في ندوة جمعية الكتاب والأدباء بالبريمي

باحثون وأدباء: سيمياء الثقافة العمانية قائمة على الموروث المتنوع المميز لحضارة السلطنة

( الشامسي: البحور التي كان يكتب عليها الشعراء الشعبيون في عُمان كانت قصيرة وسريعة الإيقاع )

الرؤية – محمد قنات

 احتضنت مُحافظة البريمي خلال اليومين الماضيين مجموعة من الأدباء والباحثين والمُفكرين العُمانيين في ندوة نظمتها الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء عن سيمياء الثقافة التي تؤكد أنّ تتعدد الأنماط الثقافية في السلطنة سمة مميزة لحضاراتها حيث بات هذا التنوع الثقافي علامة واضحة يتميز بها المجتمع العماني الذي يتوحد خلف هذه الثقافة العمانية الأصيلة.

وتحدَّث الدكتور محمد الكندي رئيس مجلس الاستشارات الجيولوجية في الندوة مشيرًا إلى أّنَّ محافظة البريمي تمتاز باحتوائها على أصناف متباينة من التكوينات الصخرية، ويمكن تقسيم هذه التكوينات إلى ثلاثة أنواع مختلفة، أقدم هذه الأنواع هي صخور القشرة المحيطية التي اعتلت الجزء الشمالي من أرض عُمان في نهاية العصر الطباشيري قبل أكثر من 80 مليون عام، وتنقسم هذه الصخور المحيطية إلى نوعين رَئيسيْن، هما رسوبيات قعر المحيط والمنحدرات القارية التي تعرف بمجموعة صخور السميني، نسبة إلى جبل السميني في ولاية محضة، وصخور الأفيولايت النارية التي تُغطي الجزء الشمالي الغربي من المحافظة، وهي تمثل قشرة محيط قديم كان يَحُدُّ الناحيةَ الشماليةَ من عمان، ولم يبق من هذا المحيط الهائل اليوم إلا بحر عمان إذ تقلصت مساحتُه بسبب العوامل التكتونية وحركة الصفائح الأرضية.

 وأضاف الكندي أنه عادة ما تَظهر صخور الأفيولايت باللون البني الغامق وتُكَوِّن قمما حادة غير شاهقة، أما النوع الثاني من الصخور فهي صخور القشرة الأرضية التي تمثلها الصخور الكربونية البحرية في الناحية الغربية من المحافظة كما هو الحال في جبل حفيت وجبل الروضة وجبل القطار والجزء الغربي من جبل السميني، وهذه الصخور تحتوي على أنواعٍ عديدة من الأحافير البحرية كالمرجان والقواقع والمحاريات والعوالق البحرية التي ترسبت في عصور الحياة المتوسطة والحديثة عندما ازدهرت الحياة وتنوعت في البحار الضحلة التي غمرت أغلب أجزاء عمان في الفترة الواقعة بين نحو 80 مليون عام إلى نحو 40 مليون عام، ومن أشهر أحافير الكائنات البحرية أحافير حيوان الرودست البحري المنقرض في نهاية حقبة الحياة المتوسطة، وأخيرا يتميز الجزء الجنوبي من محافظة البريمي بصخور رسوبية حديثة ترسبت بفعل مياه الأودية أو بفعل الرياح في فترات مطيرة أو جافة خلال آلاف السنين الماضية.

وذهبت دكتورة وفاء الشامسي في ورقة عن البنى الصوتية والصرفية والنحوية للهجة البريمي المحكية إلى أن علم اللغة علمٌ واسع ومتفرع، وهو يُعنى بدراسة اللغة على نحوٍ علمي أو موضوعي وعلم اللغة يهتم بقضية الأصوات وكتابتها من حيث أصوات الحروف وأعضاء النطق وعملية الكلام وتصنيف الأصوات اللغوية إلى همس وجهر وإطباق، كما يتعرض إلى صوامت وحركات ومخارج. ويهتم علم اللغة بوسائل تكوين الكلمات من بناء الكلمة أو الوحدات الصرفية المختلفة، والتغيرات التي تطرأ على البنية الصرفية لاعتباراتِ صوتيةِ اللهجة، كما أنّه يدرس كيفية تكوين الجمل من الكلمات المختلفة وهو مجال يتداخل مع علمي النحو والبلاغة.

وأضافت الشامسية أنّ اللهجات جزء لا يتجزأ من علم اللغة، خاصة أن اللهجة تعبر عن مجموعة من الصفات اللغوية التي تنتمي لمجتمع معين، أو بيئة بعينها. لقد كانت اللهجات قبل الإسلام متنوعة ومختلفة من حيث المفردات والأساليب والتراكيب، ورغم ذلك فقد جمعت بين الناس لهجة موحدة - في تلك الفترة- تم استخدامها في كتابة القصائد والعهود والمواثيق، وقد نزل القرآن الكريم بها، إلى جانب اللهجات الأخرى التي استمرت في المجتمعات العربية كلهجة تميم وأهل اليمن وغيرهما. ومن خلال الورقة أشارت إلى أن لهجة البريمي لها نغمات ذات تذبذب عال مما يؤدي إلى وجود غنة ملحوظة في نطق الأصوات، وخصوصا في أثناء نطق الأصوات ذات المخارج الجانبية أو الاحتكاكية أو الأنفية.

وأوضح راشد بن سعيد الشامسي في ورقته "بحور منسية" أن الكثير من البحور التي كان يكتب عليها أسلافنا من الشعراء الشعبيين في سلطنة عمان وما جاورها من دولة الإمارات العربية المتحدة كانت تأتي قصيرة وسريعة الإيقاع، وتتماشى مع حياتهم اليومية التي لم تكن سريعة مثل تسارع حياتنا الآن، ولكن كان لكل بحر شعري ما يحمله من همٍّ ووجد ورسائل يريد الشاعر أن يوصلها للمتلقي آنذاك . ومن وجهة نظري جاء ابتعادنا عن تلك البحور أو إهمال الكتابة عليها لعدة أسباب .  وأشار الى ان بحر اللونة ويمكن تسمية القصيدة كاملة اللونة ، وهو بحر مشهور عند القدامى وجاء مسماه من الأنين بإبدال حرف الألف واوا ،وهو بحر شعري مغنّى سهل الحفظ ، وتطرق أيضا في ورقته إلى بحر الردح، والتغرود،والعازي، والميدان.

تعليق عبر الفيس بوك