القوات السورية تسترد بلدة القريتين من "داعش" قرب تدمر.. وقادة علويون يتبرأون من الأسد

طائرات روسية وسورية تشن أكثر من 40 ضربة جوية قرب البلدة

بيروت - رويترز

قالت القيادة العامة للجيش السوري إنّ القوات السورية ومقاتلين متحالفين معها طردوا مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من بلدة القريتين أمس، بدعم من الضربات الجوية الروسية بعد أن حاصروها على مدى الأيام القليلة الماضية. وتقع القريتين على بعد مئة كيلومتر غربي مدينة تدمر التي انتزعتها القوات الحكومية من قبضة التنظيم المتشدد يوم الأحد الماضي وتحيط بها التلال.

وسيطر التنظيم على بلدة القريتين في أواخر أغسطس. وكانت قوات الحكومة السورية تحاول استعادة القريتين وجيوب أخرى تحت سيطرة التنظيم لتقليل قدرته على إبراز قوته العسكرية في منطقة غرب سوريا شديدة الكثافة السكانية حيث تقع دمشق ومدن رئيسية أخرى.

وقال التلفزيون الرسمي السوري إن الجيش وحلفاءه أعادوا "الأمن والاستقرار إلى مدينة القريتين بالكامل بعد القضاء على آخر تجمعات إرهابيي داعش فيها." وذكرت القيادة العامة للجيش في بيان بثته الوكالة العربية السورية للأنباء أن أهمية هذا الإنجاز "تنبع من الموقع الاستراتيجي للمدينة (بلدة القريتين) الذي يعد نقطة وصل بين ريف دمشق الشمالي الشرقي وريف حمص الشرقي ويؤمن خطوط النفط والغاز في المنطقة ويقطع خطوط إمداد تنظيم داعش من البادية باتجاه القلمون."

وذكرت وسائل إعلام رسمية سورية أن القوات الحكومية دخلت البلدة من عدة اتجاهات. وقال مصدر عسكري سوري للوكالة العربية السورية للأنباء إن الجيش السوري قام بتطهير مناطق شمال غرب البلدة من المتفجرات التي زرعها التنظيم المتشدد. وزرع مقاتلو التنظيم الفارون من تدمر آلاف الألغام التي يعمل الجيش السوري حاليا على إزالتها قبل عودة المدنيين.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات الحكومية سيطرت على نصف القريتين وإن قتالا ضاريا يدور بين القوات ومقاتلي التنظيم إلى الشمال والجنوب الشرقي من البلدة. وأشار المرصد إلى أن طائرات روسية وسورية شنت أكثر من 40 ضربة جوية قرب البلدة أمس. وما زال التنظيم يسيطر بالكامل على مدينة الرقة عاصمته الفعلية ويسيطر على معظم محافظة دير الزور في شرق سوريا المتاخمة للعراق.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مسلحي المعارضة السورية وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة شنوا هجوما على القوات الحكومية أول أمس واستولوا على تل استراتيجي في ريف حلب الجنوبي. وتابع المرصد الذي مقره بريطانيا أن الهجوم بدأ يوم الجمعة وأن القوات الحكومية السورية والقوات المتحالفة معها تقاتل لاستعادة المنطقة وصد هجمات أخرى للمسلحين.

وما زالت هدنة هشة "لوقف الأعمال القتالية" صامدة في سوريا لأكثر من شهر في حين تحاول الأطراف المتحاربة من خلال المفاوضات إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات في البلاد. لكن الهدنة استثنت تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة وتواصلت الهجمات البرية والجوية من جانب القوات الحكومية والحليفة في المناطق التي تقول الحكومة إن الجماعات تتواجد فيها.

وبدأ هجوم الجمعة بثلاثة تفجيرات انتحارية نفذتها جبهة النصرة جنوب تلة العيس. وقال المرصد وبيان للنصرة إن مسلحي المعارضة والجبهة استولوا بعد ذلك على التل. وقالت النصرة في البيان إنها نصبت كمينا للقوات الحكومية لدى انسحابها إلى قرية الحضر شرقي التل. وقال المرصد إن القتال أدى إلى مقتل عشرات من القوات الحكومية و16 على الأقل من مسلحي المعارضة والنصرة.

وقال مصدر عسكري سوري لرويترز "هذا هو الخط الفاصل .. الموقع الأمامي للجيش السوري في ريف (حلب) الجنوبي." وأضاف المصدر "في جنوب حلب هاجمت جماعات مسلحة بالتنسيق مع جبهة النصرة بعض المواقع العسكرية... في اتجاه تلة العيس والمناطق المحيطة. بالطبع هذا خرق واضح للهدنة.

وفي سياق مواز، أصدر زعماء من الطائفة العلوية في سوريا وثيقة يتنصلون فيها من نظام الرئيس، بشار الأسد، وينفون انتماءهم للشيعة. ويقول قادة الطائفة العلوية في وثيقة حصلت عليها بي بي سي، إنهم يمثلون نموذجا ثالثا "داخل الإسلام".

وتضيف الوثيقة، التي تُعد تحركا مهما غير عادي، أن العلويين ليسوا فرقة شيعية، مثلما دأب زعماء الشيعة على تصنيفهم في الماضي، وأكدوا التزامهم بمكافحة "الصراع الطائفي". وحملت الوثيقة اسم "إعلان وثيقة إصلاح هوياتي"، وتدعي أن مؤيديها يمثلون 25 في المئة من العلويين في داخل سوريا. وتقول "أخذا في الاعتبار لاختلاف العلوية عن الشيعية، في المعتقدات كما في الأعراف والطقوس والمفاهيم، فإننا نلغي كل إحلاق لنا بها أيا كانت وسائله أو أشكاله." وتضيف الوثيقة إن "جميع الفتاوى الخالصة إلى استتباع العلويين بالشيعة كفرع من فروعها هي لاغية بالنسبة لنا وواقعة موقع العدم منا".

وأوضح الزعماء العلويون في الوثيقة أنهم يؤمنون "بقيم المساواة والحرية والمواطنة"، ويدعون إلى نظام علماني في سوريا مستقبلا، يعيش فيه الإسلام والمسيحية وجميع الديانات سواسية.

ويؤكد زعماء العلوية، التي تسيطر على الحكم والأجهزة الأمنية في سوريا منذ أربعين عاما، على أن شرعية النظام "لا تكتسب إلا بمعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان". وتلح الوثيقة على أن العلويين ليسوا من الشيعة، ويرفضون فتاوى زعماء الشيعة التي "تجعل العلويين فرقة من فرق الشيعة".

ويقول العلوين في وثيقتهم إنهم أدخلوا معتقدات ديانات التوحيد الأخرى في طائفتهم، منها اليهودية والمسيحية، و يرون أن ذلك "ليس انحرافا عن الإسلام، بل دليل على ثراءنا وعالميتنا".

وقال أحد الموقعين على الوثيقة في تصريح لبي بي سي، رفض أن يذكر اسمه، إنهم أصدروها لتحديد هوية الطائفة لأن الكثير من العلويين يقتلون بسبب عقيدتهم. وأضاف أن الوثيقة هدفها التأكيد على أن جميع طوائف الإسلام "إخوة"، وأنه لا ينبغي تحميل العلويين "الجرائم التي ارتكبها النظام"، وأن مستقبل سوريا اليوم بين أيدي المجتمع الدولي.

ويتمنى الموقعون أن "تحرر" وثيقتهم العلويين الذين يشكلون 12 في المئة من سوريا وعدد سكانها قبل النزاع المسلح 24 مليون نسمة، وأن يقطع بيان الهوية "الحبل السري" بين العلويين ونظام الأسد. ويقولون إن العلويين "كانوا موجودين قبل نظام الأسد وسيبقون بعده".

ويرى البروفيسور مايكل كير، الأستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط في كينغز كوليج، أن الهوية الطائفية أصبحت دافعا أساسيا للحرب الأهلية في سوريا، وأنه لم تكن كذلك في بداية الانتفاضة عام 2011. ووصف دبلوماسي غربي، رفض الإفصاح عن اسمه، الوثيقة بأنها مهمة، لأنها "صادرة عن علويين من داخل سوريا، وأن مثل هذا الموقف لم يصدر عنهم منذ 1949 و1971، كما أنها تعني النأي عن إيران والنظام السوري، وعائلة بشار الأسد".

تعليق عبر الفيس بوك