متحف قوات السلطان المسلحة يشارك دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف

معروضات تبرز التراث العسكري العماني وتحث على المحافظة عليه والتعريف به

مسقط - مبارك الصبحي

تصوير/ نائب العريف أحمد بن فهد الوهيبي

يُشارك متحفُ قوَّات السلطان المسلحة، دولَ العالم، الاحتفالَ باليوم العالمي للمتاحف؛ تقديرا منه لدور المتاحف في تعزيز العلاقة بين المتحف والمجتمع؛ باعتبار أنَّ المتحف لم يعُد فقط مجرد بيت لحفظ الكنوز التاريخية والتراثية والثقافية، بل أصبح مركزاً علميًّا مهمًّا يُسهم في نشر وإبراز المعرفة والعلوم والتعريف بالتراث الإنساني في جميع المجالات؛ حيث تعدُّ المتاحف مرآة حقيقية للشعوب والحضارات، وتحكي قصة أمة وتؤرخ لنشاط حضارة بما أبدعته عقول أبنائها من نتاج فكري وثقافي. وهي نافذة مهمة نطل منها على الماضي العريق لنستطيع استقراء الحاضر واستشراف المستقبل. وقد بدأ الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف منذ ما يقرب من أكثر من ثلاثين عاماً، حيث قرر المجلس الدولي للمتاحف (ICOM) في العام 1977م تخصيص (الثامن عشر من شهر مايو من كل عام) يوماً عالمياً للمتاحف.

وافتُتح متحف قوات السلطان المسلحة -الذي تحتضنه قلعة بيت الفلج التاريخية- تحت الرعاية السامية الكريمة في الحادي عشر من ديسمبر عام 1988م، ويزخر المتحف بمحتويات تروي قصة التطور المضطرد الذي تحقق بسواعد أبناء عمان وتضحياتهم ومسيرة عهد النهضة المباركة بقيادة مولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة ورائد النهضة الحديثة -أبقاه الله. وكان افتتاح متحف قوات السلطان المسلحة نقلة نوعية في تعزيز مصادر التراث والسياحة في عمان، ومن هذا المنطلق وكون هذا الصرح الحضاري الأثري التاريخي الذي يحمل نفحات الماضي بكل عراقته وتحكي كل قطعة فيه تاريخاً يستحق أن يقف المرء له بكل اعتزاز وإجلال، فكانت الأهداف المنشودة من إنشائه هي إبراز الدور العسكري العماني منذ أقدم العصور حتى العصر الحديث والمستوى العسكري الذي وصلت إليه قوات السلطان المسلحة. وإحياء التراث العسكري العماني والمحافظة عليه والسعي للتعريف به من خلال الأثار والوثائق والمخطوطات. والتأكيد على الإسهامات الحضارية العسكرية التي أنجبتها العقلية العمانية في المجالات التعبوية في العصور الماضية.

وقلعة بيت الفلج كبيرة بيضاء اللون تقف شامخة في محافظة مسقط، ولها أهمية تاريخية، وبنيت القلعة في عام 1845م في عهد السيد سعيد بن سلطان واتخذها مقرًّا له ولأسرته. ومنذ عام 1918م إلى 1978م كانت مقرًّا لقيادة قوات السلطان المسلحة، وفي العام 1978م أصدر حضرة صاحب الجلالة أوامره السامية بتحويل قلعة بيت الفلج إلى متحف عسكري، وتم نقل القيادة العسكرية إلى مقرها الحالي في معسكر المرتفعة.

ويحتوى المتحف على عدد من قاعات العرض تروي المسيرة التاريخية لقوات السلطان المسلحة؛ وهي كالتالي: قاعة "عمان قبل الإسلام" وتروي تاريخ عمان منذ الأحقاب الموغلة في القدم، مرورا بقدوم الأزد إلى عمان. وقاعة "عمان والإسلام" تروي إسلام أهل عمان بعد دعوة النبي العربي الكريم لأهل عمان بالدخول إلى الإسلام ولقيت تلك الدعوة قبولا وترحيبا من أهلها، وتبرز تلك الشهادة الإسهامات الكبيرة التي قام بها العمانيون في نشر الدعوة الإسلامية والمشاركة في الفتوحات الإسلامية.

وقاعة "البرتغاليون في عُمان" وتروي تاريخ قدوم البرتغاليين لعمان في العام 1507م، والإسهامات التي أسهم بها العمانيون في مجال الملاحة والابتكارات التي أوجدوها من أجهزة وآلات مختلفة كالبوصلة والإسطرلاب. وقاعة "عهد اليعاربة" تروي تاريخ حكم اليعاربة في عمان وإسهاماتهم في الحفاظ على وحدة البلاد وأمنه واستقراره، وأهم التحصينات التي أقاموها من قلاع وحصون. وقاعة "عهد السادة البوسعيديون" تروي تاريخ حكم الأسرة البوسعيدية، بدءاً من الإمام أحمد بن سعيد (1741-1793م)، وإسهاماته، ثم تسلسل الحكام البوسعيديين والأحداث التي جرت في عهودهم. وقاعة "نشأة قوات السلطان المسلحة" تروى تاريخ نشأة قوات السلطان المسلحة في الفترة من 1913-1932م، وتتطرق إلى ذكر أهم الأحداث التي جرت في ذلك الوقت والدور الكبير الذي قامت به قوات السلطان المسلحة في الحفاظ على وحدة البلاد وأمنه.

وتروى قاعة عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس من سعيد المعظم الإنجازات العظيمة التي تحققت في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة، كما تروي التطور الكبير الذي شهدته قوات السلطان المسلحة خلال عصر النهضة المباركة والإنجازات العملاقة التي تحققت. وهناك أربع قاعات أخرى تتحدث عن مراحل تطور الأسلحة الأربعة الجيش السلطاني العماني وسلاح الجو السلطاني العماني والبحرية السلطانية العمانية والحرس السلطاني العماني منذ نشأتها وحتى العصر الحالي.

المعروضات الميدانية

ويحتوي المتحف على معروضات ميدانية متعددة منها الآليات والمدافع والطائرات والسفن والأجهزة والمعدات المستخدمة قديما في أسلحة قوات السلطان المسلحة والحرس السلطاني العماني. ويشق القلعة في منتصفها مجرى مائي (الفلج) ولقد ارتبطت القلعة بهذا الفلج فسميت ببيت الفلج، والفلج ينساب قادما من سفوح جبال منطقة الوادي الكبير بمسقط ويجري على امتداد وادي روي وصولا إلى ساحل دارسيت في مجرى تحت الأرض بامتداد شاسع، ماؤه ينساب بخفة ونشاط، وقد بنيت القلعة على ضفافه فنسبت له (بيت الفلج).

وتظهر أهمية متحف قوات السلطان المسلحة واضحة وجلية في مجال السياحة المتعددة وبوجه خاص في ما يعرف بالسياحة الثقافية، بما يقوم به من دور مهم في التعريف بالموروثات العسكرية والمعروضات الدالة على مسيرة تطور قوات السلطان المسلحة، ويتجلى ذلك من خلال عرض المقتنيات التاريخية والتي تسهم بلا شك في تثقيف أعداد كبيرة من الزوار وتعريفهم بتاريخ عمان بماضيها التليد وحاضرها المشرق.

وتم بناء هذا المسجد في عام 1913م بقرب قلعة بيت الفلج، ويتسع لما يقارب 234 مصلياً، وهو مبني وفقا لتصميم المساجد العمانية القديمة، وينقسم إلى جزئين بهما محرابان داخلي وخارجي، والسقف مغطى بسعف النخيل المجدول على هيئة بساط والمدعوم بالخشب، ونوافذ المسجد الخشبية. ويشتمل المتحف على مكتبة تحتوي على أكثر من 3000 كتاب في مختلف العلوم، خاصة العسكرية والتاريخية، والمكتبة متاحة للمستفيدين خلال أوقات الدوام الرسمي من الساعة 0730 صباحا وحتى 1400 ظهرا.

وتم إدخال الأنظمة التقنية الحديثة كالمتحف الافتراضي الذي يجسد معروضات المتحف بطريقة إلكترونية حديثة وسهلة بحيث يتمكن الزائر من التجوال عبر غرفه وردهاته ومجسمات المتحف إلكترونيا وبخمس لغات، كما أن هناك الصفحة الإلكترونية التي يمكن تصفحها عبر الإنترنت.

المشاركات الثقافية للمتحف

وتتعدد مشاركات متحف قوات السلطان المسلحة على مدار العام، حيث يشارك المتحف سنويا في احتفالات البلاد بالعيد الوطني وبيوم القوات المسلحة، وفي مهرجان صلالة السياحي في (محافظة ظفار) بالإضافة إلى مهرجان السفر والسياحة بمركز عمان الدولي للمعارض، وبهذا يشكل هذا المعلم التاريخي البارز أهمية كبيرة للدارس والمضطلع على الحضارة العمانية بعصورها المختلفة وحتى هذا العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم القائد الأعلى للقوات للمسلحة -حفظه الله ورعاه.

ويشار إلى أن متحف قوات السلطان المسلحة يفتح أبوابه أمام الجمهور الكريم من يوم الأحد وحتى الخميس من كل أسبوع، من الثامنة صباحاً وحتى الواحدة والنصف ظهراً، ويوم السبت على فترتين: الفترة الصباحية من التاسعة صباحاً وحتى الثانية عشرة ظهراً، والفترة المسائية من الساعة الثالثة عصراً وحتى السادسة مساءً، كما يسمح لجميع المواطنين والمقيمين والزوار بزيارة المتحف دون الحاجة لتصريح.

ويقول المقدم الركن فالح بن سيف المعمري مدير متحف قوات السلطان المسلحة بالإنابة إن المجلس الدولي للمتاحف ينظم في الثامن عشر من شهر مايو من كل عام اليوم العالمي للمتاحف، والذي يمثل لحظة فريدة لمنظمة المتاحف العالمية، حيث تشارك المتاحف في هذا اليوم بفعاليات وأنشطة إبداعية ذات صلة بموضوع اليوم العالمي للمتاحف، كما تسلط الضوء على أهمية دور المتاحف باعتبارها مؤسسات تخدم المجتمع وتنميته، وإن الهدف من اليوم العالمي للمتاحف هو رفع الوعي بحقيقة أن المتاحف وسيلة هامة للتبادل الثقافي وإثراء الثقافات وتطوير التفاهم المتبادل والتعارف والسلام بين الشعوب، وسيكون شعار الاحتفال باليوم العالمي لهذا العام ( المتاحف والفضاءات الثقافية).

ويقول الملازم سعيد بن راشد الذهلي ضابط الإدارة والعهدة بمتحف قوات السلطان: إنَّ متحف قوات السلطان المسلحة يعد واجهة التاريخ العسكري العماني في كل مراحله، ونفتخر بأداء هذه الأمانة التي أعطيت لنا بكل فخر لإدامته للأجيال القادمة بالشموخ ذاته الذي تمتاز به قلعة بيت الفلج.

ويقول الوكيل أول جوي يوسف بن سعيد السيابي إن للمتاحف دوراً مهماً في النهضة التعليمية الحديثة عن طريق تنمية القدرات وإظهار المواهب ورفع مستوى الثقافة وتقوية الإبداع، كما أن رسالة المتحف رسالة حية ومرئية تبعث شعاعها إلى الجميع في شكل ثقافة عامة ومعلومات متخصصة تعرضها للزائرين بأسلوب مباشر سهل مشوق وجذاب، كما أنه يعد مرجعاً للباحث في دراسته الأكاديمية، حيث يوفر المتحف الإمكانيات اللازمة للتجارب والدراسات والأبحاث العلمية، ومن هذا المنطلق كان لمتحف قوات السلطان المسلحة نشاطات وفعاليات ومشاركات كثيرة منها العامة ومنها الخاصة.

ويقول الوكيل أول إبراهيم بن سعيد الكندى إن متحف قوات السلطان المسلحة الموجود في معسكر بيت الفلج يستقبل يومياً أعدادا كبيرة من الزوار الرسميين للسلطنة وزيارات لطلبة المدارس والجامعات والكليات ومدارس الروضة والعائلات العمانية والمراكز الصيفية والمقيمين، بالإضافة إلى الوفود العسكرية الزائرة من مختلف الدول الشقيقة والصديقة.

ويقول الرقيب هيثم بن ياسر الحمراشدي إن الأمر السامي باتخاذ قلعة بيت الفلج متحفا لقوات السلطان المسلحة إنما يعني فتح صفحة جديدة في سجل العسكرية العمانية، وتوثيقا لحقبة جديدة متميزة في حياتها المعاصرة، ألا وهي قوات السلطان المسلحة وريثة الأمجاد العسكرية العمانية لتروي للأجيال قصة التطور الذي حققته بسواعد أبنائها وتضحياتهم، في عهد النهضة المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة - حفظه الله ورعاه - باحث أمجاد عمان التليدة ونهضتها العتيدة.

تعليق عبر الفيس بوك