التعاون لتجاوز الأزمة

 

 

تتواصل الاجتماعات في مُنظمة البلدان المُصدِّرة للنفط "أوبك" رغبة من الدول الأعضاء واللاعبين الكبار في سوق النفط العالمي في التوصل لاتِّفاق من شأنه أن يُسهم في خفض مُعدلات إنتاج الخام التي بلغت مستويات قياسية، وتسبب ذلك في تراجعات حادة بأسعار النفط لم تشهدها على مدى عقود.

اجتماع المنظمة الأخير مع الدول غير الأعضاء الذي عقد أمس، هدف في المقام الأوَّل إلى التوصل إلى صيغة تفاهمية بشأن السبل التي يُمكن اتبعاها من أجل وضع جدول زمني وآلية مُحددة تضمن كبح منظمة أوبك لإنتاج أعضائها وتخفيضه، بما يضمن استعادة السوق لتوازنها، وعودة الأسعار إلى مستويات مقبولة، تغطي تكلفة الإنتاج وتحقق هامش ربح جيد للدول المصدرة للخام.

وعلى الرغم من عدم اتفاق الدول الأعضاء على آلية محددة لاتخاذ إجراء بالخفض والتثبيت، إلا أنّ هناك ما يُبشر بالاتفاق في نهاية المطاف، خاصة مع سعي كبار المُنتجين سواء من داخل المنظمة أو خارجها للاتفاق على حل يُنهي نحو عامين من التراجع المستمر للخام الأسود.

وقد بلغت معدلات إنتاج النفط مستويات قياسية مرتفعة، في ظل التنافس الشديد بين منتجي النفط الأحفوري والنفط الصخري، على حصة السوق، وهي المسألة التي ضربت سوق النفط في داخله، وهددت بانهيار الأسواق وإصابة الاقتصاد العالمي بركود لم يكن ليتعافى منه إلا بعد عقود طويلة.

ولكن في ظل الضغوط المتواصلة على ميزانيات الدول، سواء تلك المُنتجة للنفط بمعدلات كبيرة أو بمعدلات ضئيلة، لم تجد الدول المُهيمنة على القرار داخل المنظمة الدولية إلا أن تتراجع عن تعنتها إزاء ما عرف وقتها بـ"الحصة السوقية" مقابل استعادة الأسعار لعافيتها والارتفاع لمعدلات 60-70 دولارا للبرميل، الأمر الذي منح قبلة الحياة من جديد لأسعار الخامات حول العالم. وربما يشهد العام 2017 ارتفاعًا جديدًا بالأسعار إذا ما واصل منتجو النفط خطط كبح الإنتاج والبحث عن حلول لثنائية الحصة والسعر.

إننا نأمل أن تُفضي مثل هذه الاجتماعات المتواصلة من قبل المنظمة- سواء مع أعضائها أو غير أعضائها- إلى نتائج محفزة للاقتصادات تُسهم في تجاوز الأزمة التي نالت من معدلات النمو، وزادت من تداعيات حالة الركود العالمي بالأسواق وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي، فضلاً عن التوترات الجيوسياسية والحروب الإقليمية والدولية.

تعليق عبر الفيس بوك