عــلي بن ســــالم كفيتـــــان
في مستهل مقالي أعتذر للقراء المتابعين لسلسلة (من وحي الذاكرة) وأعدهم بإذن الله بالاستمرار مستقبلا فقد فرض علي حدث جديد أخذ فسحة هذا الأسبوع.
يقولون بأن النهر لا يجري الى الأعلى ولا الزمن يعود لكنهم ربما نسو بأن هناك الان إمكانية للجريان الى الأعلى وإمكانية استنطاق الزمن عبر ما احدثه العقل البشري من قفزات في عالم التكنولوجيا ومن هذا المنطلق لم يصبح هناك مستحيل الا لمن هم قابعون خلف ذلك العدم الا متناهي بعقولهم المتحجرة التي قدر لها أن تبقى رهينة أفكارهم الاسنة.
بدعوة كريمة من مؤسسة الرؤية حضرت مؤخرا ندوة وورشة عمل عن جائزة الرؤية لمبادرات الشباب تحت عنوان (أطلقوا العنان لإبداعاتكم) احتضنت جامعة ظفار الحدث وحضر الطائي بخنجره وحيدا مع راعي الحفل لم يكن هناك أصحاب معالي ولا سعادة وشغل الحضور ربع القاعة بينما ثلاثة أرباعها لا زالت تنتظر صيحة الرؤية للإبداع، كان هذا هو اللقاء الأول لي مع الرجل الذي أكتب على صفحات جريدته منذ عام ونيف رغم أنني لا أجهله فأسرته التي أعطت الكثير من الثراء الادبي لا زالت حاضرة في أذهان الأجيال.
في كلمته الارتجالية أعطى من معين لا ينضب وشعرت بأن الوفاء للوطن لا زال محفور في رجال توارثوا المجد والعطاء دون مقابل، رغم أن هذه الجائزة مضى عليها عدة أعوام لم يكل ولم يمل بل أنه شغل قطاره ليدور كل محافظات السلطنة ليبحث عن الابداعات الشبابية ويدعمها عبر توصيل التيار مع المراكز البحثية والعلمية التي لا زالت تعمل بعيدا عن رواد الابداع. في كل الأمم الشباب المتطلع لغد أفضل، إن الشباب لا يرتجي من المراكز البحثية والعلمية نشر ورقه العلمية ولا الحصول على مقابل مادي أو شهرة على صفحات الجرائد وملتقيات التواصل الاجتماعي ولا قنوات التلفزة لذلك ألتفتت الرؤية لتنمية ابداعات الشباب في الوقت الذي لا نعلم فيه عن مؤسساتنا العلمية والبحثية سوى الاجتماعات الدورية وحضور الندوات والمؤتمرات الدولية.
ما لفت انتباهي في الندوة أن هناك شباب مبدعون وقادرون على العطاء شريطة أن يوفر لهم البيئة المناسبة للإبداع عرضت طالبة في الصف العاشر من مدرسة خولة بنت حكيم إحدى مدارس المحافظة تجربتها الرائعة في مجال اختراع نموذج سفينة مصغر يساعد في اكتشاف الجثث والاجسام التي تطفو على البحر عبر كاميرا وجهاز تحديد المواقع (GPS) وجهاز ارسال لا سلكي هذا الاختراع بنته الطالبة بلقيس المرهون من حاجة الناس والأجهزة الأمنية لتتبع من يغرق في البحر اثناء الخريف ويصعب على الأجهزة المعنية استعادة جثامينهم أو أنفاذهم ان كانوا على قيد الحياة, وبالرغم من أن الفكرة بدائية الا أنها تعالج مشكلة يعاني منه المجتمع سنويا وبذلك قدمت بلقيس حل لمعضلة يمكن البناء عليها وتطويرها وإن كانت هناك تكنولوجيا من هذا القبيل موجودة يجب جلبها والاستفادة منها.
كما قدم عامر الرواس تجربته المميزة في مجال الاعلام الرقمي وكم كانت تجربة ممتعة فاليوم بات الاعلام المكتوب وحتى المرئي المسموع يتراجع بقوة أمام زحف الاعلام الرقمي، بين الرواس حجم التأثير الكبير لتجربته المميزة من خلال برنامجه (دقائق) عبارة عن فيديو مصور يتحدث بلغة يفهمها جيل اليوم سواء أكانت علاج لظاهرة أو حتى الترويج لفضيلة من الفضائل بعيدا عن اللغة الخشبية القديمة التي تنتهجها القنوات الرسمية، ولاقى الفيديو رواج كبيرا ومطالبات كثيرة بالجديد والاستمرار. كما عرضت تجارب واعدة أخرى من بعض المبدعين في مجال السلامة المعلوماتية، وتكنلوجيا المراقبة الذكية للمنازل عبر الشبكة المعلوماتية، وتجربة رائعة قدمها طلبة مدرسة السلطان قابوس عبر مادة فلمية تهتم بالعلوم والتفكر.
هذه التجربة التي اختطتها الرؤية هي الخطوة الصحيحة للتغير الفكري للمجتمع عبر التوجيه السليم وتطوير واحترام مبادراته وتجاربه وتنميتها بعيدا عن تربية الأجيال على الاستهلاك المفرط للتكنولوجيا بحيث لا يصبحوا مستهلكون عالة على المجتمع البشري كما هو اليوم.
استودعتكم الله موعدنا يتجدد معكم بإذن الله.
حفظ الله عمان وحفظ جلالة السلطان.
alikafetan@gmail.com