خالد بن علي الخوالدي
ظهور ودخول الهيئة العامة لحماية المستهلك في السلطنة لم يربك الشركات والمحلات والمراكز التجارية والمطاعم والمقاهي وكافة القطاعات الغذائية والاستهلاكية التي تنتشر في مختلف المحافظات فقط وإنما أربك أيضًا المؤسسات الحكومية التي كانت مختصة في أمور التفتيش الغذائي والتجاري والتي كانت نائمة في العسل.
واستطاعت الهيئة أن توقظ هذه المؤسسات والمختصين والموظفين فيها وتؤكد ما كان ينتشر وسط الناس من تقبل عدد من المفتشين للرشاوي والحلاقة المجانية والفطور المجاني والتنزيلات بمختلف أنواعها أينما ذهب وحلّ حتى أصبحنا نأكل غذاءً فاسداً ونشرب ماءً ملوثاً ونتنفس هواء مغشوشاً ونأكل بمطاعم ومقاهٍ أقل ما يقال عنها أنها لا ترقى لمستوى الذوق البشري، ولا من يهتم بشكوى أو نداء أو صرخة وإن حدث فتكون تمثيلية مصطنعة بين المفتش وصاحب المصلحة التجارية تنتهي لمصلحة المؤسسة فلم نرى إغلاقاً لمطعم أو مقهى أو محل تجاري إلا إذا لم يكن هناك تفاهم بينهم وبين المفتش وطبعًا هنا لا أقصد كل المفتشين فمنهم الشريف والأمين وصاحب الضمير الحي ويتجاوز كل الرشاوي ودهن الشوارب ويخاف الله ورسوله الذي قال: (لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ).
نعم لقد أيقظتهم الهيئة وحاربوها في أوّل قيامها على أساس أن هذا الدور دورهم والعمل عملهم ولابد ألا يكون تداخل بين عمل الهيئة وبين المؤسسات الحكومية المسؤولة عن التفتيش الغذائي وخلافه وهي كثيرة ولكن كما يُقال كثرتها وقلة بركتها فلم نعرف من قبل أن الماء يمكن أن يكون تخزينه غير مُناسب وبالتالي يفسد وكذا الرز وغيرها إلا بعد ظهور حماية المستهلك والتي بشهادة الجميع عمل موظفيها بأمانة وصدق من أجل عمان وأبنائها فأدركنا معها أن لنا حقوق مسلوبة ويمكن أن يساعدنا أحد في ردها وأقرب وأفضل مثال ما كان يحدث في وكالات السيارات من ظلم ظاهر لم تستطع أيّ مؤسسة من قبل مواجهتها وإرجاع حقوق المستهلكين ومع الهيئة نرى كل يوم إرجاعاً لحقوق المستهلك.
لقد أيقظتهم الهيئة ولكن بعد أن خربت مالطا وبعد أن أصبحنا نحن فاسدين ومرضى ومات من مات وهلك الولد والنسل والزرع وأدرك العامل الأجنبي أنه يستطيع أن يتغلب على كل القوانين برشوة مالية أو عطر روحي كما يُقال، وأتذكر هنا كلام أحد الأشخاص الذين أثق فيهم ثقة عمياء حينما قال لي إن أحد المسؤولين في مؤسسة من المؤسسات الحكومية كان ضمن فريق لمسابقة من المسابقات وحدث أن وقف عند أحد المحلات وما أن رأى العامل الأجنبي السيارة الحكومية ذات الألواح البيضاء إلا وقدَّم كل أنواع المشروبات والمأكولات دون أن يُدرك العامل أنّ هذا مسؤول وليس مفتش صحي وعندما سأله المسؤول لماذا تُقدم هذا قال له إنّ المفتشين كل مرة يأتون إلينا نقدم لهم هذا وضحك المسؤول ولكنه للأسف لم يتخذ أي إجراء ومضت الأمور على ما هي عليه.
إنّ السنوات الماضية التي مرت وكان فيها الغش التجاري على أوجه وبمختلف أنواعه لن نسامح فيها أي مفتش أو مسؤول في أي مؤسسة حكومية مسؤولة لم يعمل بإخلاص وتقبل الرشاوى بمختلف أنواعها ولو علبة عصير ويتحملوا في أعناقهم من مرض أو تأذى أو مات من المستهلكين ونحن براء من كل واحد ارتشى أو تساهل في ما يهم صحة المستهلك وماله وحقه ونطالب مجلس الوزراء أن يحيل كل الأعمال والأدوار التي تقوم بها هذه المؤسسات إلى هيئة حماية المستهلك ونشكرهم على ما قدموه خلال المرحلة الماضية من جهود ونشكر كل أمين مخلص منهم وندعو حماية المستهلك أن تتطالب بهذه الأدوار والأعمال حماية لأبناء هذا الوطن فيكفي ما حدث من تجاوزات وعلى مجلس الوزراء أن يدعم الهيئة بموظفين حتى يقوموا بدورهم على أحسن وجه، ودمتم ودامت عمان بخير.