علي المعشني
الشَّرْعُ: مصطلح الطريق، ما شَرَعَهُ الله تعالى؛ الصلاةُ واجبة شَرْعاً/ الناسُ في هذا شرْع واحد، أي سواء.
الشرْعِي: المنسوبُ إلى الشرْعِ؛ حُكْم شَرْعي، ما كان مُطابقاً لمقتضيات الشرع؛ زواج شرعي/ الطبيبُ الشرعي، هو المؤهلُ للشهادة أمام المحاكم. ((المعجم المحيط))
شَرْع: (ش.ر.ع)؛ مُصطلح شَرَعَ: "خَضَعَ لِحُكْمِ الشرْعِ": مَا سَنهُ اللهُ وَشَرَعَهُ لِخَلْقِهِ، "هُمْ فِي الأَمْرِ شَرْع": سَوَاء. ((معجم تاج العروس))
الشرْع مصدر. وعند الفقهاءِ ما شرع الله تعالى لعبادهِ. وفي التعريفات الشرع في اللغة عبارة عن البيان والإظهار.. يقال: شرع الله كذا؛ أي جعلهُ طريقًا ومذهبًا. ومنهُ المشروعة..انتهى.
الشرِيعةُ (وجمعها شرائع): ما شرعَه الله لعباده من العقائد والأحكام. الشرِيعةُ: طريقة ومنهج. الشرِيعةُ: مورد الماءِ الذي يُسْتَقَى منه بلا رِشاء. الشرِيعةُ: العَتَبة. لوحا الشريعة: اللوحان اللذان كُتِبت عليهما الوصايا العشر. شَرِيعَةُ الغَابِ: قَانُونُ البَقَاءِ لِلأَقْوَى. ((معجم المعاني))
الشرعية مفهوم أساسي في العلوم السياسية. وإذا كان الأصل العربي للمفهوم يوحي بارتباطه بشكل مباشر بالاتفاق مع "الشرع"، فإن الأصل الأجنبي لا يبتعد عن ذات المعنى كثيرا، وإن كان يساعد في الكشف عن تعدد المصادر الرضائية (أي التي يرتضيها الناس) كأساس للشرعية (ويكيبيديا الموسوعة السياسية).
ويضيف الأستاذ د. سيف الدين عبدالفتاح إسماعيل أستاذ النظرية السياسية بجامعة القاهرة: التعريفات لمفهوم الشرعية، يمكن رصدها في ثلاثة اتجاهات:
1- اتجاه قانوني: يُعرف الشرعية بأنها "سيادة القانون"، أي خضوع السلطات العامة للقانون والالتزام بحدوده، ويمتد القانون ليشمل القواعد القانونية المدونة (الدستور) وغير المدونة (العُرف)- ويقصد بالعُرف: مجموعة القواعد التي درجت عليها الجماعة فترة طويلة بلغت حد التواتر مع شعورهم بإلزام هذه القواعد.
2- اتجاه ديني (القانون الإلهي): ويُعرف الشرعية بأنها "تنفيذ أحكام الدين (القانون الإلهي). وجوهره أن النظام الشرعي هو ذلك النظام الذي يعمل على تطبيق ويلتزم بقواعد الدين (القانون الإلهي)، ويجب فهم الدين بمعنى الحقيقة المُنزلة. ويضم هذا الاتجاه معظم علماء الدين في العصور القديمة والحديثة.
3- اتجاه اجتماعي-سياسي: حيث تُعرف الشرعية بأنها "تقبل غالبية أفراد المجتمع للنظام السياسي وخضوعهم له طواعية؛ لاعتقادهم بأنه يسعى لتحقيق أهداف الجماعة، ويعبر عن قيمها وتوقعاتها، ويتفق مع تصورها عن السلطة وممارساتها".
العُرف والقانون
يتمتَّع العرف بأهمية بالغة بسبب ارتباطه وجودا وعدما بالإرادة الحرة للأفراد التي صنعت هذا العرف. إن العرف في الحقيقة يعبر بمصداقية عن إرادة صانعه بخلاف أي مصدر آخر، فهو ناشئ من قبول استقر في نفوس الأفراد بعد أن تلقته عقولهم وطباعهم السلبية ودون أن يفرض عليهم ذلك من أي جهة.
ويمتاز العرف بأنه يعبر بصدق عن الواقع الإجتماعي والاقتصادي للجماعة، ومن ثم فقواعده تتناسب ومعالجة تلك الظروف وحكم ما ينشأ منها من علاقات، صحيح أن العرف قد يكون فاسدا بسبب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الظالمة التي قد يمر بها مجتمع معين والتي ترجمت سلوكا نشأ منه العرف، ولكننا سنرى أن من أهم شروط العرف أن تتفق قواعده مع النظام العام في المجتمع، هذا النظام الذي يقوم على أسس عادلة تتنافى وقواعد الظلم. كما يمتاز العرف بميزة عملية تتمثل في سده لثغرات النقص التشريعي حيث يكمل ما قد يكونا لمجتمع لم يعره اهتمامه بالتنظيم التشريعي، لكون التشريع لايمكنه الإحاطة بكل شيء، ومن هنا تتدخل إرادة الجماعة بشكل تلقائي لسد النقص مما ينشأ، من تعودهم وإطرادهم على اتباع سلوك معين لمواجهة الحالات الناشئة من الفراغ التشريعي، قواعد ملزمة تحل محل التشريع وهي ما تسمى بقواعد العرف ((المصدر: زدني علمًا)).
مشكلتنا اليوم تكمن في التفجر الضخم للمصطلحات الموازية والتي كست حياتنا بالضبابية وبسطت الكثير من مظاهر وأعراض اللغط واللغو في الحديث وشوهت المفاهيم الحقيقية لتلك المصطلحات في زمن عزت فيه القرءة وقل القراء رغم سيل المعلومات وأقنية المعرفة التي لا تُحصى. فالحديث عن الشرعية والمشروعية حديث لا ينقطع على ألسنة وأقلام من يسمون أنفسهم بالنشطاء والذين تساقطوا علينا كحبات البرد مع مطر الربيع المشؤوم فأصبح لقب الناشط مقرون بمن لا مهنة ولا نشاط له أصلًا. والمصطلحات أعلاه ترد بوضوح على من استشكلت عليه فهم معنى الشرعية ويعاني من أعراض قرصنة فكرية تعرض لها من النشطاء. فمن واقع تلك التعريفات الحقيقية يمكننا الاستنتاج بأن الأسر الحاكمة في أقطارنا هي أسر تحكم بالشرعية العرفية والتي توازي القانون والدستور إن لم تتفوق عليهما.
ومن هنا، فعلينا أن نُسلم ونتفق بألا نختلف في المسلمات أوعليها، بل في الفروع، وهذه الفروع هي كيفية بسط ثقافة الحكم الرشيد وترسيخه والحفاظ عليه وصونه كوننا شعوب لاتصلح لنا نظريات حكم أخرى -في هذا الطور- خلاف ما ألفناه وعلمناه وأعتدنا عليه مع شيء من العصرنة غير المخلة بأصول الحكم وتقاليده.
فثقافة الحكم وفلسفته تنبع وتنشأ من الأسرة وتركيبتها وطريقة إدارتها، فكما تدار الأسرة العربية تدار الدولة العربية؛ فالدولة في النهاية أسرة كبيرة تتمثل في الشعب، وكذلك الحال في نظريات الحكم في الشرق والغرب.
فلا يُعقل أن تكون أبًا مستبدًا في أسرتك وحاكم ديمقراطي مع شعبك؛ فالأب والزوج وفق ثقافتنا العربية مستبدان، والمستبد بطبعه لايؤمن بمشاركة أحد معه في المسؤولية والتصرف والقرار ولكنه حريص كل الحرص في المقابل على إسعاد وراحة وأمن من يعولهم أو يتحمل مسؤوليتهم. وهذا توصيف وليس ذم، والمستبد هو المتفرد في التصرف والمسؤولية وليس الطاغية أو القمعي أو السلبي في تعامله، فنحن في النهاية أبناء ثقافة وموروث قيمي وأخلاقي كباقي شعوب الأرض ولايمكن أن ننسجم مع غير ذلك مهما تغنينا وأستوردنا من نظريات وتجارب، فنظريات الحكم والحرية والديمقراطية في حقيقتها قيم وحاجات وضرورات إنسانية تنمو وفق أطوار المجتمعات وبحسب سعة مداركها وتراكم زادها المعرفي.
----------------------
قبل اللقاء: "لا نمو بلا جذور، وأول الجديد فهم القديم".
وبالشكر تدوم النعم...!