أهم مجالات ريادة الأعمال من حديث جلالته في رحاب جامعة السلطان قابوس

الريادة طريقنا

د. رحمة بنت إبراهيم المحروقيَّة *

يأتي هذا الإصدار الجديد من "روادنا" قبيل يوم الجامعة الذي يُوافق يوم 2 مايو 2016، وهو يوم مشهود ومميز بين أيام السنة لجامعة السلطان قابوس وللبحث العلمي في عمان قاطبة؛ حيث يُعيد هذا اليوم إلى أذهاننا الذكرى العطرة لزيارة مولانا صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -يحفظه الله ويرعاه- لجامعة السلطان قابوس في سنة 2000، وحديث جلالته لطلاب الجامعة وموظفيها؛ ذلك الحديث المليء بالحكمة وبالنظرة الفاحصة للأمور، وهو حديثٌ من القلب نابع، لم يخطه قلم ولم تنطقه لسان من قبل. ما أغلى تلك اللحظات الخالدة التي جلس فيها مولاي لأبنائه، يحدثهم حديثَ الروح للروح. وما أعظم عطاء مولاي جلالة السلطان حين أنعم في 2 مايو من العام 2000 على الجامعة بمنحة جلالته للبحث العلمي وقدرها خمسمائة ألف ريال عماني يتم منحها سنويا لبحوث ذات طبيعة إستراتيجية للبلاد تعمل على الارتقاء بها من كافة النواحي وتؤسس لنهضة علمية، رصينة القواعد، متينة البنيان، مبنية وقائمة على البحث العلمي. وفي نظر جلالة السلطان الثاقب، فإنَّ البحثَ العلمي لا يتوقف، بل هو دولاب مستمر الحركة، والتغير والتطور العلمي أمر حتمي يجب علينا مواكبته ليس فقط حتى لا نتخلف عن الركب بل حتى نكون في مقدمته. وحيث إنَّ البحثَ العلميَّ والابتكار وريادة الأعمال مرتبطة ببعضها ارتباط الجسد بالروح، فإنَّ أيَّ دعم للبحث العلمي يؤثر إيجابا على الابتكار وريادة الأعمال حيث تنتج الأفكار والحلول المبتكرة لمعالجة مشاكل المجتمع والتصدي للتحديات التي تعتريه وتواجهه. وحديث جلالته الكريم للطلاب وحثه إياهم على التدبر والتفكير الناقد الذي يمكن الطالب من إعمال فكره فلا يأخذ المعلومة مسلما بها ومعتبرا إياها صحيحة لا تحتمل الخطأ، بل مُعملا فكره فيها ليتبين الصواب من الخطأ، إنما هي دعوة لتفكير يأخذ المنحى الصحيح، ويسلك الطريق القويم الذي قد يؤدي إلى تصحيح أخطاء تاريخية تم التسليم بها مسبقا.

والفكر الابتكاري يأتي كنتيجة للحرية الفكرية التي يرعاها جلالته ويحترمها؛ ففي كلمته الكريمة، قال جلالته إنَّ "مصادرة الفكر والتدبر والاجتهاد من أكبر الكبائر" وأنه جلالته لن يسمح لأحد بأن يُصادر الفكر أبدا. والحرية الفكرية هي أول متطلبات التفكير المبتكر الذي قد يقود إلى أعمال ريادية في المجتمع. ومن أهم الرسائل التي وجهها جلالته خلال خطابه ما قاله عن الاقتصاد الذي اعتبره جلالته ركيزة أساسية للتنمية، وقد ذكر جلالته أنَّ اقتصاد بلادنا قد قوي بسبب البترول، ولكن إيجاد البدائل مهم جدا للاقتصاد وسلامته، وإيجاد البدائل لا يأتي إلا "بالعمل، بالجد والاجتهاد من الجميع" كما قال جلالته. وقد ذكر جلالته نهج التدرج في الصناعات من خفيفة إلى متوسطة وصولا إلى الصناعات الأكبر. وأشار جلالته إلى فتح مجالات الاستثمارات وإلى استقطاب بعض الشركات وإلى الانفتاح المدروس على السياحة التي تجلب المنفعة للبلاد وتجنبها المحاذير. وحديث جلالته عن التقنية وضرورة مواكبتها لتتقدم الصناعة ويتقدم المجتمع والذي قاله جلالته عن الثروة الزراعية وأهمية النخلة وضرورة السعي للاكتفاء الذاتي وما أشار إليه عن الثروة السمكية ووصف جلالته إياها بأنها ركيزة أساسية يجب المحافظة عليها واستغلالها الاستغلال الأمثل وإشارته إلى الموقع الجغرافي الفريد لعمان، إنما هي جميعا موجهات مهمة لكل من يريد النجاح في ريادة الأعمال. فإنْ تم التركيز على هذه المجالات التي تطرق إليها جلالته، في حديثه في ربوع الجامعة سنة 2000، من قبل رواد الأعمال فسيصبح في عمان نهضة واسعة مستدامة تؤتي أكلها ثمارا يانعة لأبناء الوطن وتحفظ لعمان عزها وتراثها الخالدين.

* نائبة رئيس جامعة السلطان قابوس للدراسات العليا والبحث العلمي

mrahma@squ.edu.om

تعليق عبر الفيس بوك