بغداد - الوكالات
اشتبكت القوات العراقية مع مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية بالقرب من الفلوجة أمس وقصفت أحياء بوسط المدينة في بداية هجوم لاستعادة السيطرة على المدينة الواقعة غربي بغداد. وقال سكان إنّ اشتباكا وقع في منطقة الهياكل على المشارف الجنوبية للمدينة كان من أولى المواجهات المباشرة بين الطرفين. وقال مسؤول محلي إنّ القوات أيضًا اقتربت من ضاحية الكرمة الشمالية في مسعى للقضاء على المسلحين قبل توجيه انتباهها صوب وسط المدينة.
واستهدفت ضربات جوية وقصف بقذائف الهاون خلال الليل أحياء داخل المدينة يعتقد أن مقر الدولة الإسلامية فيها. لكن القصف هدأ بحلول النهار. ووصف المتحدث باسم الجيش العراقي العميد يحيى رسول في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي تقدم القوات بأنه حذر ويعتمد على المهندسين الذين يفككون القنابل التي زرعها المتشددون على جوانب الطرق.
وتقع الفلوجة - وهي معقل قديم للجهاديين - على بعد 50 كيلومترا من بغداد وكانت المدينة الأولى التي تقع في أيدي التنظيم في يناير 2014. وبعد ستة أشهر من ذلك التاريخ أعلنت الدولة الإسلامية "دولة خلافة" تمتد على مساحات كبيرة من العراق وسوريا. وطوقت القوات العراقية المدينة منذ العام الماضي لكنها ركزت أغلب العمليات القتالية على المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية إلى الغرب والشمال. وتعهدت السلطات باستعادة مدينة الموصل هذا العام تمشيًا مع خطة أمريكية لطرد الدولة الإسلامية من معقليها الرئيسيين في العراق وسوريا.
لكن عملية الفلوجة التي لا تعتبر ضرورة للتقدم عسكريا نحو الموصل يمكن أن تؤخر هذا الجدول الزمني. واستمر هجومان شنتهما القوات الأمريكية ضد تنظيم القاعدة في الفلوجة عام 2004 نحو شهر لكل منهما وخلفا أضرارا جسيمة في المدينة. وقدر الجيش الأمريكي مؤخراً أن ما يتراوح بين 500 إلى 700 متشدد من تنظيم الدولة الإسلامية موجودون حاليًا في الفلوجة.
وقال قائمقام الكرمة أحمد مخلف لرويترز إن الطائرات الهليكوبتر التابعة للجيش تقصف مواقع للدولة الإسلامية في الكرمة القريبة وتستهدف التحركات من المنطقة وإليها بهدف إضعاف المقاومة بما يمهد لدخول القوات البرية. وقال بيان لوزارة الدفاع العراقية إن وزير الدفاع ورئيس الأركان زارا منطقة على المحور الشمالي للمدينة أمس.
وقال التلفزيون الرسمي العراقي أمس إنّ رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يواجه أزمات سياسية واقتصادية زار مركزا للقيادة أقيم في منطقة قريبة للإشراف على العمليات العسكرية. ولدى إعلانه بدء العملية في خطاب أدلى به في وقت متأخر من مساء الأحد، قال العبادي إنّ الهجوم ينفذه الجيش والشرطة وقوات مكافحة الإرهاب ومقاتلون من العشائر المحلية وتحالف مؤلف في الأغلب من فصائل مسلحة شيعية. وقال "كل صنوف القوات المسلحة والحشد الشعبي وأبناء العشائر من أهالي الأنبار يشاركون في عملية تحرير الفلوجة من داعش الإرهابي."
ويقول مسؤولون عراقيون إن العمليات التي تشارك فيها الفصائل الشيعية بما يشمل تلك المدعومة من إيران قد تقتصر على تلك التي تدور خارج حدود المدينة كما حدث في الأغلب في المعركة لتحرير الرمادي قبل ستة أشهر لتجنب تأجيج التوترات الطائفية مع السكان السنة. وأظهرت لقطات بثها التلفزيون الرسمي مركبات مدرعة وسط أشجار النخيل على أطراف المدينة وأضواء طلقة تعقب ليلية خضراء تنطلق من القذائف وإطلاق نيران من بنادق آلية.
كما أظهر فيديو عائلة تقف نهارًا على أعتاب منزل بسيط مؤلف من طابق واحد وهي تهلل وتلوح بعلم أبيض لقافلة الجيش لدى مرورها أمامهم. ودعت الحكومة المدنيين لمغادرة المدينة وقالت إنّها ستفتح ممرات آمنة لمناطق جنوبي المدينة. وقال سكان يعيشون في وسط المدينة إنهم فروا لمناطق آمنة نسبيا عند الأطراف الشمالية لكن القنابل التي زرعتها الدولة الإسلامية على جوانب الطرق منعتهم من مغادرة المدينة.
وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن 80 أسرة تمكنت من الخروج من المدينة في الأيام القليلة الماضية عبر طريق رئيسي أو وسط الحقول الزراعية تخضع الآن لفحص أمني.
وقالت المفوضية في بيان إنّ ثلاثة أشخاص على الأقل قتلوا لدى محاولتهم الفرار في حين لا تزال 10 آلاف أسرة محاصرة بالداخل "في وضع شديد الخطورة". وقال سكان بوسط الفلوجة إنهم تحركوا عند الفجر إلى أماكن آمنة نسبياً في الشمال لكن دوريات تنظيم الدولة الإسلامية بدأت تقيد الحركة حتى بين الأحياء. وقال سكان إنّ المتشددين يستخدمون أيضاً مكبرات الصوت في المساجد لحث المدنيين على التبرع بالدم.
وقالت السلطات إنّ ثلاث قذائف مورتر سقطت قرب المنطقة الخضراء المحصنة بالعاصمة العراقية بغداد في أول هجوم من نوعه منذ أكثر من عام قرب المجمع الذي يضم عدة سفارات ومبان حكومية. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الذي لم يسقط ضحايا وتزامن مع الإعلان عن هجوم تشنه الحكومة لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة الفلوجة غربي العاصمة.
وقال بيان عسكري وضابط شرطة إن قذائف المورتر أُطلقت من شارع القناة في شرق بغداد وسقطت على حي الكرادة على بعد أقل من كيلومتر من المنطقة الخضراء على الجانب المقابل من نهر دجلة. وكان محتجون مناهضون للفساد اخترقوا المنطقة الخضراء مرتين خلال الشهر المنصرم واقتحموا البرلمان ومقر الحكومة مما أثار تساؤلات بشأن قدرة الحكومة على إرساء الأمن في العاصمة أثناء قتالها تنظيم الدولة الإسلامية في المحافظات الشمالية والغربية.