المحرزي في الشورى.. وماذا بعد؟!

حمود الطوقي

في خِضَم الأوضاع الاقتصادية المتوتِّرة التي تمرُّ بها اقتصاديات العالم عموما، واقتصادنا الوطني على وجه الخصوص، يبرُز القطاع السياحي كواحد من أبرز البدائل الحقيقية والفاعلة، للخروج من عُنق تلك الأزمة، خصوصا مع ما تتوافر عليه السلطنة من مقومات تؤهلها لتكون وجهة جاذبة للاستثمارات والسياح على مدار العام.

وعلى مدى يَوْمين، ناقش مجلس الشورى معالي أحمد بن ناصر المحرزي وزير السياحة حول واقع القطاع، ومستقبله، وملامح الإستراتيجية الوطنية 2016-2040، التي يُعوَّل عليها في أن تقود قاطرة الاقتصاد الوطني نحو "التنمية المستدامة".

ولكم تمنيت، لو كُنَّا شركاء في وضع الخطوط العريضة لهكذا إستراتيجية، خصوصا ونحن نعيش لحظات فارقة -اقتصاديًّا أقصد- فالإعلام بلا شك جزءٌ لا يتجزأ من المنظومة الاقتصادية، ومشاركة رجالاته حتما ستعود بالنفع؛ كون الحراك الإعلامي مهمًّا في قياس الرأي العام.. وهي نقطة مهمة جدًّا، وللعلم لم أقصد فقط المشاركة في إستراتيجية وزارة السياحة فحسب، بل كل مشروع حكومي يُطرح لابد (من وجهة نظري) أن يُطرح للرأي العام لإبداء ملاحظاتهم؛ فهم الفئة المستهدفة، وعلى أساسهم تُبنى أمثال هذه الإستراتيجيات.

المهم، وعودٌ على واقع قطاعنا السياحي، فإن القَنَاعات الآن باتت مرتبطة بضرورة تنويع مصادر الدخل؛ وباعتباره واحدًا من المصادر التي تُطرح كبدائل للنفط؛ فإننا لابد أن نكون أكثر مصداقية مع النفس، لنقول بأنَّ قطاعنا السياحي للأسف الشديد لا يزال يفتقد للعديد من الرؤى والخطط التي تضمن إسهامه في الدخل القومي، إذ لم يصل بعد لمرحلة الاستغلال الأمثل، على الرغم من أنَّ الواقع يقول بأننا نمتلك بيئة مُواتية ومشجِّعة (مقارنة بالعديد من الدول المجاورة) تتوافر على دعائم ومرتكزات كفيلة بأن تجعل هذا القطاع مصدرًا رئيسيًّا للدخل، فالسياحة العائلية والسياحة العلاجية وسياحة المؤتمرات والسياحة الصحراية والسياحة التراثية والسياحة الدينية وسياحة المغامرات كلها أنماط سياحية تنفرد بها عُمان تؤهلها لتجاوز مرحلة "التنظير والتفكير" -والبحث عن مؤهِّلات القطاع السياحي- إلى حيث "التطوير والنماء".

إنَّ متابعتي لمداخلة أعضاء المجلس مع وزير السياحة، كشفت العديد من النقاط لا أقول سلبية، ولكنها تحتاج منا لإعادة نظر؛ فالمداخلات في رأيي كانت متواضعة؛ إذ وعلى لسان أكثر من عضو كانت المطالب تدور فقط في إطار المرافق الخدمية والحمامات العامة. نعم المرافق الخدمية مُهمَّة -بل وهي مطلب أساسي- ولكنَّ المقام الآن ليس مجرد نقاشات لتنشيط قطاع صغير يُدر دخلا على مجموعة من القائمين عليه، بل الأمر يتعلق بإيجاد مصدر جديد يُسهم في النهوض باقتصاد دولة؛ فكنت آمل أن تكون ناقشات أصحاب السعادة الأعضاء مركزة أكثر من ذلك، وتضع اليد على الجُرح، وتطرح أفكارا ورؤى يُمكن التأسيس عليها في رحلة الخروج من "قوقعة النفط".. إذ إنَّ موضوعًا كموضوع الحمامات العامة (مثلا)، يُمكن حله بمنتهى البساطة، بأن يُكلَّف أصحاب محطات الوقود (بعد الحصول على ترخيص) ببناء دورتي مياه على الأقل؛ واحدة للرجال والأخرى للإناث، على أن تكون بمواصفات صحية عالية وبجهوزية تامة، إضافة لدورة مياه لذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال.. وهو أمر تفرضه عليهم المسؤولية الاجتماعية، باعتبارهم جزءًا من نسيج هذا الوطن الغالي.

... إنَّ ملف السياحة في السلطنة، يظل مادة دسمة خلال الفترة المقبلة، وبيئة تحتاج من الجميع الولوج إليها وتقديم الرؤى والأفكار البناءة من أجل النهوض به كأحد الدعائم المهمة لرفد اقتصادنا الوطني.. ولا يفوتني أن أؤكد على ضرورة الأخذ على يد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لتكون هي الأخرى رقمًا مهمًّا في رفد هذا القطاع الواعد.

تعليق عبر الفيس بوك