محللون: مجالس إدارات الأندية تدفع "فاتورة أخطاء" أسلافهم

الكرة العمانية بين حقبتين.. آمال المنافسة عالميا تصطدم بالأخطاء الإدارية والتحديات المالية

 

 

الرُّؤية - وليد الخفيف

والشارع الرياضي يُودِّع حقبة، ويستقبل أخرى، بآمال وطموحات نحو مستقبل رياضي أكثر تنافسية للسلطنة، تتباين آراء المحللين؛ حيث يرى البعض أنَّ كرة القدم العُمانية لم تحقق الطموح المرجو خلال الفترة الماضية، وأن المسابقة المحلية ما زالت ضعيفة رغم انطلاق السنة الرابعة من دوري المحترفين، تزامنا مع مردود غير كاف للمنتخبات الوطنية؛ وأن المنتخب الأول تبخَّرت آماله في بلوغ مونديال روسيا، مكتفيا بالتنقيب عن دَرْبٍ يُوصِله للإمارات 2019. فيما أكد آخرون أنَّ التحديات التي تواجه الأندية انعكست سلبا على المنتخبات الوطنية؛ فالأندية ذات الموازنات المرهقة تُواجه تحديات كبيرة منها العجز المالي وعدم تفريغ اللاعبين فضلا عن المطالبة بسداد مديونيات قديمة من مجالس إدارات سابقة وضعف بنيتها الأساسية، وافتقاد البعض الآخر لفرص الاستثمار الذي ما زال لدى البعض رسما على ورق؛ الأمر الذي أفقد في الأخير كرسي رئاسة النادي بريقه؛ فأحجم الكثيرون عن اعتلائه خوفا من إنفاق ليس له آخر عبر جيوبهم الخاصة، ولم يكن الدعم الحكومي في المقابل كافيا لنجاح مشروع الاحتراف، وإن بذلت جهود كبيرة في هذا الصدد من قبل الجهة الإدارية (الوزارة) في رفع قيمة الدعم السنوي تزامنا مع جهود دائرة مماثلة من دائرة التسويق بالاتحاد العماني لكرة القدم، غير أن هذا وذاك لم يشفعا لإيقاف نزيف الاستدانه.

من جهته، قال المحلل الرياضي محمد العاصمي: "لم تحقق الكرة العمانية طموح وتطعات الجماهير العريضة، ويعود السبب في ذلك إلى أخطاء إدارية، إضافة للواقع الرياضي الصعب الذي نعيشه، فكلاهما وقف عائقا في وجه طموحات كرتنا العمانية". وأوضح أن الاندية تعاني من أزمات مالية طاحنة وديون متراكمة، فضلا عن ضعف بنيتها الأساسية، مما أحال دون إنتاج لاعبين جدد قادرين على حمل الشارة من الجيل الذهبي.

وأشار إلى أن التحديات المالية وعدم تفريغ اللاعبين وضعف المسابقة المحلية أبرز التحديات التي تواجه حاضر الكرة العمانية، مُلمِّحا في السياق نفسه إلى أنَّ هناك أخطاء فنية وقعت من قبل اللجنة الفنية في المجلس السابق للاتحاد بددت الآمال في بلوغ المونديال.

وحول الحلول المقترحة، قال: "من الناحية الفنية لابد من العودة لزمن المعسكرات الطويلة والمباريات الودية الكثيرة عوضا عن ضعف المسابقة المحلية، ويتعيَّن على الأندية البحث عن مصادر إنفاق بديلة لإنعاش موازناتها تزامنا مع رفع قيمة الدعم الحكومي والاهتمام بالمراحل السنية.

أما المحلل الرياضي أحمد البلوشي، فيقول: "الفكر الإداري لدينا لا يعرف واقعه، بالتالي لم يتمكن القائمون على شؤون هذا الملف من وضع أهداف تتفق مع الإمكانيات المتاحة فكان التخبط سيد الموقف".. وأضاف قائلا: "لم نحقق الأهداف العريضة المتمثلة في بلوغ المونديال، ولم تطأ أقدام لاعبينا الأولمبياد، وما زلنا نبحث عن بطاقة تأهل عبر التصفيات المؤهلة للإمارات، تزامنا مع بقاء الكثير من المشكلات عالقة دون أن نجد لها العلاج الشافي".

ويرى البلوشي أن المواهب العمانية هي رأس مال الكرة العمانية إذا ما أرادت تحقيق غاياتها وأهدافها، شريطة ثقل هذه المواهب واستمرارية برامجها ورفع درجة احتكاكها ووضعها في بيئة الاحتراف.. معترفا بواقع الأندية الصعب وإمكانياتها المحدودة، داعيا إلى البحث عن مشروعات غير تقليدية تهدف لتعزيز موارد الموازنة، مشددا في الوقت نفسه على أن المراحل السنية وسبل الاهتمام بها عبر المسابقات المحلية والخارجية هي السبيل الوحيد لامتلاك منتخب وطني قوي قادر على تحقيق طموح وتطلعات الجماهير.

بينما يرى المحلل فهد العريمي أن "كرة القدم العمانية لا تسير في الطريق الصحيح سواء على مستوى الأندية، ولا على متسوى الاتحاد العماني لكرة القدم؛ فالرجل المناسب ليس في المكان المناسب، ولا عزاء لمن مارس اللعبة ومنحها حياته؛ لذا فكرتنا تأخرت عن دول الجوار".

وأرجع العريمي فقدان الكرة العمانية البوصلة الصحيحة إلى عدة أسباب؛ منها: الفكر الإداري غير الصحيح وعدم قدرته على تطويع الإمكاينات المتاحة لإنجاز الأهداف الموضوعة سلفا. لافتا إلى أن الفكر والإمكانيات مرتبطان ارتباطا وثيقا وأن كليهما معتمد على الآخر؛ فتطور الكرة يحتاج لفكر إداري يضع الإمكانيات في إطارها الصحيح، وأنَّ الاهداف تبنى على أساس الإمكانيات. فـ"ليس من الصواب أن ينفق نادٍ ما 700 ألف ريال كي يحصل على لقب جائزته 100 ألف ريال"!!

وألمح إلى أن بعض الإدارات تستدين بمبالغ تتخطى الحدود الحمراء من أجل تحقيق لقب ينسب إليها ويضعه رئيس النادي في سيرته الذاتية لنيل مقعد في مجلس إدارة الاتحاد على سبيل المثال، دون النظر لما يخلفه من ديون تتحمل ويلاتها المجالس القادمة. فالذاتية قد تحدد سياسة النادي، مشددا على أن كثيرا من الأندية تفتقد النصاب الأساسي لمجلس الإدارة، ويديرها عضوان أو ثلاثة، موضحا أنَّ إنجاز هدف عام للنادي يتطلب فريق عمل متكامل منهم الفني والمالي والتسويقي والإداري.

وأشار إلى أن المسابقات المحلية مازالت ضعيفة فنيا، وأن الأندية مازالت غير قادرة على الوفاء بمستحقات لاعبيها ولم تخول لهم إمكانياتهم المحدودة في التعاقد مع لاعبين أجانب متميزين لإثراء المسابقة، مشيرا إلى أن العناصر الأجنبية التي تصنع الفارق في دورينا غير موجودة بعد رحيل جمعه سعيد عن ديار النهضة.

ولم تكن الأندية وحدها تعاني الدين، بل الاتحاد الذي أوعز جمعيته العمومية خطأ بأنه مصدر للدعم المالي وأنه قادر على الوفاء بمتطبات الاحتراف، فيعاني الدين أيضا وإن اختلفت الأقاويل حول الرقم الدقيق للديون التي قد تتخطى حاجز الميلوني ريال عماني على حسب وصف البعض، ورغم تكبد الاتحاد هذا الكم الكبير من الديون، إلا أنه لم يستطع إنجاز الكثير من أهدافه، وإذا تحمل منطقيا مجلس الاتحاد السابق مسؤولية الأمر، غير أنَّ آراء أخرى ترى أن الإدارة المالية بالاتحاد تتحمل جانبا من المسؤولية؛ فلم تنصح مجلس الإدارة بضرورة الالتزام بالسقف المالي المحدد، وأن خططها وموازناتها افتقدت للتقدير الصحيح؛ الأمر الذي كان من شأنه تفاقم حد المدينوينة التي سيحمل عبء سدادها المجلس الجديد.

تعليق عبر الفيس بوك