مختصون ومواطنون: أدوية الإنترنت سم قاتل ومضاعفاتها الصحية خطيرة .. والتوعية ضرورية

الرؤية- عزة الحسيني

نبَّه عددٌ من المُختصين والمواطنين إلى خطورة شراء الأدوية عبر الإنترنت، خاصة وأنّها تعد مجهولة المصدر، وحذروا من الانسياق وراء الإعلانات المضللة لبعض المستحضرات التي تحتوي على مواد مغشوشة وسامة وذات خطورة على المستخدم، حيث تلقى هذه الأدوية إقبالاً رغم سلبياتها الكبيرة، ودعا المختصون الجهات المعنية للقيام بحملات توعوية حول خطورة هذه الأدوية والمستحضرات على صحة الإنسان.

وفي هذا الصَّدد يرى د. علي الريسي - أخصائي أوّل في الأمراض الباطنية والغدد الصماء أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، فهي تستخدم لترويج الأفكار الإيجابية النافعة أو السلبية الضارة وكذلك لترويج الكثير من المُنتجات سواء النافعة أو ذات الآثار السلبية الضارة.

وأضاف: مع انتشار الأمراض المزمنة في عصرنا ظهرت الكثير من المنتجات تحت لافتة ما يُسمى بالطب البديل وتروج على أنّها أثبتت مفعولها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام أسماء شخصيات قد تكون حقيقية أو مستعارة وكأنها تقدم المعجزات في العلاج والشفاء وتجد الكثيرين يقبلون عليها طلباً للشفاء وهروباً من الأدوية ومضاعفاتها.

وتناول الريسي بعض الآثار التي تمر عليه خلال ممارسته اليومية وقال: تنتشر بين الحين والآخر بعض المُنتجات التي يروج لها كعلاج نهائي لمرض السكري على أنّها علاج نهائي، تحت مزاعم أنّها أثبتت فعاليتها بعد أن جربها الكثير من المرضى، وعند التأكد من حقيقة هذه المزاعم تجدها خالية من أية دراسات علمية معتمدة، ورغم ذلك هناك مرضى يتأثرون بتلك الدعايات الكاذبة وخاصة المرضى الذين يعتمدون على الآنسولين، فيسارعون لاستخدام تلك المُنتجات مما ينتج عنه مضاعفات خطيرة مثل ارتفاع معدل السكر والحموضة في الدَّم مع مضاعفات أخرى، مما يتطلب علاجاً عاجلاً بالآنسولين والسقايات المُغذية عن طريق الوريد وقد يحتاج المريض للتنويم في العناية المركزة إذا تأخر في طلب العلاج.

وأضاف أنَّه في بعض الأحيان تنتشر مُنتجات يروّج لها كعلاج نهائي لمرضى الكلى ويُغنيهم عن الغسيل مما يجعل البعض يصدق تلك الدعاية الكاذبة ويترك الغسيل فتنتكس حالته الصحية.

وأكد الدكتور على الريسي أنَّ بعض المنتجات لها آثار سلبية على مرضى الضغط والسكري والقلب وتصلب الشرايين، ونبَّه إلى أنَّ بعض المُنتجات المستخدمة لعلاج ألم المفاصل تحتوي على الكورتيزون والمعروف بآثاره الجانبية إذا استخدم بدون وصفة طبية.

ودعا إلى نشر الوعي والثقافة الصحية في أوساط المجتمع حول مفهوم الأمراض المزمنة وضرورة استخدام العلاجات والاستمرار عليها والمضاعفات الجانبية لتركها، بالإضافة إلى تعريف المجتمع بالطب البديل وفوائده ومضاره إذا استغل كتجارة وترويج مادي، وشدد على أهمية دور الإعلام الإيجابي في نشر الوعي بين أفراد المجتمع وتحري الأمانة العلمية والأخلاقية في ترويح المنتجات الدوائية في وسائل التواصل الاجتماعي، وضرورة وجود مختبرات تقوم بتحليل محتوى هذه المنتجات قبل انتشارها في الأسواق.

مصداقية وثقة

وتروي عزيزة الخصيبية خبيرة المواد التجميلية تجربتها في مجال التجميل فتقول إنّ بدايتها كانت تلبية لحاجاتها الشخصية فقط دون أن تفكر في تسويق المستحضرات وبدأ الأمر بعد حملها الأوَّل بعد أن أصبحت بشرتها مهملة فقد قامت بالبحث عن طريق الإنترنت نتج عنها قاعدة معلوماتية جيدة فتوجهت بعدها إلى السوق المحلي وشراء المكونات وخلطها وتجربتها على نفسها ومن ثم على الأقارب والأصدقاء حتى اتسعت الدائرة وتحول الأمر إلى تجارة واختارت الانستجرام والسناب شات كمنصة فعالة لعرض منتجاتها، وترى الخصيبية أن وسائل التواصل الاجتماعي كان لها الفضل الأكبر في كسب ثقة الزبائن.

وتضيف أن مصداقيتها مع الزبائن كانت الأساس الذي اعتمدت عليه في الترويج لهذه المُنتجات فكانت تجرب أيّ منتج بعد إعداده مباشرة لتقرر إن كان صالحاً أم لا، ولهذا فهي تؤكد أنّ كل المكونات التي تستخدمها آمنة ومتواجدة لدى العطارين.

وتقول: غالبا ما يأتيني زبائن وهم يحملون فكرة سيئة عن المستحضرات التجميلية، نظرًا لخلفيات استخدامهم لمنتجات مغشوشة ولكن فكرتهم تتغير تباعاً مع استخدام منتجاتي فأتعامل معهم بسلاسة وثقة بعد ذلك بعد اقتناعهم بجودتها وفعاليتها.

 الغش والتدليس

وقال الشيخ مُنذر السيفي الواعظ بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية إنّ التسويق الشبكي نوع جديد من أنواع الترويج للمنتجات المختلفة، ويكثر في هذه المعاملة الغش والتلبيس والتدليس على الناس من جهة إغرائهم بالنتائج الكبيرة التي لا تتحقق غالباً وهذا من الغش الذي جاءت حرمته في الشريعة الإسلامية حيث قال صلى الله عليه وسلم "من غشنا فليس منِّا" .

 وأضاف أنَّ قيمة المنتج أو آثاره لا تعني أحداً من المتعاملين على الشبكة الإلكترونية، فالأغلبية يسعون إلى الحصول على عائد من التسويق وزيادة عدد المشتركين.

وأوضح أنّ العلماء الذين أجازوا التسويق الشبكي احتجوا بعدة أدلة تتعلق بالأصل في المعاملات المالية، وهذا ما أقرته الشريعة الغراء حيث قال تعالى "وأحل الله البيع وحرم الربا".

وأشار السيفي إلى فتوى الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة عن حكم التسويق الشبكي فقال: التسويق الشبكي مناقض للأدلة المُتصلة بالمعاملات المالية بل كثير من هذه الشركات شركات وهمية والبضاعة التي تروج لها بضاعة رخيصة لا يراد منها إلا الحصول على المبالغ التي تأتي من المُشتركين الذين يجتهد الوسيط أو العميل السمسار في جلبهم وقال ليس فيها أيّ نشاط حقيقي.

إجراءات قانونية

 وبدوره قال معاذ اللزامي المحامي إنّ التسوق عبر الإنترنت هو إحدى نتائج التطور الإلكتروني الكبير الذي حدث مؤخراً، وهو كأيّ معاملة بيع وشراء عادية، إلا أنها تتم من خلال وسيلة تتصل بالتقنية الحديثة، ويدخل فيها العديد من المنتجات والبضائع، وهذا النوع من المعاملات الإلكترونية يشهد توسعاً حذراً بالسلطنة وإقبال خجولا.

ولفت إلى أنَّ عملية الشراء والبيع عبر الإنترنت تُحيط بها العديد من العقبات والمخاوف سواء لدى البائع أو المُشتري أبرزها عدم الاطلاع على مُستجدات وتطورات التقنيات الحديثة. وبالرغم مما تتميز به هذه المعاملات من توفير للوقت وتدني لتكلفتها وسهولة الوصول إليها إلا أنَّ هنالك من وقع ضحية لمعاملات وهمية أو أخطاء في التعاقد نظرًا لقلة خبرته في تقنية المعلومات وعدم اطلاعه على القانون والحماية التي فرضها لأطراف هذه المنظومة الإلكترونية.

وأضاف: كانت السلطنة سباقة في خلق بيئة قانونية لهذا التعامل تمثل في قانون المعاملات الإلكترونية والصادر بالمرسوم السلطاني رقم: (٢٠٠٨/٦٩) والذي شكل بيئةً تشريعية لمنظومة المُعاملات الإلكترونية.

وأكدت المادة: (١٣) من ذات القانون أنَّ للعقود الإلكترونية ذات الآثار القانونية المتعلقة بالعقود التي تبرم بالأساليب العادية من حيث الإثبات والصحة والقابلية للتنفيذ وغيرها من الأحكام، وبالتالي لا يختلف العقد المبرم في الوسط الإلكتروني عن نظيره في الوسط التقليدي. فالتعبير عن الإيجاب والقبول بواسطة رسائل إلكترونية يكون ملزمًا لجميع الأطراف متى تمّ وفق القانون. فإذا ما نظرنا لقانون المعاملات الإلكترونية نجد أن المشرع أشار في الفصل الثالث من ذات القانون إلى: "أنّ الإيجاب والقبول إذا ما تم بواسطة رسائل إلكترونية يعتبر ذلك التعبير ملزماً ولا يفقد العقد صحته وقابليته للتنفيذ بمجرد أنّه أبرم بواسطة رسائل إلكترونية".

وذكر أنَّ هدف القانون الأساسي هو تسهيل المعاملات الإلكترونية والتقليل من حالات الاحتيال والعقود الوهمية وتعزيز الثقة في صحة وسلامة المعاملات الإلكترونية، ويتضح هذا بجلاء في مواد القانون ذاته والتي تناولت إجراءات توثيق الرسائل الإلكترونية والتصديق عليها، ومعاقبة أي شخص يُعيق أو يُهدد استقرارها.

وبالإضافة إلى قانون المعاملات الإلكترونية هناك قوانين تقف بجانب الأول لنشر الأمن الإلكتروني مثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم: (٢٠١١/١٢)

ونبَّه إلى قانون الجزاء العُماني الصادر بالمرسوم السلطاني

 رقم: (١٩٧٤/٧)، والتي تعد الرادع لمن سولت له نفسه استغلال سلاح التقنية لأجل أن يضر به الآخرين.

واختتم اللزامي بالقول: " ينبغي على كل من يتعامل بهذا النوع من المعاملات أن يكون مطلعًا وبشكل كافٍ على القانون وعلى مستجدات التقنية وإجراءات توثيق وتصديق الوسط الإلكتروني؛ تجنباً للغش والاحتيال وغيرها من المخاطر، حتى يكون آمنا تحت مظلة القانون.

سلطان سعيد يروي تجربته قائلاً إنّه اشترى من خلال الإنترنت أدوية عشبية لأبيه الذي يعاني من السكر، وصدّق ما قيل عن الدواء بأنّه ذو فعالية كبيرة، وتبين العكس تماماً عندما ساءت حالة والده الذي بدأ يعاني من مضاعفات صحية خطيرة، ولهذا يبدي سلطان استغرابه من عدم وجود توعية ضد هذه الأدوية وخطورتها على الصحة.

بينما تنصح نعيمة سيف بعدم شراء المستحضرات والأدوية من مواقع إنترنت فقد يكون الدواء مغشوشاً ولا يحتوي على مواده الفاعلة ولا يستبعد خلطه مع مواد خطرة ويتسبب ذلك في حدوث مشاكل صحية كبيرة.

ويرجع ناصر عبد الله أسباب لجوء بعض المتضررين لشراء الأدوية عبر الإنترنت لرخص سعرها عن تلك المرخصة، ويقول: لا يمكن للمتصفح العادي التفريق بين المواقع الجادة والمزيفة فنرى إعلانات لأدوية التخسيس والخلطات الشعبية وأدوية العجز الجنسي يكثر الإقبال عليها لذا يجب أن يستشير المرء الطبيب أو الصيدلاني والحصول على الدواء من مكان موثوق.

 

تعليق عبر الفيس بوك