تطويع المجالات الحيوية في ظل غياب النفط

هاجر بنت جمعة اليحيائي

لطالما تذبذبت الخطط المستقبلية التي رسمها ذوو الشأن للاقتصاد، خلال الفترة الأخيرة، والتي تباينت فيها أسعار النفط حتى وصلت لصورة مقلقة، ودافعة للإسراع والتعجيل في وضع خطط بديلة كفيلة بتقليل الاعتماد على النفط كمصدر دخل أساسي للدولة، فرغم معرفة مدى محدودية النفط واحتمال نفاذه في أي حقبة زمنية، إلا أن الاستثمارات في المجالات والقطاعات الأخرى لم تصل بعد لمستوى يغني عن الاستعانة بالنفط.

إن للمجالات الحيوية باع طويل في تلبية مطالب أبناء الوطن، والتي لا يكاد يستغنى عنها، كما وتشكل فرصة ثمينة للاستثمارات وتغطية الطلب والحاجة لها، كما وتتعدد السبل في رفع مساهمة هذه المجالات في الاقتصاد العام للدولة.

ونخص بالمجالات الحيوية، المجالات المتعلقة بالزراعة والاستثمار الغذائي، والقطاع الحيواني والسمكي، والتي تشكل فيها السلطنة بيئة خصبة تحتضن العدد الكبير والمتنوع من المحاصيل، وتعدد المناخ المساعد على زراعة أنواع معينة، بالإضافة للباع الطويل المسجل لدى الشاب العماني في تربية الحيوانات منذ القدم.

وبحسب الإحصائيات، فإن مساهمة المجالات الحيوية في العائد الاقتصادي للوطن تصل حوالي 11% فقط، وتمثل نسبة قليلة مقارنة بمجال النفط ومساهمته، بالتالي فإن انخفاض أسعار النفط وتدهور وزنه في الاقتصاد دافع لإعادة النظر في نسب مساهمات هذه القطاعات.

لذلك فإنّ جوانب الاستثمار في المجالات الحيوية متعددة ومتنوعة، بداية بالمشاريع الحيوية لإنشاء مزارع متخصصة بالمحاصيل النادرة في السلطنة، وتقليل اللجوء للاستيراد من الخارج، بالإضافة للاستثمار المتعلق بتوفير المنتجات الثانوية، وهي التي يتم تصنيعها من المنتجات الأولية للحيوانات التي يتم تربيتها محليا، بالإضافة للاستثمارات الزراعية في مجال الكماليات والزينة وغيرها.

كما واستحدث المتخصصون عددا من التقنيات الحديثة الممكن استخدامها في تطوير الإنتاج الزراعي كتقنية الزراعة بدون تربة، والتي ساهمت في تحسين الإنتاجية وتقليل استهلاك المياه، وتقليل الآفات الزراعية، أيضا تقنية الزراعة بالمايكرويف، بالإضافة للتوجه لهندسة الجينات لإنتاج زراعي يقاوم الظروف الصعبة فيزيائيا وكيميائيا، بالإضافة لتقنيات أخرى خاصة بالري والتسميد والحصاد.

ومن هنا تتكامل كل العلوم مع المجال الحيوي الزراعي والحيواني، من أجل توفير تكامل اقتصادي بين كافة القطاعات، والعمل على تحسين البنية التحتية للأسواق والتسويق والأراضي الزراعية، والاهتمام بمشاريع إعادة التدوير والحفاظ على البيئة، والمساهمة بشكل كبير في توفير مصادر دخل متنوعة، في ظل اضطراب الأوضاع المالية للنفط في السوق المحلية والعالمية.