نحو آليَّة دوليَّة لتثبيت هدنة سوريا

دعوة الرئيس الأمريكي وزعماء ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا -خلال اجتماعهم، أمس، في ألمانيا- أطرافَ الحرب السورية إلى احترام اتفاق وقف الأعمال القتالية، والعمل على نجاح مباحثات جنيف بشأن الانتقال السياسي، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، كلُّ هذا أمرٌ جيِّد على مستوى التنظير، ولكنه يحتاج إلى دفعة عملية تُلزم هذه الأطراف احترامَ الهدنة، والدخول في محادثات الحل السلمي للحرب برغبة صادقة وعزم أكيد.

على الجانب الأمريكي-الأوروبي مسؤولية إنسانية وأخلاقية تجاه ما يجري في سوريا، تتجاوز مجرد الدعوة والمناشدة للاطراف المتحاربة للالتزام بوقف الأعمال القتالية، بل تُحتِّم عليها هذه المسؤولية ممارسة كلِّ ضغط مُمكن على كافة أطراف الصراع للرضوخ لما أقرَّته القوتان الكبيرتان روسيا وأمريكا من هُدنة، خاصة بعد أن توافقت عليها أطراف النزاع.

لقد دَعَا الكثيرون إلى إيجاد آلية عملية لمراقبة الالتزام بوقف الاعمال القتالية، بإشراف دولي، لتحديد الجهات المسؤولة عن الخروقات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بردع الانتهاكات للهدنة؛ باعتبار أنَّ وقفَ الأعمال القتالية شكَّل فرصة للانفراج النسبي في الأوضاع الإنسانية في سوريا، ووصلت خلالها المساعدات للكثير من البلدات التي كانت تُعاني من أوضاع إنسانية مأساوية.

... إنَّ الخروجَ من الأوضاع الأكثر تأزيما التي تكتنف المشهد السوري حاليا، والمتمثلة أبرز علاماتها في تعليق المعارضة لمشاركتها في مفاوضات جنيف، وتصعيد قوات الحكومة لعملياتها المستهدفة للمعارضة، يتطلَّب من المجتمع الدولي -خاصة قواه الفاعلة- العملَ على تثبيت الهدنة، وبذل مساعٍ إضافية لإعادة الأطراف المتحاربة إلى طاولة المفاوضات، حتى لا تمضي الأوضاع في سوريا إلى مزيدٍ من التصعيد الذي يدفع ثمنه الشعب السوري.

تعليق عبر الفيس بوك