الجيش السوري يواصل القتال في محيط تدمر.. وإيران تهنئ الأسد باستعادة المدينة التاريخية

الكرملين ينفي مشاركة القوات البرية الروسية في العملية

بيروت - رويترز

قاتلتْ قوات الحكومة السورية مدعومة بغارات جوية روسية مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في محيط تدمر، أمس، في محاولة لتعزيز مكاسبها، بعد أن استعادت السيطرة على المدينة الأثرية التي نسف التنظيم المتشدد عددا من معابدها الأثرية.

وقال الكرملين، أمس، إنَّ القوات البرية الروسية لم تشارك في العملية التي قام بها الجيش السوري لطرد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة تدمر، لكنَّ سلاح الجو الروسي قدم الدعم لقوات الحكومة السورية وسيستمر في ذلك. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين خلال مؤتمر عبر الهاتف "نتحدث عن دعم جوي من جانب طائراتنا. لا تقوم قواتنا المسلحة بأي عمليات برية هناك." وأضاف "بعد سحب جزء من فرقتنا (العسكرية) من سوريا ستواصل وحدات سلاح الجو الموجودة في قاعدتي حميميم وطرطوس محاربة الجماعات الإرهابية وستواصل دعم هجوم الجيش السوري".

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن السفارة الأمريكية في روسيا قولها، أمس، إنَّ مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جون برينان أثار مسألة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة. وأضافت أن برينان ناقش أيضا أثناء زيارته لموسكو مطلع الشهر الالتزام بوقف إطلاق النار في سوريا. ونقلت وكالة إنترفاكس عن أوليج سيرومولوتوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله أمس إن برينان عقد اجتماعات في مقر جهاز الأمن الاتحادي الروسي وغيره وإن زيارته لا علاقة لها بقرار موسكو بدء سحب قوتها من سوريا. وكان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف نفى أمس أي اتصالات بين برينان والكرملين أثناء الزيارة.

وقالت وكالة تسنيم للأنباء، أمس، إنَّ أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني هنأ الرئيس السوري بشار الأسد على استعادة مدينة تدمر التاريخية. ونقلت الوكالة عن شمخاني قوله: "إصرار الأمة السورية والحكومة والجيش على القضاء على الإرهاب والجماعات التكفيرية في الأراضي المحتلة مدعاة للافتخار." وأضاف: "الحكومة والقوات المسلحة الإيرانية ستستمر في دعمها الكامل لسوريا محور المقاومة." وتشير إيران إلى التحالف الإقليمي المعادي لإسرائيل على أنه محور المقاومة وإلى الإسلاميين المتشددين على أنهم تكفيريون.

وقال الجيش السوري إن المدينة التي تضم بعضا من أهم آثار الإمبراطورية الرومانية ستصبح "قاعدة ارتكاز لتوسيع العمليات العسكرية" ضد التنظيم في محافظتي الرقة ودير الزور باتجاه الشرق. وقالت وسائل إعلام سورية أمس إن مطار تدمر العسكري فُتح الآن أمام حركة الطيران بعد أن قام الجيش بتطهير المنطقة المحيطة من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان -الذي يراقب الحرب- إنَّ اشتباكات وقعت شمال شرقي تدمر بين مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وقوات متحالفة مع الحكومة بدعم من غارات جوية سورية وروسية. وأضاف أن غارات جوية يعتقد أنها روسية استهدفت الطريق المتجه شرقا من تدمر باتجاه دير الزور. وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد إن أغلب مقاتلي التنظيم فروا من تدمر أول أمس لكن بقي عدد من المقاتلين في المدينة وأضاف أن أغلب السكان فروا قبل هجوم الحكومة وإنه لم يسمع بسقوط قتلى من المدنيين.

وقال المرصد إنه سمع دوي ستة انفجارات أول أمس نتجت عن ثلاث سيارات ملغومة فجرها المتشددون داخل المدينة وعلى مشارفها. وفجر ثلاثة متشددين أنفسهم بأحزمة ناسفة كذلك مما أسفر عن عدد غير محدد من الضحايا من قوات الجيش والقوات المتحالفة معها. وبثَّ التليفزيون السوري الحكومي لقطات من داخل تدمر تظهر شوارع مهجورة ومباني لحقت بها أضرارٌ بالغة. وقال عبد الرحمن إنَّ 417 من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية قتلوا وفقا للمعلومات المعروفة حتى الآن في حملة استعادة تدمر وإن نحو 194 قتلوا على جانب الحكومة السورية.

وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال الأسد إنَّ الدعم الجوي الروسي كان ضروريا في استعادة السيطرة على تدمر وإن المدينة ستبنى من جديد. وقالت روسيا إنها ستساعد في تأمين المدينة وإزالة الألغام بعد الحملة لكنها مازالت تظهر مؤشرات على انسحابها الجزئي من سوريا.

وقالت قناة روسيا 24 التلفزيونية الحكومية أمس إن ثلاث طائرات هليكوبتر هجومية ثقيلة غادرت قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا عائدة إلى روسيا. وتأتي خسارة تدمر بعد ثلاثة أشهر من طرد مقاتلي التنظيم من مدينة الرمادي العراقية في أول انتصار كبير للجيش العراقي منذ انهياره أمام هجوم المتشددين في يونيو 2014. وخسر تنظيم الدولة الإسلامية بعض الأراضي أيضا في أماكن أخرى منها مدينة تكريت العراقية العام الماضي وبلدة الشدادي السورية في فبراير. وقالت الولايات المتحدة إن سقوط الشدادي جاء ضمن جهود لقطع صلات التنظيم بمركزي القوة الرئيسيين له وهما مدينة الموصل العراقية ومدينة الرقة السورية.

ونشب قتال عنيف، أمس، حول بلدة القريتين التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية وتقع على مسافة مئة كيلومتر غربي تدمر والتي تحاول الحكومة السورية استعادتها كذلك. واستولى التنظيم على بلدة القريتين في أغسطس آب الماضي بعد سيطرته على تدمر.

وفي سياق مواز، نقلت قناة روسيا 24 التلفزيونية، أمس، أن ثلاث طائرات هليكوبتر هجومية غادرت قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا. وغادرت طائرتا هليكوبتر من طراز إم.آي-24 وثالثة من طراز إم.آي-35 القاعدة على متن طائرات انتونوف 124 المخصصة للنقل مع عدد من المهندسين والموظفين الفنيين. وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الشهر أغلب القوات العسكرية الروسية في سوريا بالانسحاب بعد خمسة أشهر من الضربات الجوية قائلا إن موسكو حققت أغلب أهدافها. وهنأ بوتين أول أمس الرئيس السوري بشار الأسد على استعادة مدينة تدمر. ونقلت قناة روسيا 24 عن ضابط روسي في قاعدة حميميم الجوية قوله إن القوات الروسية المتبقية في سوريا كافية "لصد أي هجوم في أي وقت وتنفيذ أي مهام عسكرية.

تعليق عبر الفيس بوك