كُــن إيجابيــاً

سُلطــان السّعـــدي

يُعرّف الخبراء في فن تنمية الذات ـ التفكير الإيجابي ـ بأنه عبارة عن مجموعة من المهارات المكتسبة، التي تمكّن الإنسان من التغلب على مشاكله وتحدياته. لذا فإنّ رؤية العالم بنظرة التفاؤل والسعادة هي إحدى ركائز هذا الفكر.

من الطبيعي أن يواجه الإنسان في مراحل حياته الكثير من الصعوبات والمشكلات والحواجز التي قد تبطئ أو تعيق مسيرة نجاحاته وإنجازاته وطموحاته وآماله وأعماله في هذه الحياة، فإذا تعاطى معها بشيء من العقلانية والمرونة وأخذ بالأسباب وبحث عن السُبل والبدائل المناسبة التي من خلالها يتمكن من تجاوز أي تحدٍ نجح وسعد، وأما إذا قابل تلك الإشكاليات بنوع من السوداوية في التفكير وأدخل في نفسه الضعف والهوان والكسل والإحباط فإنّه هدم جسور الأمل التي أوصلت غيره إلى مبتغاه عندما أحسن استخدامها وبناءها، وبذلك فإنّه أسهم في وضع حواجز وهميّة لذاته، وتبدت له أول مؤشرات الفشل والعجز.

كل ذلك التعامل ينعكس بدوره على الجوانب التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها وامتلاكها، سواء كان إيجابياً أم سلبياً حسبما تكون شخصية الفرد نفسه ومنطق فكره ونظرته وإقدامه نحو حلحلة أي إشكال كان.

الكثير منّا يتوق إلى تلك الحياة التي يضمن من خلالها استقراره ويضمن لنفسه العيش الكريم والبيئة المرضية التي يُحب أن يعيش فيها، ولكنّ هذه الحياة مقرونة دائماً بحُسن التفكير وحُسن المواجهة، ذلك التفكير الذي يتّصف به عقل الإنسان المتطلّع إلى مستقبل أفضل وحياة أسعد، فإنّه وبدون شك عندما يكون العقل كذلك يمكّن الفرد من تجاوز المشكلات، ويواجهها بسلاح التفكير الإيجابي المُستنير، والذي يجد من خلاله الوسائل التي قد تُسهّل عليه تخطي كافة الأزمات التي قد تصادفه، وتهيئ له تلك البيئة الملائمة والموائمة.

يرى الدكتور إبراهيم الفقي أن النتائج التي تحدث لك هي بسبب اعتقاداتك فالاعتقادات تتحول إلى أفكار والأفكار تتحول إلى أفعال وكلما كررت الفعل تحول الفعل إلى عادة يعيش الإنسان في دائرة لا يحيد عنها في أفكاره وأفعاله والنتائج التي يتعرض لها نتيجة لذلك.

إن تربية العقل تربيةً إيجابية تضمن له الاستمرار دائماً بالتفكير حول القضايا والتعامل معها بإيجابية حتميّة، كما أنّه يسهم في استقراره ونموّه، وهذا نمو ينعكس بدوره أيضاً على صحة الانسان نفسه وعلى جوانب عديدة، منها المادية والمعنويّة، أي أن حُسن تصرف الإنسان في ماله يضمن له استقراره المادي واستقرار عيشه وكما يقال (حُسن التصريف نصف المعيشة) ، أما من الناحية المعنوية فتجد الفرد عندما يكون إيجابي التفكير أكثر سلمية في التعامل، وأكثر سيطرةً على ذاته، حيث إنّه يأخذ بالأسباب حول أي قضيةٍ كانت، ويتناولها بشيء من العقلانية، غير مندفع ولا متهور، يبحث عن الطرق والوسائل السليمة التي تمكّنه من تجاوز المحن.

إن انتهاج الإنسان لذلك المنهج القويم في التفكير بإيجابية يسهم في مساندته ومعاونته في إزاحة العقبات، كونه المنهج الذي يصنع لصاحبة النجاح والرضا، وينأى به عن الاستسلام والرضوخ والانهزام من الوهلة الأولى.

ينصح الأطباء النفسانيون بأن على الفرد أن يكون إيجابياً في تفكيره وفي نظرته تجاه كافة المشكلات التي تواجهه وذلك لارتباط التفكير بصحة الإنسان نفسه كما أسلفنا، فمتى ما كان الإنسان إيجابياً ومتفائلاً سهل عليه حل الكثير من المشكلات والتحديات، ومتى ما كان خلاف ذلك صعبت عليه حياته وانعكس ذلك سلباً على صحته، لذا فإنّ التفكير الإيجابي أيضاً له فوائد صحية جمّة، حيث كشفت دراسة صدرت من جامعة بنسلفانيا أن التفكير الإيجابي يمكن أن يؤدي إلى اتباع عادات جيدة وتحقيق نتائج صحية أفضل لمرضى القلب. إضافة الى أنه يلعبُ دوراً هاماً في سعادة الإنسان، ويتضح ذلك جلياً من خلال الأعمال التي يسعى إلى إنجازها.

لذا فإنّ الواقع المعيشي يُحتّم علينا التعامل مع كافة الظروف والأحداث والمواقف والقضايا بفكرٍ إيجابي، لأجل تحقيق ما نأمل تحقيقه.

sultansalim2@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك