المأذونيات الجديدة.. عصا في العَجَلة

 

 

حُمود الطوقي

يحقُّ لوزارة القوى العاملة أنْ تُراجع -بين الفينة والأخرى- القرارات والإجراءات التى تُصدرها؛ بهدف تنظيم قطاع سوق العمل، هذا القطاع الذي يُعدُّ أحد أهم القطاعات تعقيدا وتشعُّبا نظراً لتنوُّع طبيعة القوى العاملة التي يحتاجها.

بالأمس فاجأتنا الوزارة الموقرة بإصدار حزمة من القرارات، تنصبُّ جُلها في خانة رفع رسوم استخراج التصاريح (المأذونية) للقوى العاملة الوافدة في مختلف المهن التي يحتاجها سوق العمل.

وعلى الرغم من أحقية الوزارة في ذلك -كونها الجهة المعنية بتنظيم سوق العمل، والمنفردة بإصدار القرارات التي تعود بالنفع على هذا القطاع بشكل خاص، وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام- إلا أنه كان من الأجدى أن يتم عقد جلسة حوار مع الأطراف ذات العلاقة للتشاور والتفاهم حول آلية الزيادة، والهدف من وراء هذا القرار، والمتوقع من الزيادة على المدى الطويل. والمطروح هنا هو: هل سيتم فتح الباب على مصراعيه للسماح بجلب القوى العاملة بأي عدد كان، ما دام صاحب العمل قادراً على دفع الرسوم الجديدة؟ أم أنَّ الأمر يهدف إلى تقليص أعداد العمَّال بهدف مُحاربة "التجارة المستترة" التي أصبحت تنخر في الاقتصاد؟

شخصيًّا كُنت أتمنى أنْ لا يشمل هذا القرار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، خاصة الجادة منها، والتي لديها ما يُسمَّى بـ"بطاقة رواد الأعمال"، التي تمنحها الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويعمل أصحابها برؤية واضحة لتحقيق النجاح؛ في ظل دعم وتشجيع الحكومة لهذه الفئة من الشركات.

المستغرَب هُنا هو أنَّ قرار الوزارة يبدو شموليًّا، بينما كان ينبغي أن تَضَع في عين الاعتبار أحجامَ هذه الشركات، ومدى احتياجها للقوى العاملة الوافدة، مع الوضع في الاعتبار نسبة الزيادة؛ بحيث يتم وضع جدول يوضح أحجام الزيادات في الرسوم، من منطلق "لا ضرر ولا ضرار".

فرواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يرون هذه الزيادة عبئا على مؤسساتهم؛ لأنَّ المبلغ كبير مقارنة بأحجام واحتياجات شركاتهم إلى القوى العاملة الوافدة.

وسبق أن تقدَّمتُ بمقترح إلى وزارة القوى العاملة بأن يتم إصدار تشريع خاص للشركات التي تنضوي تحت فئة الدرجة الرابعة، وهي الفئة التي تكثُر فيها أعداد القوى العاملة الوافدة المسرَّحة، وأيضا الشركات العاملة بـ"التجارة المستترة"، ولا يمنع أن تفرض عليها قيود بهدف تنظيم السوق.

لكن في حالة وجود شركات معروفة ومعلومة لدى الجهات ذات الاختصاص -مثل: الهيئة العامة لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة، وصندوق الرفد- فكان على الوزارة التريث في رفع الرسوم على هذه الفئة التي تعمل بعيدا عن أية شوائب، وتسعى للمساهمة في رفد الاقتصاد الوطني من خلال ما تمارسه من أنشطة.

أتمنَّى على الوزارة إعادة النظر في القرار بأن يتم استثناء الشركات الصغيرة والمتوسطة من رفع الرسوم أثناء استخراج المأذونيات، ومنحها -على الأقل- فترة سماح لمدة 5 سنوات، حتى تتمكن من الارتقاء بمؤسساتها الصغيرة، لتصبح كبيرة، وتستطيع أن تُسهم بفاعلية في رفد عجلة الاقتصاد.