إضراب أطباء الامتياز إلى متى؟!

 

 

خالد الخوالدي

لن أتحدث في هذا المقال عن الأطباء الذين يتوافدون إلى بلادنا من كل حدب وصوب وبعضهم يحمل شهادات مزوّرة أو لا يجيد مهنة الطب إجادة متميزة، بل سوف أتحدث عن أبناء جلدتي الذين ما برحوا يدرسون ليل نهار في جامعاتنا بالسلطنة أو تمّ ابتعاثهم للخارج على نفقة الدولة أو درسوا على حساب أسرهم وأغلبهم يحملون شهادة حب الوطن والإخلاص له قبل شهادتهم العلمية، وبهذا فهم أولى بالتكريم والإشادة والتبجيل والاحترام أكثر من غيرهم؛ ليس كما هو حاصل في هذه الأيام لأطباء الامتياز من التضييق عليهم وإغلاق الأبواب في وجوههم.

إنّ ما وصل إليه أطباء الامتياز من إضراب عن العمل جاء بعد أن طرقوا كل الأبواب الرسمية بداية من وزارة الصحة الجهة المسؤولة مرورًا بعدد من الأجهزة المختصة بمتابعة شؤون الموظفين في الدولة، وانتهاء بمجلس الشورى الذي يعتبرونه الفاصل بينهم وبين الحكومة، لأنّه الناطق باسم الشعب، وينتظرون من كل هذه الجهات تحقيق رغباتهم في الاستقرار الوظيفي أولا والاستقرار المالي، ثانيًا ففي هذا الزمن الذي ارتفعت فيه أسعار كل شيء لا يطيق أحد أن يعمل بالمجان حتى لو تسلّح بالوطنية وحب الوطن.

وأطباء الامتياز جزاهم الله عنّا كل الخير قد تسلّحوا بحب الوطن والمصلحة العليا لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر بدون استلام أي مبالغ مالية تعينهم على إيجار المساكن المرتفع إيجارها في محافظة مسقط والمأكل والمشرب والملبس وغيرها من الأمور الأساسيّة والكمالية التي يحتاجها إي شخص يعيش بعيدا عن أسرته وعائلته، وهم بذلك يضربون مثالا صادقا على التفاني والتضحية من أجل رفعة هذا الوطن الغالي وخدمة أبنائه.

وبغض النظر من هو المحق في هذا الموضوع هل الوزارة أم أطباء الامتياز تظل هذه الشريحة من الشرائح المهمة في المجتمع وسيكون لها شأن كبير في المستقبل ويجب على كل المؤسسات في الدولة أن تقف معهم يدا بيد لا أن تتركهم يستجدون هذا وذاك ويضربون عن العمل، وهي ثقافة بائسة تدل على أنّهم لو وجدوا من يأخذ بأيديهم وبالطرق القانونية لن يستخدموا هذه الطريقة التي أراها مثل الكي فقديمًا قيل (إنّ الكي آخر الطب) وهم استخدموا آخر الأمور التي يستطيعون فيها أن تصل كلمتهم وبقوة إلى الجهات العليا بالدولة وأن تتحرك هذه الجهات لمعالجة الإشكال الذي يعانون منه.

إنّ مهنة الطب يا مسؤولين ليست بالمهنة السهلة، وهي قبل أن تكون مهنة هي شرف وأمانة ورسالة عظيمة يؤديها الأطباء للأمة، فلا ترتقي أمة مريضة ولا تتطور إلى مراتب التقدم أمة تخذل أطباءها؛ فلا تخذلوهم أكثر ولا تتعاونوا على التضحية بهم، فيكفي أنّهم درسوا قرابة العشرين عامًا من عمرهم، وهذه السنوات كلها تعب ومشقة ولا زلت أذكر زملاء السكن من الأطباء الذين لا يسهرون معنا ولا يتجولون في أزقة وشوارع الجامعة معنا وتخلو منهم الصالات الرياضة إلا ما ندر ولا نراهم في السكن الجامعي إلا عند الوجبات الغذائية، يأكلون سريعا ويتكلمون قليلا، ومن يراهم يحسبهم من كوكب آخر حيث أخذت الدراسة تفكيرهم وطاقتهم وشبابهم، فرفقا بهم وكونوا لهم العون والمساعد، فحياة الناس مرهونة بصفاء فكرهم وذهنهم من التفكير في أمور الحياة الأخرى، التي يجب أن تكون موفرة لهم ومسهلة في سبيل أن يبدعوا في أعمالهم فإذا كانوا الآن خريجين جددا فغدًا سيكون منهم الاستشاري والمختص والخبير والجراح المشهور، والبلد بحاجة إليهم وإلى عملهم وإخلاصهم، ويكفي الاعتماد على الوافد الذي لن يكون لديه الإخلاص والأمانة مثل أبناء الوطن، ودمتم ودامت عمان بخير.

 

Khalid1330@hotmail.com