لماذا شابهار اﻹيرانية؟

خلفان الطوقي

لمن لا يعرف شابهار -وبعضهم يكتبها شبهار- هي عبارة عن ميناء إيراني يقع في بحر عمان وقريب من الحدود الباكستانية، ويبعد عن السلطنة حوالي ثلاث ساعات من خلال الطريق البحري الذي يبعد 179 ميلا بحريا عن ميناء السلطان قابوس في محافظة مسقط، وهذا الميناء يعتبر أقرب نقطة بحرية لميناء السلطان قابوس، وأقرب ميناء له هو ميناء ميندرا بجمهورية الهند ويبعد حوالي 700 ميل بحري.

تتناقل اﻷخبار عن نية السلطنة تسيير رحلات بحرية من مسقط لهذه المنطقة اﻹيرانية التي تعتبر بسيطة وتقليدية نوعا ما. مقالي هذا سيحاول تسليط الضوء واﻹجابة عن أهمية إقامة علاقة مباشرة مع هذا الميناء تحديدا، وكيف لعمان أن تستفيد من هذه الخط البحري.

الاستفادة من هذا الخط -كما أرى- ستكون استفادة مباشرة وغير مباشرة، وأيضا ستكون على المدى المتوسط والطويل، وستكون مفيدة من نواح سياسية واقتصادية واجتماعية وسياحية وحتى أمنيا، فكما هو معروف عن علاقة السلطنة تاريخيا بمنطقة شابهار اﻹيرانية وجوادر الباكستانية؛ لذلك فوجود مثل هذا الخط سيعمِّق العلاقات اﻷسرية التي مازالت موجودة في هاتين المنطقتين تحديدا؛ لذلك يمكن للأسر العمانية التي لا يزال بعض أفراد عوائلهم هناك، التواصل معهم من خلال هذا الخط، ويمكنهم الاستفادة أيضا من خلال الطريق البري الذي يربط بين شابهار وجوادر للوصول إلى عائلاتهم في جوادر الباكستانية، ويمكن تطوير هذا الخط البحري ليكون (مسقط/شابهار/جوادر/كراتشي) والعكس لنقل الركائب والبضائع، وعدم الاعتماد الكلي على الخط الجوي فقط؛ لذلك سيكون هناك أكثر من خيار أفضل وأسرع وأرخص، وما ينطبق على العمانيين، فإنه سيشمل اﻹيرانيين، خاصة إذا ما تم إيجاد آلية سهلة للتأشيرات للسواح والتجار اﻹيرانيين الراغبين في القدوم للسلطنة إما لممارسة التجارة أو السياحة والعكس.

أمَّا من الناحية الاقتصادية، فإنَّ هذا الخط البحري سيخدم التاجر الفرد خاصة المغامر من خلال اكتشاف سوق جديد ليس لإيران فقط وإنما لأسواق أخرى، كما سيفيد الشركات العمانية الساعية لاكتشاف أسواق جديدة إما في إيران أو أفغانستان دون المرور بجمهورية باكستان ووصولا لأسواق دول آسيا الوسطى التي تضم دولا مثل أوزبكستان وتركماستان وطاجكستان وقيرغيرستان، والمعروف أن تعدادهم السكاني يزيد على 60 مليون نسمة، أضف إلى ذلك التعداد السكاني الإيراني الذي قارب على 80 مليون نسمه، ولنتذكر قرب هذا الميناء من أسواق باكستان والهند، ولا يفوتني هنا ذكر اﻷهمية اﻹستراتيجية لهذا الميناء لجمهورية الهند التي تحاول الوصول لإيران وأفغانستان متفادية بذلك جمهورية باكستان، هذه المعلومة ستكون مفيدة للقطاع الخاص العماني وصناديقه الاستثمارية لإيجاد شراكات إستراتيجية مستقبلية بينها وبين الصناديق أو الشركات الحكومية أو الخاصة من الجانب الهندي أو اﻹيراني لتشغيل وإدارة الميناء في بعض أجزائه أو إنشاء مناطق حرة بشراكات مشتركة بين هذه البلدان، وجميعهم تربطنا علاقات سياسية واقتصادية قوية معهم.

الفوائد الاقتصادية لا تقتصر على التاجر الفرد أو الشركات والصناديق فقط، بل تمتد للموانئ أيضا، فكما هو معروف أنَّ السلطنة لديها 3 موانئ كبيرة؛ هي: صحار وصلالة والدقم، وميناء رابع هو ميناء السلطان قابوس السياحي، ضافة إلى ميناء خصب وشناص، لذلك فإن كل ميناء من هذه الموانئ يمكن أن يستفيد بطريقته حسب ما يراه المتخصصون مناسبا، وأهم ما يمكن ذكره في هذا المقام ربط السلطنة تجاريا بأسواق عالمية والاستفادة القصوى لتكون السلطنة بوابة رئيسية في ممرات طريق الحرير، ولأهم أسواق العالم كأسواق الهند وشرق ووسط آسيا وشرق إفريقيا من ناحية، وأسواق البحر اﻷحمر وأمريكا وأوروبا من ناحية أخرى.

أما بالنسبة للفوائد السياسية، فكما هو معروف أنَّ السلطنة من أوائل الدول الموقعة على انضمامها لرابطة الدول المطلة على المحيط الهندي، فمن خلال هذا الخط البحري يمكن للسلطنة أن تفعل أجزاء من اتفاقية التعاون التجاري مع هذه الدول، وتحوِّل استفادتها السياسية لتشمل الجانب الاقتصادي، وأيضا وقعت السلطنة في العام المنصرم الاتفاقية الرباعية بينها وبين إيران وأوزبكستان وتركمستان وهي اتفافية "عشق أباد" لتأسيس ممر دولي لتسهيل النقل بين بحر عمان والخليج العربي ودول آسيا الوسطى، ويمكن لهذا الخط أن يلعب دورا محوريا بإذن الله لتفعيل هذه الاتفاقية.

علينا أيضا أنْ لا نهمل الجانب اﻷمني؛ فبطريقة أو بأخرى سيكون هذا الخط البحري نشيطا؛ مما سيقلل التهريب والهجرة غير الشرعية؛ وبالتالي سيزيد النقل القانوني بين الدول وسيقلل الهاجس الأمني نسبيا.

ما كتبته سيبقى نظريا جيدا، ولكي يتم تطبيقه عمليا ومجديا تجاريا للميزان التجاري العماني، لابد للسلطنة أن تكون عملية واستباقية في تكوين فرق عمل متخصصة تفاوضية معنية بالشأن الاقتصادي والاستثماري والقانوني واﻷمني والمتخصصين في مجال النقل البحري وإدارة الموانئ واللوجستيات، واﻷخذ بجميع عوامل النجاح والاستفادة من التجارب السابقة والمشابهة لنجاح هذا الاستثمار، وإعطائهم مساحات كافية للقرار للاستفادة القصوى من الموقع الجغرافي اﻹستراتيجي للسلطنة بوجه عام ولهذا الخط البحري على وجه الخصوص، بعيدا عن المداولات البيروقراطية المطولة التي تفوت علينا فرصا استثمارية عظيمة.

تعليق عبر الفيس بوك