رسائل تربويَّة (2)

 

 

عيسى الرَّواحي

نُواصل حديثَنا السابق الذي تحدَّثتُ فيه عن مجموعة من الرسائل التربوية الموجَّهة إلى الآباء بشأن فلذات أكبادهم، وقيامهم بأدوارهم المنوطة بهم في متابعة أبنائهم دراسيًّا، والأخذ بأيديهم في سبيل تحصيل العلم والمعرفة، وقد بيَّنتُ في خاتمة المقال السابق أنَّ مُتابعة ولي الأمر لابنه لا تقصر على المستوى الدراسي فحسب، بل هناك أمور أخرى ينبغي أن تحظى بالاهتمام والمتابعة من قبل ولي الأمر؛ منها:

* متابعة الأبناء في مظهرهم والتزامهم بقواعد الانضباط السلوكي في هذا الشأن، وتحديدا الالتزام بقص الشعر وتهذيبه وتقليم أظفارهم:

ولا ينبغي التقليل من هذه الأمور، فهي من قواعد النظافة والنظام وما أمر به الشرع الحنيف، ومما يُؤسف له أنْ نجد عددا كبيرا من الطلاب داخل المدارس مع بدء الدراسة بمظهر لا يمُت بصلة لمظهر طالب العلم، ولا علاقة له بقيم الإسلام ولا عادات المجتمع؛ فتجد إطالة الشعر وقصَّاته الغريبة المزرية، وتربية للأظفار بعيدة عن فطرة الإنسان السوي.

لقد كانتْ هذه الظاهرة قبل سنوات معدومة في المدارس؛ فأول يوم في المدرسة تجد جميع الطلاب وقد أتوا بمظهر طالب العلم الحقيقي الذي يُمثل صورة الإسلام وعادات المجتمع الأصيلة؛ بما يُنبئك باستعداده لطلب العلم وتحصيله، أما اليوم فما أكثر الأبناء الذين قَدِموا إلى المدرسة بمظهر مريب غريب! فأين أولياء الأمور منهم؟!

ولا رَيْب أنَّه إذا عجزتْ الأسرة عن ضبط أبنائها في الالتزام بمظهر الطالب وفق قواعد الانضباط السلوكي؛ فعلى المدرسة أن تقوم بدورها وواجبها في هذا الشأن دون تسويف أو تهاون.

* مُتابعة الأبناء في تناول وجبة الإفطار الصباحي، وحثهم باستمرار على عدم التفريط فيها:

فوجبة الإفطار أهم وجبة غذائية للإنسان، وهي وقاية له من كثير من الأمراض، كما أنَّها زاد وطاقة للجسم، وقد أوْضَحتُ في مقالٍ سابقٍ تحت عنوان "أهمية وجبة الإفطار الصباحي لطلاب المدارس" -نُشر في ديسمبر 2014م- أنَّ المرء بحاجة إلى عناصر غذائية رئيسة ومكونات ضرورية حتى يستمر عطاؤه ونشاطه وحيويته، ويظل عقله مبدعا مجتهدا، ولا يتحقق ذلك من غير تغذية سليمة بمواصفات صحية وفي مقدمتها وجبة الإفطار الصباحي، وأوضحتُ أنَّ هناك علاقة بين وجبة الإفطار الصباحي ورفع مستوى التحصيل الدراسي للطالب؛ لذا فإننا نأمل من الأسرة أن تحرص أشد الحرص على متابعة أبنائها في هذا الشأن، حفاظا على صحتهم وتقوية لأبدانهم، وتنشيطا لعقولهم، ووقاية لهم من أمراض وآفات كثيرة.

* مُتابعة الأبناء وقت ذهابهم إلى المدرسة وعودتهم إلى البيت، والتيقن من وسيلة النقل التي تأخذهم إلى المدرسة وتنقلهم منها:

ولا يَخْفَى على أحد مدة اليوم الدراسي ومبتدؤه ومنتهاه، ولا يخفى على أحد كذلك أن وسائل النقل الحكومية موفَّرة لجميع الطلاب الذي يبعُدون عن مقر المدرسة، لكن الذي تتحدَّث عنه بعض الأسر، ونشاهده بأعيننا تأخُّر عودة كثير من الأبناء إلى بيوتهم بعد نهاية اليوم الدراسي، واتخاذ ذلك عادة لهم من غير أسباب، ودون أدنى متابعة أو محاسبة لهم من قبل الأسرة، إضافة إلى توسع ظاهرة حضور الطلاب إلى المدرسة بسيارات شخصية دون امتلاكهم رخصة القيادة، مع ارتكابهم بعض السلوكات المخلة أثناء القيادة، خاصة عند وجود أصدقاء السوء. وقد نَتَجت إثر هذه الظاهرة حوادث عدة، وفي كثيرٍ من الأحيان يَجْهَل وليُّ الأمر وسيلة النقل التي تأخذ ابنه إلى المدرسة.

وحَسْب وجهة نظري، فإنَّ إعطاء طالب المدرسة سيارة خاصة يستقلها إلى المدرسة دون ضرورة مُلحَّة، وهو لا يملك رخصة قيادة، مع وجود وسائل النقل الحكومية، ليس إلا ترفا قد يؤدي إلى التلف وإلى أمور لا تُحمد عقباها؛ فيجب على ولي الأمر أن يُتابع ابنه في هذا الشأن، وأن يحظر عليه ركوب وسيلة نقل إلى المدرسة غير الحافلة المدرسية، أو مع الأشخاص المؤتمَنِيْن عليه.

* حظر استخدام الهواتف النقالة ووسائل التواصل الاجتماعي:

وفي حقيقة الأمر، فإنني حسب ما أوضحت في مقالات سابقة عدة، فإنَّ الهواتف النقالة بتقنياتها الحديثة يجب أن تكون محظورة على الابن ما دام طالبَ مدرسة دون التفريق بين فترة الدراسة وفترة الإجازة الصيفية، وأوضحتُ بإسهاب أسبابَ ذلك، والعواقب الوخيمة التي تجرها هذه الأجهزة على الطالب في هذه السن في شتى الجوانب الدراسية والسلوكية والاجتماعية والصحية، ورغم تحقق تلك الآثار السلبية والنتائج غير المحمودة على واقع الأبناء من جراء تمليكهم هذه الأجهزة، فإنَّ كثيرا من الآباء -بل الكثرة الكاثرة منهم- اليوم أصبحوا لا يعيرون هذا الأمر اهتماما ولا أهمية.

وإذا كان هناك من يملك أسبابه ووجهات نظره في أهمية تمليك الابن هاتفا نقالا فترة الإجازة الصيفية فقط؛ فإننا نُذكِّره بأنَّ الإجازة الصيفية قد انقضتْ، وأنَّ المدارس قد افتتحت، والعام الدراسي قد بدأ، ومن كان عاجزا عن الحظر الدائم، فلا يَعْجَزَنَّ عن الحظر فترة الدراسة.

* التعرف على مواعيد الاختبارات القصيرة والفصلية، ومتابعة الأبناء فيها، ومعرفة نتائجها أولا بأول:

وتأتي هذه المتابعة كجزء من متابعة ولي الأمر لابنه داخل المنزل أو المدرسة، بيد أن فترات الاختبارات تحتاج إلى متابعة أكثر واهتمام أكبر.

والوقوف على نتائج الاختبارات القصيرة ومعرفة مكامن الخلل والقصور فيها، يُعِيْن على تحسين نتائج الاختبارات النهائية لكل فصل بمشيئة الله تعالى.

issa808@moe.om