"الضغوطات".. وراء زهد بعض النساء في العمل

والدها هجر منزل العائلة بلا عائل.. فاضطرت للبحث عن وظيفة لأكثر من مرة

 

الرُّؤية - خاص

وُلدت "ف.ع.ل" لأب عماني وأم أجنبية، وتبلغ حاليا من العمر 35 عاما، واضطرتها الظروف للبحث عن وظيفة توفِّر من خلالها احتياجات أمها وإخوتها، بعد أن هجر الأب الأسرة، خاصة وأنَّ والدتها مُسنة لا تقوى على العمل لتوفير المأكل والمشرب، في ظل ارتفاع الأسعار على مختلف المستويات خلال السنوات الأخيرة.

وتقول "ف.ع" عن معاناة الأسرة: عندما هجرنا والدي وترك لأمي المسؤولية وحدها وهموم الدنيا، كنت أنظر لوالدتي يوميا وأتألم وأحدِّث نفسي بأنني لابد أن أجد عملا حتى أخفف المعاناة عنها وأشعرها بالأمان ولو بالجانب المادي؛ من خلال توفير مبلغ يمكن أن يلبي المتطلبات الضرورية للأسرة،. ولأن أحوال الأسرة كانت تسوء يوماً بعد يوم، قررت أن أبحث عن عمل في أي مكان حتى لا نحتاج إلى أحد، ولم أكن أتوقع أن الشارع لا يرحم والحياة قاسية إلى هذا الحد، وصُدمت حيث لا أحد يمكن أن يتعامل معك من منطلق الإنسانية وكثيرون ليس بمقدورهم تقديم عمل الخير لوجه الله فقط، بل إنَّ البعض لا يفكر ما الذي يدفع الفتاة لقبول العمل بكل تبعاته، ولو فكر قليلاً لعلم أنَّ الظروف القاسية وحدها تدفع بكثير من الفتيات للبحث عن عمل من أجل توفير احتياجات أسرهن، وأن الظروف في أحيان كثيرة تكون قاسية تحتاج لعقل كبير ليتفهم أوضاعَ مثيلاتي من الفتيات، لكن في الواقع أول ما يفعله البعض يفكر في أنني مجرد أنثى، ويريد ان يصل إلى إشباع رغباته عن طريق استغلال حاجتي.

وتضيف بأنها خاضت تجربة العمل في أكثر من مكان وكثيرا ما واجهت ضعاف النفوس الذين يقبلون تعيينها في البداية، وبعد فشلهم في إجبارها على تلبية رغباتهم يفصلونها من العمل، وتقول: ليس لشىء سوى أنني لم أقبل اسلوبهم غير الاخلاقي ومراودتهم لي بالتنازل عن أنوثتي، وأن أقع فريسة لرغباتهم التي كانت تلاحقني وكثير منهم وصل به الأمر إلى حد التحرش وعندما أرفض تلك الأساليب أخسر عملي.

لكن صمودها لم يدم، حيث تقول: عندما كثرت الضغوط ووصلت بنا إلى مستوى أكثر احتياجا أصبحت أجاري ضعاف النفوس لأطول فترة ممكنة حتى أظل بالعمل لكنني لم أقع في الخطيئة يوماً، وبعد أن ييأس أصحاب النفوس الضعيفة، ويوقنوا أنه لا جدوى من إغرائي للتنازل عن أنوثتي، يطردوني من العمل. وفي كل مرة أرجع إلى البيت بمزيد من الإحباط لكن سرعان ما تعود إليَّ ثقتي في نفسي وأظل أبحث عن عمل آخر حتى أجد من يوظفني ليس طمعاً فيَّ كأنثى.

وبكل ثقة تضيف: سيرزقني الله عزَّ وجل العمل الحلال؛ وذلك بفضل دعوات والدتي وإخوتي، وأثق أن الدنيا لا يزال بها الخير، وأن هناك من يسعى لخدمة الآخرين، خاصة وأنني لا أريد أن أحصل على أموال دون عمل أو أن نصبح وإخوتي عالة على أحد. والمنزل الذي كنا نسكن به بات آيلا للسقوط وبفضل جهود جمعية الرحمة الخيرية استأجرنا شقة في منطقة المعبيلة بقيمة 200 ريال عماني تدفع الجمعية 150 على أن نكملها بخمسين ريالا حتى نفي قيمة الإيجار، وتمنحنا الجمعية 20 ريالا شهريا كمساهمة في الأكل والشرب لأفراد أسرتنا غير التزامات الماء والكهرباء التي نتعثر في دفع فاتورتها حتى وصلت ما يقارب الـ600 ريال.

وتشير إلى أنَّ لديها شقيقين ما زالا بالمدارس، وتضيف: نعاني أشد المعاناة لتوفيرالمصروفات اليومية التي في كثير من الأحيان نعجز عن توفيرها، وما نتقاضاه من الضمان الاجتماعي مبلغ 80 ريالا مقارنة بمتطلبات الحياة اليومية يعد مبلغ بسيط لا يكفي لمعيشتنا لاسبوع، بخلاف فواتير الحياة الأخرى، وهو ما يدفعني لمواصلة البحث عن عمل شريف دون مضايقات.

تعليق عبر الفيس بوك