"الكتاب والأدباء" تناقش مسرحية النيروز "كطقس أنوطولوجي جمعي"

 

مسقط – الرؤية

أقامت الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء، مساء أمس الأول بمقرها بمرتفعات المطار ممثلة في لجنة التراث غير المادي محاضرة عن التراث الثقافي في الفنون البصرية حملت عنوان "مقاربة لمسرحية النيروز.. كطقس أنطَلُوجي جمعي" قدمتها الدكتورة والناقدة آمنة الربيع.

أدار المحاضرة الكاتب سماء عيسى وتضمنت عرضا تسجيليا لمسرحية النيروز لكاتبها عبد الله البطاشي والمخرج جاسم البطاشي. كما ألقت الدكتورة آمنة الربيع ورقة عمل أشارت فيها إلى أنّ مؤلف مسرحية النيروز عبدالله البطاشي، أحد الكتّاب القلة الذي ما زال يتمسك ويواظب على أن يكتب للمسرح، تارة يتحرك في مسرحياته إلى توظيف التاريخ والفلكلور العماني أو مجرّبا اللجوء إلى الأسطورة والرمز والاستعارة أو معايشا المجتمع بقضاياه المتشابكة والمنغلقة على نفسه. كما عرّفت الدكتورة آمنة الربيع النيروز بأنه طقس وتفكير جمعي في مجال ما أسماه ليفي ستراوس بالتفكير غير النفعي وأنه عقلي وفكري، لأن هدفها هو التوصل بأقصر الوسائل الممكنة إلى فهم عام للكون وشامل. وفيما يتعلق بالنيروز كنص للمؤلف عبداهية البطاشي فتشير الدكتورة آمنة أن المؤلف يفترض وجود فضاء رمزي يوظّفه لخدمة الثنائية الأزلية المفترضة بين صراع القيم على الخير والشر. يكتب المؤلف أن "عنوان المسرحية مأخوذ من فن شعبي بعنوان النيروز يمارس في السلطنة وتحديدا في ولاية قريات. وفن النيروز فن شعبي.. وهو عبارة عن مجموعة من الناس (الصيادين) يخرجون من مساكنهم المؤقتة في فصل الصيف الحار يتخذونها بين المزارع والواحات عائدين إلى بيوتهم في قريتهم الساحلية وفي أثناء العودة يضربون الطبول وينشدون الأناشيد الفرائحية حيث يتحد الرجال في مجموعة في المقدمة وهم يتمايلون في مسيرهم وخلفهم النساء والأطفال يلوحون بأغصان خضراء دلالة على فصل الخصب والربيع والخيرات، ويرافقهم في ذلك بعض الرجال يرتدون ملابس حيوانات خرافية غريبة الشكل والبنية الجسدية .. والأحداث في العرض المسرحي تأتي موظفة لهذا الفن من خلالها كثيمة رئيسة للحكاية الواردة من خيال الكاتب". كما توضح الدكتورة آمنة الربيع أنّ الحكاية بالنص كما تخيلها المؤلف تدور حول (غاشم) الديكتاتور المتحكم بقرى الصيادين، وابنه (نبهان) الشاب المهووس بالقتل وقد اختطفه غاشم من والده وهو طفل رضيع ورباه على القتل. تتصاعد الأحداث لنعرف من خلالها أنّ بالقرية فتاة جميلة تدعى (نورة) ابنة (جمعان) تولد في مقتبل فصل الربيع وتتعرض وأهل القرية لبطش الدكتاتور وولده، فيسجنها غاشم ويدفع ولده لاغتصابها وقتلها ولكن (نبهان) لا يستطيع إذ تتنازعه عوامل نفسية حادة، فيقتل أباه وتتصاعد الأحداث لنعرف في النهاية أن نورة هي أخت نبهان. وفي معركة غير متكافئة بين نبهان وغاشم ومستشاره ينتصر الدكتاتور ويُقتل نبهان، لكنه استنادا إلى الطقس لا يموت بل يعود للحياة، وتتأكد بذلك مقولة استقبال النيروز بميلاد الفتاة وقتل الإبن للأب وقتل الإبن من أنصار الشر ثم عودة الربيع...إلخ.

أمّا فيما يتعلق بـ "النيروز" من حيث لغة العرض والإخراج، فتشير الناقدة الدكتورة آمنة الربيع إلى أن المخرج جاسم البطاشي قدم في النيروز اخراجاً مبتكراً، رغم تكرار بعض عناصر لغة الإخراج في مسرحياته. وقد تبدت براعة عناصر اللغة الإخراجية كذلك في عدد من الإشارات كـالافتتاحية بتمثيل ورقص غرائبي يفترض ممارسة الطقس ونحن نشاهد الدمبوشات، الحيوانات الخرافية الموظفة في فن النيروز ولجوء المخرج إلى التشكيل الكيوغرافي المتوازن على الخشبة وهي هنا أقل اشتغالا مقارنة بمسرحيات سابقة، بهدف توظيف الطقس عبر المجموعة البشرية والدمبوشات واعتماد العرض على تكثيف بؤر الظلام وتوجيه حزم ضوئية لإنارة بعض وجوه الممثلين.

 

تعليق عبر الفيس بوك