مسابقة العطاء الكبرى

خلفان العاصمي

استطاعت جمعيّة دار العطاء والتي احتفلت قبل فترة قصيرة بمناسبة مرور عشر سنوات على إنشائها أن تتربع على قمة هرم جمعيّات النفع الخيري والعمل التطوعي على مستوى السلطنة، متقدمة بذلك على الكثير من الجمعيّات الأهلية والفرق الخيرية، وجمعيّات المجتمع المدني في جوانب كثيرة، لعلّ أبرزها جانب الابتكار في البرامج التي من خلالها تسهم في تحقيق أهدافها وتنمية مواردها المالية الموجهة لخدمة برامجها الخيريّة والتي هي بحد ذاتها مصنفة تصنيفا مدروسا بشكل جيّد يحقق التكامليّة في تقديم العون المادي للمسجلين لديها من المستحقين؛ وفق تصنيف يراعي نوعيّة البرنامج والفترة الزمنية الخاصة بصرف تلك المستحقات، ولقد تمكّنت الجمعيّة من خلال هذا التنوّع في برامجها وحضورها الدائم خلال المناسبات المختلفة بأن تحظى بثقة الحكومة من خلال الدعم المباشر وغير المباشر الذي تقدمه لها ومن خلال الحضور الرسمي الرفيع في مختلف المناسبات التي تحتفل بها، وكذلك ثقة الداعمين من التجار ورجال الأعمال ومؤسسات القطاع الخاص بالإضافة لثقة الفئة المستفيدة من برامج الدعم والرعاية التي تقدمها الجمعية.

من البرامج التي تنفذها جمعيّة دار العطاء وللعام الخامس على التوالي مسابقة العطاء الكبرى، والتي حصدت من خلالها الجمعيّة المركز الأول مكرر في جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي لعام 2015 التي تشرف على تنظيمها وزارة التنمية الاجتماعية، وهي مسابقة خاصة بطلاب مؤسسات التعليم العالي في السلطنة تنظمها الجمعية من منطلق غرس مفهوم التطوع والعطاء لدى فئة الشباب، وتشجيعهم على الخوض في تجربة الأعمال الخيرية والإسهام في تطوير مهارات العمل، وتخطيط المشاريع وتنفيذها، مساندة لبرامجها النوعية وإيمانا من القائمين عليها بأنّ التطوع ما هو إلا عمل إنساني يهدف إلى خلق التعاون بين أبناء المجتمع وبالتالي يعكس وعي المواطن بدوره الإيجابي في المجتمع ويعزز روح الانتماء لديه، بحسب التوصيف الخاص بالمسابقة والتي حظيتُ بفرصة تغطيتها إذاعيآ منذ النسخة الأولى وحتى نسختها الخامسة التي اختتمت الأسبوع الماضي بإعلان النتائج وتكريم المشاركين في حفل أنيق كما عودتنا الجمعية عند الاحتفاء بمناسباتها المختلفة.

فكرة مسابقة العطاء الكبرى تقوم على تكوين فرق تطوعية من فئة الطلاب بمختلف الجامعات والكليّات المحليّة للتنافس مع بعضها في خلق وابتكار أفكار لمشاريع من شأنها جمع التبرعات ليعود ريعها للبرامج التي تنفذها الجمعيّة، وتبدأ المسابقة في وقت مبكّر من بداية العام الأكاديمي حيث تتم مخاطبة المؤسسات التعليمية ومن ثمّ زيارتها للتعريف بالمسابقة وتوضيح أهدافها وفكرتها وآلية تنفيذها ومن ثم يقوم طلاب هذه المؤسسات بتشكيل فرق تحت مسميّات مختلفة والبحث عن أفكار تحقق أهداف المسابقة ورؤية الفريق وبعد أن تتشكل الفرق تقوم الجمعيّة بتنظيم حلقة عمل تدريبية لهم بالتعاون مع مؤسسة إنجاز عمان وذلك لتدريبهم على كيفية تأسيس فرق العمل، ومنهجيّة العمل التطوعي ومناقشة الأفكار التي ستعمل عليها هذه الفرق، ومن ثمّ يتم تعيين مرشد متطوّع لكل فريق يقوم بعملية التوجيه والمساندة|، والعمل على تذليل التحديات التي قد تواجه الفريق، بعد ذلك تقوم الجمعيّة وبدعم من إحدى مؤسسات القطاع الخاص بتقديم مبلغ وقدره 500 (خمسمائة) ريال عماني لمساعدة الفرق في بدء برامجها وفعالياتها، ويسترد المبلغ ضمن العائد الذي سيحققه الفريق في نهاية المسابقة.

تواجه بعض الفرق المسجلة في المسابقة تحديات مختلفة كعدم التوافق بين أعضاء الفريق أو أن تقل حدة الحماس لديهم وتحديات أخرى مرتبطة بعدم القدرة على توزيع الأدوار وغيرها من الجوانب التي تحتاج إلى مهارات خاصة، مما يؤدي إلى انسحاب هذه الفرق، بينما الفرق الأخرى تعمل على تنفيذ أفكارها من خلال مجموعة من الفعاليات أو الأنشطة والبرامج في إطار أهداف المسابقة، والتي يتم التنافس فيها على أربع فئات من الجوائز هي "أفضل فكرة" و "الأكثر تأثيرًا في المجتمع" و "الاحترافيّة في تنفيذ المشروع" و"أعلى إيراد"، ويتم تقييم الفرق على مرحلتين، المرحلة الأولى تكون في مقر الجمعيّة وبمشاركة كل الفرق التي استمرت، حيث يتم من خلال هذه المرحلة اختيار عدد من الفرق لتتنافس في التقييم النهائي الذي تعلن نتائجه في حفل الختام.

المسابقة تحقق الكثير من الأهداف للجمعيّة وللطلبة في نفس الوقت فبالنسبة للجمعية فهي تعتبر أحد برامجها الهامة التي تكسبها نوعًا من التميّز ضمن المؤسسات المماثلة لها بالإضافة إلى العائد المادي الذي تحققه المسابقة، فعلى سبيل المثال حققت النسخة الأخيرة مبلغ وقدره 31.985 (واحد وثلاثين ألف وتسعمائة وخمسة وثمانون) ريالا عمانيا، كما تحقق للطلاب فوائد تتمثل في إكسابهم مهارات العمل ضمن فريق واحد ومهارات أخرى مرتبطة بالاتصال والتواصل والتعامل المباشر مع الجمهور والإلمام بمهارات العمل ضمن فريق، كما أنّ الجمعيّة تمنحهم المظلة القانونية لممارسة العمل التطوّعي.

تعليق عبر الفيس بوك