تعثر عملية السلام وعجرفة المحتل

جاءتْ مُخرجات المؤتمر الدولي بباريس لإحياء محادثات السلام بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال الإسرائيلي، مُخيِّبة لآمال النضال الفلسطيني الرامية لانتزاع الحقوق التاريخية التي أهدرها المحتل الغاصب؛ فلم يكد مِدَاد البيان الختامي يجف؛ حتى أفصح المسؤولون الفلسطينيون عن انتقاداتهم للمؤتمر وما تمخض عنه من عبارات إنشائية.

ومن المؤسف أن المؤتمر -الذي يُفترض به إحياء آمال عملية السلام في هذه المنطقة بعد جمود دام سنوات- افتقرَ في بيانه الختامي لأيِّ آلية عمل واضحة أو حتى جدول زمني يُلزِم المحتل بالجلوس إلى مائدة التفاوض مُجددا، والتوقف عن الغطرسة وأعمال القتل والتهجير التي يُمارسها ضد الأشقاء في الأراضي المحتلة.

لا شكَّ أنَّ ثمة جهودًا دولية تُبذل في هذا الإطار -سواء كانت المبادرة الفرنسية، أو التحرك المصري الأخير تجاه القضية- غير أنَّ الواقعَ يكشفُ بكلِّ وضوح عن استمرار عجرفة المحتل الإسرائيلي وإمعانه في وأد أي تحرك دولي لإعادة إحياء عملية السلام.

ولقد تمحورتْ الانتقادات الفلسطينية لمخرجات المؤتمر الدولي، حول أنه عَانَى من الحديث في النقاط العامة، بل تجنَّب تمامًا الإشارة أو التلميح إلى وقت زمني واضح أو خطة عمل مُنظَّمة، فيما بدا أنَّه ضَعْف غير مسبوق من جانب 28 دولة ومنظمة دولية؛ فتحوَّل المشهد إلى اجتماع هامشي لم يُحرز أيَّ تقدم يُذكر. وعلى الرغم من أنَّ الحكم على نتائج هذا المؤتمر ربما تكون مُبكِّرة، لكنَّ المعطيات لا تبعث بأي بارقة أمل، يمكن أن تضيء نَفَق المفاوضات المعتم؛ فالعبارات الفضفاضة التي صاغت هذا البيان، لم تختلف عن مثيلتها من الاجتماعات الروتينية التي تُعقد بين الفينة والأخرى، فأيُّ سلام ذلك الذي سيتحقق عندما يقول المجتمعون إنَّ استمرارَ الجمود في مفاوضات السلام "أمر لا يمكن قبوله"؛ إذ إنَّ الواقع يقول إنَّ هؤلاء المجتمعين لم يتخذوا أي خطوة لإظهار رفضهم لتكلس المفاوضات، كما أنَّ المحتل تَمَادى في رفضه المسبق لأي تحرك بتعيينه اليميني المتطرف أفيجدور ليبرمان وزيرا لما يُسمَّى "وزارة الدفاع"، فكيف لحكومة يمينية تقصي الآخر وترفض أن تجلس إلى طاولة الحوار أن تحقق تقدما في عملية السلام.

... إنَّ المجتمع الدولي يتحمَّل بلا أدنى شك استمرارَ البطش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، وتواصل معاناة الفلسطينيين، ولا مخرج سوى أن يُلزم اللاعبون الكبار في الأسرة الدولية سلطات الاحتلال بضرورة العودة للمفاوضات؛ من أجل تحقيق الاستقرار في منطقتنا المشتعلة بالأزمات والحروب.

تعليق عبر الفيس بوك