"القمة العربيَّة".. تحدِّيات وتطلعات

 

 

تنعقدُ القمَّة العادية السابعة والعشرين لجامعة الدول العربية، اليوم، لأوَّل مرة في العاصمة الموريتانية نواكشوط، وَسْط تحدِّيات جمَّة تعصفُ بالمنطقة والإقليم ككل، وتطلعات عريضة في مُستقبل آمن خالٍ من اللون الأحمر والأزمات الاقتصادية.

ورَغْم ما يحيط بهذه القِمَم من استعدادات وتصريحات مُتفرِّقة بأنَّها ستكون قمَّة حاسمة في عددٍ من الملفات الإقليمية، إلا أنَّ مُخرجَاتها دائمًا ما تعكسُ حالة الضعف العربي العام، وتظهر الجانب الأكثر وضوحًا في العلاقات العربية-العربية، وهو جانب الخلافات؛ فلا يكاد تنعقدُ قمة في أيِّ عاصمة عربية، إلا وسُحب الخلافات تُخيِّم فوق قاعة الاجتماعات، ويتجلَّى ذلك في عدم الاتفاق على تحديد الأولويات التي يتعيَّن على القمة إعلاؤها والعمل عليها وفق جدول زمني واضح المعالم.

وتأتي هذه القمَّة والمنطقة والعالم يرزحان تحت وطأة الإرهاب، الذي لا يُميِّز بين أصحاب ديانة وأخرى، إنه فقط آلة قتل عمياء، تعيثُ في الأرض فسادا وإفسادا، تحرقُ الأخضر واليابس، ولا تكتفي بتفجير هنا أو هناك، إنما تَسْعَى بجُل طاقتها إلى أن تُشعل مزيدا من النيران في الجسد العربي، الذي لم يعد يتحمَّل أي جروح.

ومن المؤكَّد أنْ يكون المشهد السوري حاضرًا وبقوة على اجتماع القمة؛ فلا يزال حمام الدم يسيل أنهارا في سوريا، مع استمرار الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي بين الفرق المتناحرة على السلطة، بينما تنهار كل مساعي السلام أمام تعنُّت الاطراف واستناد طرفي المعادلة على أقطاب خارجية، دونما اعتبار حقيقي للأرواح التي تسقط يوميا والآلاف الذين يعانون التشرد والعوز.

وتنعقدُ القمة ولا تزال قضية فلسطين ترواح مكانها دونما تقدُّم ملموس منذ سنوات، وتقف الجامعة العربية مكتوفة الأيدي إزاء الانقسام الفلسطيني الداخلي، الذي يمنح سلطة الاحتلال مزيدا من القوة والإمعان في انتهاك الأراضي الفلسطينية والعجرفة فيما يتعلق باستئناف مفاوضات السلام. وتكثُر التساؤلات في هذا السياق حول ما إذا كانت فلسطين لا تزال هي قضية العرب الأولى، في ظلِّ ما تعانيه المنطقة من دمار واقتتال غير مسبوق في تاريخها المعاصر.

ولكن في المقابل، لا تزال الشعوب العربية مُؤمنة بوحدة الهدف والمصير، وتأمل أن يأتي صباح جديد يضيء على أمة لغة الضاد ليلهم الدَّامس الذي طال، ويبُث في نفوسهم الأمل بقرب زوال الألم، ويشحذ هممهم نحو غد أكثر إشراقا ودفئا.

تعليق عبر الفيس بوك