"هيومن رايتس ووتش": تدمير الأكراد لقرى عربية بلا سند "جريمة حرب"

القوات العراقية تستعيد السيطرة على "النمرود" التاريخية.. و"هشاشة" مكاسب الجيش تحاصر سكان الموصل

 

 

 

بغداد – رويترز

قال بيانٌ عسكريٌّ، أمس، إنَّ القوات العراقية انتزعتْ السيطرة على بلدة نمرود التي توجد بها آثار مدينة آشورية قديمة، وكان مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية اجتاحوها قبل عامين. وأضاف: "قطعات الفرقة المدرعة التاسعة تحرر ناحية نمرود بالكامل وترفع العلم العراقي فوق المباني بعد تكبيد العدو خسائر بالأرواح والمعدات".

وتقع بلدة نمرود على بعد كيلومتر واحد غربي أطلال مدينة آشورية قديمة يرجع تاريخها إلى ثلاثة آلاف عام. وسيطرت القوات العراقية أيضا على قرية النعمانية على أطراف المدينة والتي كانت يوما ما عاصمة إمبراطورية آشورية تمتد من مصر إلى أجزاء مما بات يعرف الآن بإيران وتركيا. وتقول الحكومة العراقية إن الجرافات اجتاحت نمرود العام الماضي في إطار حملة الدولة الإسلامية لتدمير آثار يصفها التنظيم المتشدد بأنها أصنام. وكانت لقطات نشرها التنظيم وتردد أنها من نمرود أظهرت أيضا مقاتليه وهم يدمرون قطعا أثرية بآلات ثقب كهربائية ومتفجرات.

وتقع نمرود على الضفة الشرقية لنهر دجلة على بعد نحو 30 كيلومترا جنوبي مدينة الموصل حيث تقاتل القوات العراقية وقوات خاصة مسلحي الدولة الإسلامية لتحرير أكبر مدينة تحت سيطرة المتشددين بالعراق وسوريا.

وعلى جانب آخر، يشعر سكان الأحياء الشرقية في مدينة الموصل بأنهم عُرضة لتهديد متواصل بسبب تقلبات المعركة الضارية الجارية في المدينة حتى بعد تقدم قوات الجيش في أحيائهم وذلك لأن الهجمات المضادة التي يشنها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية كثيرا ما تضعهم من جديد على الخط الأمامي.

وقد واجهت قوات خاصة وفرقة دبابات تقاتل لتوسيع الرقعة التي تسيطر عليها في شرق المدينة منذ ما يقرب من أسبوعين مقاومة مستميتة من جانب الجهاديين الذين شنوا موجات متتالية من التفجيرات الانتحارية وهجمات القناصة ونصبوا لهم الكمائن. وقال الجيش إنه يسيطر على نحو ستة أحياء أو إنه حقق تقدما فيها في مدينة الموصل. غير أن الإعلان عن تحقيق مكاسب كثيرا ما تتبعه تقارير عن تجدد القتال في المناطق ذاتها التي سبق الإعلان عن السيطرة عليها.

وقالت امرأة من سكان حي القادسية الثانية الذي دخلته قوات مكافحة الإرهاب الخاصة يوم الجمعة الماضي لرويترز: إنَّ القوات الخاصة انسحبت فيما بعد وعاد مقاتلو التنظيم. وأضافت "رجعوا لنا وهذا ما كنا نخشاه. خلال الليل وقعت اشتباكات عنيفة وسمعنا انفجارات قوية. وفي بعض الأحياء تناوب الطرفان السيطرة عليها ثلاث أو أربع مرات إذ يشن مقاتلو التنظيم هجماتهم ليلا مستغلين شبكة من الأنفاق ووجود المدنيين كساتر لهم ويستردون ما سبق للجيش أن سيطر عليه في اليوم السابق.

وتمثل قوات مكافحة الإرهاب التي تقود التوغل في الموصل جانبا من قوة قوامها 100 ألف مقاتل من الجيش العراقي وقوات الأمن وقوات البشمركة الكردية وقوات الحشد الشعبي المؤلفة في الأساس من مقاتلين من الشيعة. ويتمثل هدف تلك القوات في إخراج التنظيم من الموصل أكبر مدينة خاضعة لسيطرته في العراق وسوريا. وتعد هذه العملية العسكرية التي تدخل يوم الاثنين أسبوعها الخامس أعقد عملية من نوعها في العراق منذ ما يقرب من عشر سنوات ومن العوامل التي تزيد من صعوبتها وجود أكثر من مليون مدني ما زالوا يعيشون تحت سيطرة التنظيم.

من جانبها، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش أمس إن قوات الأمن الكردية العراقية دمرت بلا أي سند قانوني منازل وقرى عربية في شمال العراق خلال العامين الماضيين فيما قد يعد جريمة حرب. ويشكل مقاتلو البشمركة الأكراد جزءا من تحالف عراقي قوامه 100 ألف مقاتل يخوض معركة لاستعادة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية لكنه لم يحقق حتى الآن سوى تواجد ضئيل في المدينة. وتدعم ضربات جوية بقيادة الولايات المتحدة ومستشارون أمريكيون هذا التحالف. لكن هناك أحقادا لا تزال قائمة وتعود إلى عقود من إساءة معاملة الأكراد من العرب الحاكمين في بغداد خاصة تحت حكم صدام حسين.

وكان استقصاء أجرته رويترز الشهر الماضي خلص إلى أن الأكراد يستغلون الحرب على الدولة الإسلامية لتسوية نزاعات قديمة والاستيلاء على أراض في قطاع تعيش فيه أعراق مختلفة ويفصل بين المنطقة الكردية في الشمال والجزء الذي تقطنه أغلبية عربية في الجنوب. وقالت المنظمة -ومقرها في نيويورك- في تقرير: إنَّ الانتهاكات التي وقعت بين سبتمبر 2014 ومايو 2016 في 21 بلدة وقرية داخل مناطق متنازع عليها بمحافظتي كركوك ونينوي انتهجت "نمطا من عمليات الهدم غير القانونية على ما يبدو". وتخضع هذه المناطق شكلا لسلطة بغداد لكن تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان التي طردت تنظيم الدولة الإسلامية من مناطق بشمال العراق كان التنظيم قد استولى عليها في 2014 واستقبلت أكثر من مليون شخص معظمهم من العرب السنة الذين شردهم الصراع.

ونفت حكومة إقليم كردستان تبني أي سياسة منهجية لتدمير منازل العرب، لكنها قالت: إنَّ البشمركة نفذوا عمليات هدم لأسباب أمنية مثل تطهير المنازل المفخخة. واعتمد تقرير هيومن رايتس ووتش على أكثر من 12 زيارة ميدانية ومقابلات مع أكثر من 120 شاهدا ومسؤولا. ويشير تحليل لصور التقطتها الأقمار الصناعية إلى أن تدمير الممتلكات استهدف السكان العرب بعد فترة طويلة من انتهاء أي ضرورة عسكرية للقيام بمثل هذه الأعمال.

 

تعليق عبر الفيس بوك