسلام" يحط الرحال في بروناي بـ لوحات فنيّة وخط عربي وكتب ورسم على الرمال

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

مسقط - الرؤية

من أجل نشر وتعزيز ثقافة التعايش المشترك والتفاهم السلمي بين الأمم والثقافات والشعوب يواصل معرض (رسالة الإسلام) جولاته في مختلف دول العالم، حيث انطلقت في بروناي دار السلام فعاليات المعرض برعاية معالي فيهين داتؤ الحاج بدر الدين بن عثمان وزير الشؤون الدينية وسط حضور رسمي وشعبي كبيرين يعكس عمق العلاقات القوية بين البلدين، وذلك في العاصمة البروناوية بندر سري بكاوان.

ويأتي المعرض في سياق الجهود التي تبذلها السلطنة في مجال نشر القيم الإنسانية الرفيعة، وإيصال رسالة السلام في العالم، وسط أجواء من التوترات الإقليمية، وامتداد رقعة التطرف والإرهاب والعنف، ليكون صوت (رسالة السلام) ردا على كل هذه الممارسات اللاإنسانية والتي تتعارض مع تعاليم الأديان والثقافات المحبة للرحمة والسلام..

بدأ حفل الافتتاح بكلمة ألقاها سعادة الشيخ أحمد بن هاشل المسكري، سفير السلطنة المعتمد لدى بروناي دار السلام، أشار خلالها إلى أن المعرض يقام بالتزامن مع احتفال السفارة بالعيد الوطني السادس والأربعين المجيد، وبمناسبة مرور 32 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين السلطنة وبروناي.

وقال سعادته إن استضافة هذا المعرض خير دليلٍ على العلاقة المزدهرة والتعاون المثمر بين وزارة الشؤون الدينية في بروناي، ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالسلطنة، منذ التوقيع على مذكرة تفاهم بين الوزارتين في العام 1996م، والتي تم تجديدها لاحقا في العام 2012م.

ونوه سعادته إلى أن إنشاء معرض رسالة الإسلام من عُمان تم بمبادرة من وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالسلطنة، تماشيا مع توجيهات سلطان بروناي دار السلام بشأن إظهار سماحة الإسلام، كما تمت الإشارة لذلك في الكلمة التي ألقاها بمناسبة السنة الهجرية الجديدة 1436، وبناء على هذه القواسم المشتركة، بين السلطان حاجي حسن البلقية، والسلطان قابوس بن سعيد، فقد قامت وزارة الشؤون الدينية ببروناي، ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالسلطنة، بتنظيم المعرض المذكور.

استطرد سعادة السفير قائلا: إن هذا المعرض، الذي نُظم في أكثر من 100 مدينة بـ 30 دولة، أتى في الوقت المناسب، حيث تنتشر أعمال العنف والتطرف في أجزاء معينة من العالم، وبالتالي فإن الحاجة إلى التسامح والتفاهم والتعايش ملحة جدا.

حيث أنه ومن المسلم به أن العنف والمواجهة يشكلان تهديدا لجميع الأديان في العالم، بالإضافة إلى كونهما أيضا تهديدا للحضارات، وتحدٍ للقيم والثقافات.

يهدف المعرض إلى إظهار قيم التفاهم، والتعايش، والحوار بين الأديان، مع التعريف بالتجربة العُمانية في ممارسة الشعائر الدينية. 

كما يلقي الضوء على أوجه التشابه بين بروناي والسلطنة من حيث الثقافة الدينية، والحفاظ على القيم الثقافية والتقليدية، مع مواكبة التطور والتكنولوجيا، مما يدل على أنّ التقدم لا يسير بالضرورة جنبا إلى جنب مع فقدان الهوية الثقافية.

في هذا الإطار، أكد سعادة السفير أن النهج الجاد للشعب البروناوي تجاه التسامح، لا ينبع من التنشئة الثقافية فحسب، إنما من الرغبة الملحة لبناء مستقبل صحيح للأجيال الناشئة، الأمر الذي يبرهن على التطور المتسارع الذي ستحظى به بروناي دائما بمشيئة الله تعالى.

كما ألقى معالي فيهين داتؤ الحاج بدر الدين بن عثمان وزير الشؤون الدينية البروناوي راعي الحفل كلمة قال فيها: "إنه من دواعي السرور أن يصل معرض رسالة الإسلام من سلطنة عمان إلى سلطنة بروناي، وأن يتعرف الجمهور البروناوي على الجهود التي تقوم بها سلطنة عمان في نشر ثقافة التسامح والتفاهم والتعايش بين شعوب العالم".

وأكد معاليه أن سلطنة بروناي فخورة باستضافة المعرض، وهو أرضية لنشر الدعوة كما هو أرضية لمزيد من التعاون الثنائي بين البلدين، مؤكدا ثقته أنه سيكون نبعا مستمرا من الفعاليات الثقافية بين الجانبين.

وقال: "ليس ثمة مسعى أجمل وأكمل من نشر هذا النوع من الخير في العالم وحيث وجد الإنسان، عملا برسالة الإسلام التي جاءت في القرآن الكريم: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) صدق الله العظيم

كان من بين الحضور سعادة الدكتور فهد الضفيري سفير دولة الكويت في بروناي دار السلام الذي عبر عن انطباعه قائلا: "ما رأيناه في المعرض حظي باعجاب الحضور ونحن استمتعنا بالعرض العماني ونتمنى أن تستمر هذه المعارض الثقافية في بروناي لاستمرار العلاقات وسندعو الأسرة لزيارته، وهذا المعرض مهم لإبراز رسالة التسامح والتفاهم ويعكس روح التعايش وهي رسالة مهمة للمسلم وتقبل رأي الآخرين".

وضمن فعاليات المعرض ألقى الشيخ الدكتور عبدالله بن سعيد المعمري محاضرة قال فيها: "إن رحمة الإسلام تنبع من صميم تشريعاته عقيدة وعملا، كما أنه يكرم الإنسان ويجعل لنفسه حرمة عظيمة، ويعطي عقله مجالا واسعا للتفكير، فضلا عن حرية اختياره لأفعاله، من هنا عدّه مسؤولا عن تصرفاته، يحاسب عليها ثوابا وعقابا، فلا غرو أن ينشأ المسلم على فكر التسامح بل التعايش مع الآخر فالناس عبيد الله هو الذي يحكم بينهم يوم القيامة، أما في الدنيا فهم أمناء على أنفسهم فيقبل منهم ظاهرهم، ويوكل باطنهم إلى مولاهم اللهم إلا أن يضروا أنفسهم أو غيرهم.

ولقد أكرم الله العمانيين بفهم سليم للدين مع حسن تطبيق لتعاليمه بمنه وفضله، فكانوا من الدعاة الناجحين للإسلام في آسيا وإفريقيا بحسن أخلاقهم، كما شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وتساعدهم على ذلك علاقاتهم التجارية في البر والبحر حتى وصلوا أقصى الشرق والغرب، فدخل الناس على أيديهم في دين الله أفواجا.

وهم اليوم يقومون بهذه الأمانة لنشر رسالة الإسلام في العالم على حقيقتها في وقت تدق في أطرافه طبول الحرب بل تلتهب من أوارها أمة الإسلام نفسها أملا في توطيد دعائم السلام والخير في ربوع المعمورة بإذن الله. ومن هنا جاءت فكرة رسالة الإسلام من عمان التي حطت رحالها في سلطنة بروناي دار السلام في صفر الخير ١٤٣٨هجرية".

 رسالة عمان في 50 لوحة

اشتمل المعرض على 50 لوحة لمعرض رسالة الإسلام باللغة الإنجليزية معبرة عن أوجه الحياة العامة في سلطنة عُمان وما شهدته من نهضة حديثة وتطور مستمر تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه، كما اشتمل المعرض على لوحات من الفن التشكيلي العماني والخط العربي بالإضافة إلى عرض بعض التحف العمانية وملامح الحياة العامة في السلطنة ماضيا وحاضرا. كما اشتمل المعرض الذي يقام في واحد من أهم المتاحف في جنوب إفريقيا على لوحات من (فن الظلال) والذي يقدم للجمهور قيما روحية بالدمج بين عدد من الفنون، كفن الخط العربي والزخرفة وعامل الضوء، إذ تشكل في مجموعها لوحة فنية معبرة، وقدم المشروع أربع لوحات مستمدة من الدعاء والسلام والأخلاق.

كذلك تضمن المعرض (رسائل عالمية) وهو حملة إعلامية عالمية تهدف إلى نشر ثقافة التعايش والسلام؛ والتسامح والوئام؛ عبر نشر بطاقات تعبر عن هذه القيم في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بمختلف اللغات.

ورفعت الحملة المصاحبة للمعرض شعار: "افعل شيئا من أجل التسامح" بهدف تمكين شباب وفتيات العالم من ابتكار الأفكار والأطروحات والتجارب والجهود التي يمكن أن تسهم ولو بشكل بسيط في نشر ثقافة التسامح في المجتمعات الإنسانية، وتقديمها كمبادرات فردية وجماعية ومؤسساتية يكون لها إطارها العملي في المحيط الذي هي فيه.

وجاء اختيار هذا الشعار إيمانا بأهمية قيمة التسامح في ردم الهوة في العلاقات المتوترة، وتقريب وجهات النظر المختلفة، وإيجاد مساحات مشتركة في أجواء تمكن من الحوار والتفاهم وتحقيق السلام. مع مناسبة هذا الشعار للأفراد في محيط الأسرة وعلى مستوى المجتمعات والدول.

وتم حتى الآن تم إصدار 7 بطاقات لهذه الرسائل: الأولى تحمل رسالة "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" وهي جزء من آية كريمة تقرر سنة التعارف كأساس للتعاملات بين الشعوب والقبائل؛ فهي ميزة إنسانية في غاية الأهمية تأخذ أبعادها من كون الاختلاف والتنوع عوامل تكامل وانتظام لا عوامل تفرق وانتقام.

والثانية تحمل رسالة "حب للناس ما تحب لنفسك" وهي جزء من حديث نبوي شريف؛ يعمّق في النفس الشعور بأهميّة الأنفس الأخرى وتقديرها، ويلفت نظر الإنسان إلى أنّه ضمن مجموع إنساني يتأثر ببعضه البعض، فإن كان يود لنفسه خيرًا فليحب ذلك لغيره، ولو فعل كل فرد بهذا التوجيه لقلت نسب التنافس غير الشريف وما يتبعها من أخلاق مذمومة.

والثالثة تحمل رسالة "خالق الناس بخلق حسن" وهي كذلك جزء من حديث نبوي شريف وتحمل مفهوما إنسانيا بجعل الأخلاق هي محور التعاملات بين البشر، وأساسا للتعايش فيما بينهم، نظرا لما تمثله القيم والأخلاق من تأثير روحي ونفسي عميقين، وعلى الخصوص لدى أتباع الديانات.

والرابعة تحمل رسالة "وبالوالدين إحسانا" وهي جزء من آية قرآنية كريمة تدفع الإنسان إلى تقدير الوالدين واحترامهما، وبذل الخير لهما، والإحسان إليهما بكل جميل ومعروف، وتم اختيار هذا الشعار ضمن حملة قيمة التسامح لارتباطها الوثيق بهذا الخلق.

والرسالة الخامسة بعنوان: "أد الأمانة إلى من ائتمنك" من أجل تعزيز خلق الأمانة بين الناس، كقيمة مهمة في التعاملات الإنسانية.

والرسالة السادسة بعنوان: "لنفسك عليك حق" وذلك للإشارة على أهمية الاهتمام برفع القيم في النفس، والتركيز عليها في البناء الأخلاقي.

والرسالة السابعة بعنوان: "أفضل الناس أنفعهم للآخرين” للتأكيد على مباءئ التعاون بين الناس ونشر ثقافة العمل المشترك في مجال النفع العام والعمل التطوعي والخيري".

كما تم خلال الافتتاح اطلاق حملة:(افعل شيئا من أجل التسامح) ( Act For Tolerance # ) لجمع أكبر عدد ممكن من المشاركات في هذا الإطار تعزيزا لنشر ثقافة التعايش بين قطاعات الشباب والفتيات في كل دول العالم.

إصدارات عمانية

كما عرضت على هامش المعرض بعض الكتب العمانية المهتمة بالتواصل الحضاري وتعميق الفهم المشترك للقيم الإنسانية. بالإضافة إلى استعراض عدد من صور الكتب العمانية المتعلقة ببعض المعارف الدقيقة كعلم الفلك وعلم البحار وعلم الطب وغيرها، وذلك من أجل إبراز مساهمات وجهود العمانيين في السياق العالمي للمعرفة والثقافة والعلوم.

الجدير بالذكر أن معرض (رسالة الإسلام من عُمان) تم إطلاقه من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية منذ عام ٢٠١٠م وزار أكثر من 30 دولة حول العالم حتى الآن، ويحمل عنوان: (التسامح والتفاهم والتعايش: رسالة الإسلام من سلطنة عُمان) ويهدف إلى نشر مظلة هذه القيم بين شعوب العالم، وقد اكتسب المعرض قبولا متناميا في الأوساط العالمية، وتم التنسيق بشأنه مع عدد من المنظمات العالمية وأهمها منظمة اليونسكو، والعديد من المركز الدينية المهتمة بنشر القيم المعتدلة والدعوة إلى السلم والعيش المشترك بين الناس والثقافات والأديان.

 كما قدمت الفنانة شيماء المغيرية عرضًا بالرسم على الرمل يمثل لوحات التسامح والتعايش والتفاهم وكيف عمان نشرت التسامح والتفاهم كرسالة ومنهج على الإنسان أن يعيشه كأسلوب حياة ليعم بذلك الخير والنفع على البشرية.

 مشاركة مهمة

وضمن انطباعات المشاركين قال المنشد أنور بن سالم بن حمود العاصمي: "أشكر وزارة الأوقاف والشؤون الدينيّة على إتاحة الفرصة لي للمشاركة في معرض رسالة الإسلام ببروناي دار السلام كمنشد، وهي مشاركة مهمة جدا في محطة دولية مهمة وأيضا رسالة كبيرة من السلطنة إلى العالم من أجل نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام والأمن.

وقالت الخطاطة أسماء بنت خميس بن سالم التمتمية:" سعيدة جدا بتجربتي من خلال معرض رسالة الإسلام في بروناي، حيث كان الاهتمام كبيرا جدا من قبل الحضور وأبدوا إعجابهم بجمالية الخط العربي، وكان أغلبهم لديه الاهتمام البالغ بمعرفة الأدوات المستخدمة ومصدرها والبعض كان لديه إلمام حتى بأنواع الخطوط العربية من ديواني، وثلث، ونسخ.. إلخ، والحمد لله عدد الحضور والاقبال على ركن الخط العربي كبير جدا مما يدل على اهتمامهم وإعجابهم بذلك.

 بينما قال أحمد بن سالم الراجحي أن مشاركة وزارة التربية والتعليم كانت ممثلة في دائرة التربية الإسلامية بالمديرية العامة لتطوير المناهج من خلال عرض نماذج من القطع التعليمية والأنشطة الدراسية التي تؤكد على مفاهيم التسامح والتعايش وتؤكد روح الوسطية التي تنتهجها سلطنة عُمان في مناهجها، وقد عرضت جميعها باللغتين العربية والإنجليزية.

 وقال الخطاط والفنان التشكيلي صالح الشكيلي:" وتجربتي في معرض رسالة الإسلام مع الجمهور كانت رائعة وتفاعل الحضور مع هذا الفن كان جيدا، وكان الهدف من المشاركة إبراز جمالية الخط العربي في سلطنة بروناي حيث تهتم بهذا الخط ومعظم اللوحات في الطرق مكتوبة بالحروف العربية ولكن تقرأ الحروف العربية بلغتهم المالاوية، وقد أكد لي المشاركون والحضور اهتمامهم بالخط العربي، وتعرفت على مجموعة من الخطاطين وهذا دليل على الاهتمام بهذا الفن الجميل.

تعليق عبر الفيس بوك