كركوك – الوكالات
قال عاملون في مجال المساعدات الإنسانية وسكان أمس إن مئات من الأسر العربية السنية النازحة غادرت كركوك قسرا بعد هجوم تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة التي يسيطر عليها الأكراد والذي تشتبه السلطات أن خلايا سنية نائمة ساعدته. وقالت مصادر إن الأسر السنية التي كانت تتخذ مأوى لها في محافظة كركوك التي يسيطر عليها الأكراد هربا من الصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية بدأت في الخروج بعد أن طلبت منها السلطات يوم الأحد المغادرة أو مواجهة الطرد.
ولجأ نحو 330 ألفا من العرب السنة إلى محافظة كركوك الغنية بالنفط خلال العامين الماضيين بعد أن اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية شمال ووسط وغرب العراق عام 2014. وفر البعض بسبب القتال بينما فر البعض الآخر هربا من القواعد القاسية التي يفرضها التنظيم المتشدد وظروف الحياة الصعبة في قراهم وبلداتهم.
واقتحم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية مراكز شرطة ومباني في كركوك يوم الجمعة وقتلوا نحو مئة من أفراد قوات الأمن والمدنيين. وقتل 63 من المتشددين في المعارك التي استمرت حتى يوم الأحد عندما استعادت السلطات السيطرة. ونفذ المتشددون العملية لتخفيف الضغط على الموصل آخر مدينة كبيرة يسيطرون عليها في العراق حيث يتصدى التنظيم لهجوم تشنه وحدات من الجيش العراقي مدعومة بتحالف تقوده الولايات المتحدة.
ويعتقد أن المتشددين جاءوا من الحويجة وهي جيب مازال تحت سيطرتهم غربي كركوك لكن السلطات تشتبه في أنهم تلقوا مساعدة من خلايا نائمة بين النازحين أو حتى السكان العرب السنة.
وقال أحد العاملين المحليين في مجال المساعدات الإنسانية إنّه تمَّ إحصاء أكثر من 250 ألف أسرة وهي تغادر من نقطة تفتيش رئيسية في طريقها إلى خارج المدينة يوم الإثنين وإن المزيد رحلوا يوم الثلاثاء وأضاف أن بعضهم يتجهون إلى مخيمات أخرى للنازحين والبعض يحاولون العودة لديارهم. وامتنع متحدثون باسم وزارة الهجرة والمهجرين في بغداد والسلطات المحلية الكردية عن التعليق.
وكركوك محل نزاع كبير في العراق بسبب تركيبتها السكانية المعقدة. وسيطر الأكراد على المحافظة بالكامل في عام 2014 بعد أن اجتاح التنظيم المتشدد أجزاء كبيرة من شمال البلاد وتفكك الكثير من فرق الجيش العراقي.
ويشكو العرب من أنَّ الأكراد تدفقوا على كركوك منذ ذلك الحين لتغيير التوازن السكاني في حين يقول الأكراد إنهم يصححون خطأ تاريخيًا ارتكبه صدام حسين الرئيس السني الذي أطيح به أثناء غزو قادته الولايات المتحدة في عام 2003.
من جانبها، عبرت الأمم المتحدة عن قلقها أمس من إجبار السلطات الكردية 250 عائلة نازحة من العرب السنة على مغادرة كركوك بعد هجوم لتنظيم الدولة الإسلامية على المدينة الخاضعة لسيطرة الأكراد ووصفت الخطوة بأنها "عقاب جماعي".
وقالت ليز جراند منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق خلال مقابلة مع رويترز إن هذا الإجراء جاء قبل أيام من نزوح جماعي متوقع في مدينة الموصل بشمال العراق حيث تشن القوات العراقية هجومًا ضد الدولة الإسلامية بدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وأضافت "أُبلغنا أنه بعد يومين من هجوم تنظيم الدولة الإسلامية أو داعش أعلنت السلطات في كركوك أنها ستطرد السكان المدنيين (من العرب السنة النازحين) وبعد بضع ساعات من هذا الإعلان فهمنا أن نحو 250 أسرة مدنية شعرت أنه ليس أمامها خيار سوى المغادرة." وتابعت "الأمم المتحدة تشعر بقلق شديد إزاء أي عمل يمكن اعتباره عقاباً جماعيًا." وأضافت أنها قلقة من أن تصبح هذه الخطوة سابقة.
وقالت جراند "من حق النازحين أن يقرروا متى يعودون وأين سيقيمون. لا يمكن طردهم لذلك نحن قلقون من هذه السابقة." وتابعت أن النازحين غادروا متجهين إلى محافظات قريبة مثل صلاح الدين والأنبار وديالى.