الهوة السحيقة في اليمن

 

 

يُعاني اليمن الذي لم يعُد سعيدًا بأيّ حال من أزمة إنسانية مُدمرة، في ظل استمرار الحرب الدائرة هناك، أتت على الأخضر واليابس، ولم تترك قطاعًا إلا ونالت منه، ولم ينج من نيران هذه الحرب الأطفال والنساء والشيوخ فضلاً عن الشباب، ليتحول اليمن اليوم إلى دولة فاشلة تُعاني الفقر المدقع وتشرد سكانها، بعدما سقطت الدولة في هوة سحيقة لا قرار لها.

ففي ظل الاقتتال الداخلي وتعثر المفاوضات وصمت المجتمع الدولي إزاء ما يجري من مخالفات صريحة وانتهاكات غير مسبوقة للقوانين والأعراف الدولية، يئن المواطن اليمني من انعدام المواد الغذائية، ويؤكد ذلك التقرير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة، الذي تذكر فيه أنّ قرابة 3 ملايين شخص في اليمن يحتاجون إمدادات غذائية فورية، بينما يُعاني 1.5 مليون طفل من سوء التغذية، لدرجة أن 370 ألفًا يعانون من حالات بالغة السوء. والمتمعن في هذه الأرقام، يدرك جيدًا أنّ الأزمة الإنسانية في اليمن غير مسبوقة في هذا البلد، كما إن نقص الغذاء يؤدي بالضرورة إلى ضعف جهاز المناعة لدى الأطفال، وبالتالي فإنّهم عرضة لمختلف الأمراض القاتلة، وليس فقط تداعيات سوء التغذية، التي من بينها الهزال الشديد في هيئة الجسم، والتقزم، والأمراض الجلدية، وغيرها الكثير...

إنّ ناقوس الخطر يقرع بقوة في اليمن، للتَّحذير من العواقب الأكثر إيلامًا للشعب اليمني، بينما المتناحرون على سدة الحكم وكرسي الرئاسة، يحيون عيشة رغدة في عواصم المنطقة، فمن يقف إلى جانب الشعب اليمني، ومن يرفع عنه هذه المعاناة البالغة القسوة.

وبالتوازي مع سوء التَّغذية، يتفشى وباء الكوليرا في هذا البلد المنكوب، وهو ما يضاعف المخاطر الصحية على السكان لاسيما الأطفال منهم، الذين باتوا يعانون في ظل هذه الأوضاع بؤساً مضاعفاً، فلا هم قادرون على العيش كأطفال طبيعين يتلقون دروسهم على مقاعد المدارس والمؤسسات التعليمية، ولا هم يعيشون حياة خالية من الأمراض، بل إنَّ الحرب فاقمت أوضاعهم وشردتهم مع أسرهم من النازحين بعيداً عن لهب القاذفات وأزيز الطائرات الذي يصم الآذان.

لقد بات حتميًا أكثر من أيّ وقت مضى، أن يحشد المجتمع الدولي، بما فيه من منظمات إغاثة ودعم ومساندة للأطفال، كي يرفع الغبن عن هؤلاء الصغار، ويحميهم من بطش الكبار، الذين يعيثون فسادا في هذه الأرض.

تعليق عبر الفيس بوك