معارك عنيفة في حلب.. ومسلحو المعارضة يخترقون الحصار

"داعش" يهاجم قاعدة عسكرية لمعارضين سوريين مدعومين من الولايات المتحدة قرب الحدود العراقية

 

 

بيروت - رويترز

قالتْ مَصَادر من المعارضة والمتشدِّدين إنَّ مُهاجمين انتحاريين من تنظيم الدولة الإسلامية هاجموا، أمس، قاعدة عسكرية لمقاتلين مدعومين من الولايات المتحدة قرب الحدود السورية-العراقية. وقالت المصادر إنَّ الهجومَ الذي وقع قرب الفجر على القاعدة العسكرية المحصنة قرب معبر التنف الحدودي مع العراق، استُخدمت فيه سيارة ملغومة واحدة على الأقل صدمت بوابة القاعدة التي أقامها جيش سوريا الجديد الذي دربته وزارة الدفاع الأمريكية.

وقال معارض إن المتشددين لم يتمكنوا من اجتياح القاعدة المحصنة التي وضعت حواجز رملية حولها لمنع مثل هذه الهجمات في منطقة ينفذ فيها المتشددون هجمات خاطفة وسريعة. وقال سيد سيف القلموني -وهو معارض يعمل في المنطقة- "إنها قاعدة جيدة التحصين وحاولوا اجتياحها، لكن تم استهداف السيارة الملغومة وإصابتها". وأضاف بأنَّ قتيلا واحدا وعدة مصابين سقطوا في الهجوم.

وقال إنَّ طائرات من "التحالف" -الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية- قصفت بعد فترة وجيزة عدة مركبات يُعتقد أن متشددين كانوا يقودونها في المنطقة الصحراوية قليلة السكان.  وذكرت وكالة أعماق للأنباء -ذات الصلة بتنظيم الدولة الإسلامية- أنَّ مُفجرين انتحاريين اثنين هاجما القاعدة وفجرا سيارة ملغومة، ثم اقتحما المجمع وفجرا سترتيهما الملغومتين.

وتشكَّل الجيش السوري الجديد قبل نحو 18 شهرا من معارضين خرجوا من شرق سوريا في أوج توسع تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014. وقالت مصادر دبلوماسية ومن المعارضة إنَّ قوات خاصة أمريكية تدرب مئات المقاتلين من أفراد الجيش السوري الجديد في الأردن. ويقع معبر التنف الذي استعيد من تنظيم الدولة الإسلامية العام الماضي على مسافة 240 كيلومترا من مدينة تدمر السورية.

وتوجَّه عشرات من مُقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية جنوبا إلى جنوب سوريا ومنطقة التنف بعد طردهم من تدمر في وسط سوريا هذا العام. ويسيطر المتشددون على مساحات كبيرة من الأراضي الممتدة من العراق إلى وسط سوريا وما زالوا يسيطرون على معبر البوكمال السوري العراقي قرب دير الزور.

وشنَّ الجيشُ السوريُّ الجديد -بدعم من قوات خاصة غربية وضربات جوية تقودها الولايات المتحدة- هجوما في يونيو الماضي على قاعدة التنف في البوكمال شمال شرقي التنف. لكن العملية التي كانت تهدف إلى السيطرة على البلدة وقطع خطوط إمداد التنظيم بين سوريا والعراق فشلت بعد أن تم تطويق المعارضين على مشارف البلدة بعد أن شن المتشددون هجوما مضادا. وقال مسؤولون أمريكيون إن قاعدة الجيش السوري الجديد في التنف قصفت مرتين من قبل في غارات جوية روسية حتى بعد أن استخدم الجيش الأمريكي قنوات اتصال طارئة لمطالبة موسكو بالتوقف بعد الهجوم الأول.

وقال مقاتلو المعارضة السورية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي المعارضة اخترقوا الحصار على المناطق الخاضعة لسيطرتهم في شرق حلب في هجوم على مجمع عسكري كبير يهدف لإنهاء الحصار المفروض منذ شهر. ونفت وسائل إعلام موالية للحكومة كسر الحصار وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية إن الوضع غامض بصورة تحول دون التعليق عليه. ويبدو من التقارير بشأن القتال العنيف والضربات الجوية في هذه المنطقة أن أي ممر ربما يتم فتحه الآن للمدنيين لن يكون آمنا بالدرجة الكافية.

ويَسْعَى مُسلَّحو المعارضة لاختراق شريط ضيق من الأرض يخضع لسيطرة الحكومة من أجل إعادة الربط بين المناطق التي تسيطر على المعارضة في غرب سوريا من ناحية وقطاعهم المحاصر في شرق حلب من جهة أخرى وهو ما يعني عمليا كسر الحصار.

وبدأ الهجوم على مجمع الراموسة العسكري الذي يضم عددا من الكليات العسكرية يوم الجمعة. وستؤدي السيطرة على مجمع الراموسة والاتصال مع شرق حلب إلى عزل غرب حلب الذي تسيطر عليه الحكومة من خلال قطع الطريق الجنوبي المؤدي للعاصمة دمشق. كما تتيح تلك الخطوة للمقاتلين الحصول على الأسلحة المخزنة في المجمع والتي يستخدمها الجيش السوري في الصراع المستمر منذ خمسة أعوام كمركز لقصف أهداف للمعارضة.

وقالت جبهة فتح الشام -التي كانت في السابق تسمى جبهة النصرة، وتتبع تنظيم القاعدة- في بيان عبر الإنترنت: "التقاء المجاهدين من خارج المدينة بإخوانهم المجاهدين داخل المدينة والعمل جارٍ للسيطرة على ما تبقى من النقاط لكسر الحصار عن حلب." وأبلغ قائد جماعة معارضة أكثر اعتدالا رويترز بأن الحصار تم كسره، لكنه مازال في أيامه الأولى، وأن الأمر لم يكن سهلا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان -الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له- إنَّ القتال العنيف والضربات الجوية المكثفة تحول دون إنشاء ممر آمن حتى الآن بين المنطقتين اللتين تسيطر عليهما المعارضة.

وفي تقرير آخر، قال المرصد السوري إن هجوما على مستشفى في شمال غرب سوريا أسفر عن مقتل عشرة أشخاص من بينهم أطفال يوم السبت. وقالت جمعية خيرية طبية إن شهر يوليو الماضي هو الأسوأ في الهجمات على المنشآت الطبية في البلد الذي مزقته الحرب. مشيرة إلى أنه تم تنفيذ 43 هجوما على منشآت للرعاية الصحية في سوريا.

وقال المرصد -في تقريره بشأن القتال في حلب- إنَّ المقاتلين سيطروا على كلية التسليح وعلى كلية المدفعية الرئيسية والكلية الفنية الجوية ومنطقة كراج الراموسة. ومازالت القوات الحكومية تسيطر على مصنع الأسمنت وبعض المساكن العسكرية.

وقال المرصد إن هذه أكبر خسارة عسكرية ورمزية مني بها النظام والروس والإيرانيون وحزب الله منذ بداية 2013 . وأضاف بأنَّ غارات جوية عنيفة يُعتقد أن طائرات روسية هي التي قامت بها شُنت على حلب يوم السبت. وبثَّ التليفزيون السوري الرسمي تقريرا على الهواء مباشرة من مشارف قاعدة المدفعية في الراموسة جنوب غربي حلب؛ حيث سُمِع دوي أعيرة نارية وتفجيرات وشوهدت طائرات حربية تحلق في أجواء المنطقة.

وبثت جماعات معارضة مقاطع فيديو تقول إنها تظهر معارك مسلحة مع اقتحام المقاتلين لمباني المجمع. ويريد الرئيس السوري بشار الأسد استعادة السيطرة الكاملة على حلب التي كانت كبرى مدن سوريا قبل الحرب والتي انقسمت إلى مناطق تخضع لسيطرة المعارضة ومناطق تحت سيطرة الحكومة. وإذا حقق الأسد هذا الانتصار فسيوجه ضربة ساحقة للمعارضة.

ويُعتقد بأنَّ نحو ربع مليون مدني مازالوا يعيشون حتى الآن في أحياء شرق حلب التي تسيطر عليها المعارضة أي أنهم عمليا تحت الحصار منذ أن قطع الجيش والقوات الموالية له آخر طريق موصل إلى أحياء المعارضة في أوائل شهر يوليو. ويعاني السكان بشدة سواء في شرق أو غرب حلب. وتتعرض المناطق الحكومية بانتظام لقصف من المعارضة في حين تتعرض مناطق المعارضة أيضا لقصف وضربات جوية من قوات سورية وروسية متحالفة معها.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة