خلفان الطوقي
كثير منِّا سمع عن مُبادرات تقوم بها الحكومة مشكورة، ولعل من أهمها المُبادرة التي شرعت الحكومة في تنفيذها السنة الماضية؛ وهي مبادرة البرنامج الوطني للرؤساء التنفيذيين التي انبثقت أصلاً من (شراكة فريق العمل بين القطاعين الحكومي والخاص) حيث تكفَّل ديوان البلاط السلطاني بتبنيها من خلال معهد تطوير الكفاءات وبالتعاون مع المعهد الدولي لتطوير اﻹدارة في سويسرا ومؤسسة مكينزي العالمية بإشراف لجنة استشارية تتكون من نخبة من العناصر والكفاءات العُمانية المشهود لها من القطاعين الحكومي والخاص، وتتكون اللجنة من أصحاب تخصصات وخبرات متنوعة في عدد من المجالات، والمبادرة الثانية تمثلت في التعاقد مع وحدة اﻷداء والتنفيذ الماليزية (يماندو) وتتبناها اﻷمانة العامة للمجلس اﻷعلى للتخطيط، وعملها يرتكز على ثماني مراحل تبدأ بمرحلة المُختبرات المكثفة لجمع البيانات والإحصاءات واستضافة شخصيات من القطاعين الحكومي والخاص، ومن ضمن مراحلها الاجتماع بمعالي الوزراء المُعنيين بحضور بقية متخذي القرارات، وإبلاغهم عن توصيات وقرارات الفرق المشاركة وأهم اﻷهداف ومؤشرات اﻷداء والميزانيات اللازمة وجدول جهات التنفيذ ليتم تنفيذها من الجهات التي يمثلونها.
تُعتبر المبادرتان من أفضل المُبادرات نظرياً، وتشكر الحكومة عليهما، ومن المأمول قريبًا بإذن الله أن تكون هناك استفادة مُباشرة، وأقل هذه الفوائد الاستفادة الشخصية لكل من يلتحق أو يشارك بهاتين المبادرتين بشكل أو بآخر، ومن الملاحظ أنّ المبادرتين لديهما أهداف عامة، وتتفق المبادرتان على نقطة جوهرية وهي مجتمع قطاع اﻷعمال العُماني وكيفية تعديل وتطوير القوانين واللوائح لتقليل البيروقراطية الحكومية وتعزيز الاستثمارات المحلية وجذب رؤوس الأموال الأجنبية مباشرة.
كما يعلم معظمنا أنّه قبل طرح هذه المبادرات تعاملت الحكومة مع مُنظمات دولية ومؤسسات استشارية وبيوت خبرة كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها الكثير، وأوصت بعدد من التوصيات والدراسات التي يُمكن أن تساعد الحكومة على الخروج من عنق الزجاجة، وإيجاد حلول لعدد من المشكلات والأزمات الاقتصادية، ومن المفارقة أيضاً، أنه عند لقائك بأي مسؤول حكومي واقتراحك عليه أيِّ مقترح كان، يرد عليك بنغمة دفاعية موحدة مضمونها أنّه تمَّ رفع المقترح والتصور من عدة سنوات، ولكن لم يأتِ إلينا الرد أو أنّه لا توجد موازنة لهكذا قرار أو أنّه تم ركن هذه الدراسة جانباً من مجلس الوزراء الموقر أو هناك قوى خفية تقاوم هذا القرار أو ذاك، أضف إلى ذلك إستراتيجيات بعض الجهات الحكومية، والتي لا علاقة لها بجهات حكومية أخرى، باﻹضافة إلى المُبادرات الكثيرة التي لم تعلن على الملأ.
فياترى هل للمبادرات الجديدة ميزة لم توجد في المُبادرات السابقة وهي صفة "إلزامية" تنفيذ التوصيات وتحويلها لقرارات، وتساؤلي يستمر وهو تتمتع المبادرتان أعلاه بوجود آلية لتطبيق مبدأ الثواب والعقاب في حال تمكن بعض الجهات من التطبيق الكامل، أو إخفاق بعضها في تطبيق مؤشرات اﻷداء، وهل هناك مرجعية وأشخاص مُستقلين غير مجلس الوزراء توجه الجهات الحكومية بإلزام الجميع بتنفيذ القرارات والأهداف واﻷولويات والتقيد بالجدول الزمني، وهل هاتان المبادرتان تحملان سمات غير سمات المبادرات السابقة تستطيع عبرها أن تُجبر الجهات الحكومية على أن تتكامل مع بعضها، في سبيل تنفيذ هذه المبادرات. هي مجرد تساؤلات قد تساعد المُبادرات الحالية في تحقيق الأهداف الوطنية النموذجية والتي لم يحققها السابقون، متمنياً ألا يخفت ضوء مثل هذه المُبادرات وتذهب هباءً، ولأنّ هذه ُالمبادرات نظريًا رائعة ومُنسقة، فمعظمنا يتمناها أن تكون فعلياً وفي أرض الواقع، وهي كذلك فرصة أخرى لنُدير دفة الاقتصاد العُماني ونكسب ثقة الرأي العام بدلاً، رغم خيباتنا مع وعود الخطط التنموية السابقة.