مرافئ اقتصادية

الواجهة البحرية بصور العفية

محمد بن عيسى البلوشي

كاتب وصحفي إقتصادي

لا شك أنَّ ولاية صور غنية بتراثها الضارب في جذور  التاريخ والحضارة البشرية، فمن يزور رأس الجنز يلامس حياة الإنسان كيف كانت منذ آلاف السنين، وهي شاخصة لزائر محمية السلاحف هناك.

ومن يسأل عن ميناء صور القديم، فأدعوة إلى زيارة خور البطح الذي يزدان اليوم بمبنى عصري راقٍ وجسر مُعلق يربط حورية العفية العيجة بقلب أمها النابض، وما يجاورهما من مساحة لصناعة السفن التقليدية.

ومن هناك وعلى مسافة ليست ببعيدة تستريح سفينة الغنجة العتيدة في مركز أعد لها، وما يميز مكانها الحالي وجودها في مساحة مستقلة تشرف على ميناء بحري طبيعي، كان  أصحاب السفن يلجأون إليه في ساعات الأنواء المناخية الصعبة ويستعملونه في صيانة سفنهم مع حدوث الجزر. وما يزيد جمال هذه المساحة الجغرافية المهمة من صور العفية، المنازل القديمة والتي لا زالت رائحة العود والبخور الصوري تفوح منها.

ومع هذه المقومات السياحية الاستثنائية التي تتمتع بها ولاية صور حاضرة محافظة جنوب الشرقية وعاصمتها الإدارية، إلا أنها تفتقد لاستثمار تلك المقدرات الاقتصادية، فإلى الآن يأتي الزائر إلى تلك الأمكنة ولا يجد أبسط الخدمات السياحية التي يحتاجها من استراحات أو مطاعم أو خدمات ضرورية أخرى.

أعتقد بأن استثمار المساحة الواقعة من بوابة خور البطح إلى ما بعد مركز فتح الخير، كواجهة بحرية سياحية لهو خير مشروع اقتصادي يوظف تلك المقدرات، وسيكون له قيمة مضافة تستطيع الحكومة من خلال شركة عمران أو غيرها من الشركات المتخصصة تنفيذها خصوصاً في هذا التوقيت المهم والتي تنشد فيه السلطنة إلى تنويع مصادر الدخل.

إنّ وجود بوابة بحرية سياحية في ولاية صور سيكسب المنطقة أهمية اقتصادية من خلال توفير المرافق المتنوعة كالفنادق والمطاعم والمقاهي والممشى إلى جانب المحلات التجارية، ووجود مرسى للسفن السياحية ومقر دائم لصناعة السفن الخشبية ولصيانتها.

كما يمكن للحكومة تضمين مشروعها الخاص بإنشاء متحف للتاريخ البحري العماني كمكون أساسي ومهم لهذه الواجهة والتي ستجعل من  (الفنر) المقابل للمنطقة ميزة لن تجد لها مثيل في السلطنة.

لا شك أن مثل هذه المشاريع العملاقة يجب التخطيط لها مسبقًا، وهذه دعوة للجهات المعنية ومنها وزارة السياحة ووزارة التراث والثقافة والهيئة العامة للصناعات الحرفية وأيضاً شركة عمران الذراع الاستثماري الحكومي في المجال السياحي، للجلوس على طاولة واحدة والتخطيط لمستقبل هذه المنطقة من خلال مشروع الواجهة البحرية أو غيرها من المشاريع، وعدم إبقاء تلك المنطقة مثلما هي الآن، والعمل على استثمارها بما يعظم العائد السياحي والاقتصادي وبما يكفل إيجاد فرص جديدة للأعمال الحرة الصغيرة منها والمتوسطة وأيضًا الوظائف المتنوعة.

علينا جميعاً أن نفكر جدياً في استثمار كافة الظروف والإمكانيات، فالنعم تدوم بالحمد والاستثمار والتشغيل وتعظيم عوائدها، وهذا هو السر الحقيقي لتطور المجتمعات.