مواطنون: التبرع بالأعضاء يحتاج إلى تشريعات تنظيمية للمساهمة في إنقاذ المرضى للحيلولة دون "التجارة السوداء"

دعوا إلى معالجة القضية من الجانب الديني بما يخدم مصلحة المحتاجين

سالم العبري: التبرع بالأعضاء البشرية يجب أن يتم على أسس إنسانية

صلاح العبري: التقيد بالضوابط والأخلاقيات شرط أساسي للتبرع بالأعضاء

الساعدي: التقدم الطبي قادر على نقل الأعضاء دون مشكلات صحية

المنظري: ضرورة وضع شروط للتبرع لحماية المجتمع من المتاجرين به

المعمرية: ضرورة تكثيف الوعي بالتبرع بالأعضاء لتفادي الاتجار بها

الوهيبية: التبرع بالأعضاء عملية إنسانية تنهي آلام الكثيرين

الرؤية- عهود الهنائية

أكّد مواطنون أنّ التبرع بالأعضاء يستلزم إصدار تشريعات منظمة له، بما يسهم في انقاذ المرضى والمساعدة في تخفيف الألم عن إعداد كبيرة من المرضى، وذلك بما لا يخالف الأحكام الشرعية والفتاوى الصادرة من الجهات المعنية في السلطنة، والحفاظ في الوقت ذاته على حياة المتبرع في حالة تبرعه بالأعضاء خلال حياته.

وقال سالم العبري إنّ كل إنسان في هذه الدنيا يحلمُ بأن يكون في أتم صحة وعافية، فالبعض منا يحلم بأن يكون مكتمل البنية، والبعض الآخر يحلم بأن يعيش بكامل الصحة والعافية، لكن الإنسان بطبيعته مستعداً للتضحية بكل ما يملك للحصول على المال، ومن هذا المنطلق انشر ما يسمى الإتجار بالأعضاء البشرية.

وأوضح العبري أنّ مسألة تجارة الأعضاء البشرية انتشرت بشكل واضح في السنوات الأخيرة الماضية. ويؤكد العبري أنّ الاتجار في الأعضاء البشرية مخالفة أخلاقية قبل أن تكون جريمة يعاقب عليها القانون، إذ أن مثل هذه الحالات تعمل على استغلال حالات الفقر والعوز للمال، في مقابل التخلي عن عضو بشري، وينتشر في هذه التجارة سماسرة يتاجرون بالفقراء ويبتزون الأغنياء. وتابع العبري أن الشرع الحنيف وحسبما يرى عدد من العلماء، لم يحرم المسألة على الإطلاق، لكنه أجازها بشروط منها أن يكون تبرع الإنسان بعضو من أعضاء جسمه إلى شخص آخر يفتقده، بشرط ألا تتضرر صحة المتبرع ولا يؤدي بذلك إلى هلاكه. وشدد العبري على أن الأصل في هذه المسألة أن جسم الإنسان محترم ومكرم، فلا يجوز الاعتداء عليه ولا إهانته بقطع أو تشويه، داعيا إلى أن يكون التبرع بالأعضاء البشرية وفق أسس إنسانية بحتة، بعيدا كل البعد عن أي شبهة تجارة أو سمسرة. واعتبر العبري أنه في حالة أن أوصى الشخص قبل وفاته بأن يتبرع بأعضائه لأشخاص محتاجين وأجازته الشريعة، فهو بذلك يسهم مساعدة المرضى والمحتاجين وأجره على الله.

مبادرة إنسانية

وقال صلاح العبري مدير دائرة المؤسسات الصحية الخاصة بالمديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة الظاهرة إن التبرع بالأعضاء مبادرة إنسانية وتوجه عظيم يعلي من شأن قيم الخير والفضيلة، وهذا موضوع بحد ذاته نابع من الرغبة في التخفيف من معاناة مريض حالته حرجة جداً. وأضاف أنه على سبيل المثال الشخص الذي يصنف من الناحية الطبية متوفياً سريرياً أو دماغياً ولديه الرغبة الصادقة النابعة من صميم قلبه عندما كان صحيح البدن معافى في صحته، بأنه في حالة وفاته يتبرع بأعضاء جسمه مثل الكلية أو الكبد أو العين أو القلب أو أي من هذه الأعضاء وتقديمها إلى شخص أخر، يمكن أن يحصل على حياة طبيعية وبصحة وعافية بسببه، فهذا ثواب عظيم وعمل إنساني خالص. وتابع أنّ قواعد التشريع في الدين الإسلامي شاملة وصالحة لكل زمان ومكان، مشيرا إلى أن قوله تعالى "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً" دليل ومنهاج عمل ومفتاح لكل خير وفضيلة، كون هذا العمل الجليل إنساني في المقام الأول والأخير، ويراد به وجه الله. وأوضح العبري أنّ المتبرع بأعضائه في حال وفاته دماغياً، فقد اتخذه برغبته وهو في كامل قواه العقلية، دون ضغوط مادية أو نفسية، لاسيما وأنّ الكثير من المرضى بحاجة إلى نقل عضو سليم في حال فشل أحد أعضائهم، وهؤلاء في أمس الحاجة لهذه الأعضاء وهؤلاء المتبرعين. وأشار العبري إلى أنّ الكثير من المرضى ممن لا يجدون متبرعا من أسرتهم وعائلاتهم، يتجهون إلى الخارج طلباً للشفاء.

لكن العبري شدد على أهميّة وضع آلية واضحة المعالم ونصوص تشريعية قانونية ودينية، تنظم عملية التبرع بالأعضاء، على أن يكون التبرع بالأعضاء خاضعا لرقابة ومتابعة من قِبل جهات الاختصاص في بلادنا.

تقدم طبي

وقال سليمان الساعدي: نعلم جميعاً المدى الذي وصل إليه الطب البشري من تقدم إلى درجة زراعة القلب أو نقله من شخص إلى آخر، أو أي عضو آخر في جسد الإنسان، في ظل اختلاف آراء المجامع الفقهيّة، منهم من يجيز ذلك، ومنهم من يحرم". وأضاف أنّ أحد العلماء يرفض التبرع بالأعضاء، حيث يرى أنّه لا يحل لأحد التبرع بأعضائه لا حيا ولا ميتا وليس لورثته الحق في الإذن بشئ من ذلك، ونظرًا لعدم أحقيّة الإنسان وعدم تملكه لأعضائه حتى يتصرف بها، مشيرا إلى قوله تعالى "قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ"، لكن في المقابل هناك من يرى جواز التبرع بالأعضاء وفقا لشروط وضوابط معلنة في مختلف الفتاوى. واعتبر الساعدي أنه يتعين على كل فرد أن يحيل كل ما يختلط عليه في أمر الدين إلى الفقهاء، وأن يستعين بآراء أصحاب العلم والفتيا. وأوضح الساعدي أن العلماء أكدوا حرمة الاتجار بالأعضاء البشرية، لما يترتب عليه من سلبيات وأضرار على المستوى الاجتماعي والأخلاقي وغيرها من الجوانب.

وزاد الساعدي أنّه يجب الانتباه وعدم خلط الأوراق بعضها البعض، إذ يرغب البعض في تشبيه التبرع بالدم بالتبرع بالأعضاء، مشيرا إلى أن رأي العلماء واضح وصريح في هذا الصدد، حيث أجازوا التبرع بالدم طالما استطاع الإنسان الحي فعل ذلك، لكنّهم فرقوا بين ذلك وبين التبرع بالأعضاء الذي اختلفوا حوله.

إنقاذ حياة

وقال سالم المنظري إنّ التبرع الأكثر شيوعًا بين الناس هو التبرع بالكلى، وأحيانا الكبد والنخاع في بعض الحالات، مشيرًا إلى أنّ التبرع بالأعضاء إلى شخص مريض من شانه أن يساهم في إنقاذ حياته لا توجد مضرة به كالمتبرع بالكلى؛ حيث تؤكد الأبحاث العلمية والأطباء أنّ الإنسان يستطيع أن يعيش بكلى واحدة. وأضاف أنّ التبرع بالأعضاء بعد الوفاة وجوازه من عدمه فهذا موضوع بحاجة إلى فتوى، لكنّه ذكر أن أهل العلم الشرعي اختلفوا حول هذه المسألة، لكن من ذهب إلى جوازه اشترط عدة ضوابط تنظيمية للمسألة. كأن يوصي المتوفى بذلك أو أن تؤول الكلمة الأخيرة إلى ورثته. ومضى قائلا إنّ مسالة التبرع بالأعضاء تحولت في كثير من الدول إلى تجارة سوداء، وهو ما يستدعي من الجهات المعنية أخذ الحيطة والحذر حال تقنين إمكانية التبرع بالأعضاء.

فيما قالت وفاء المعمرية إنّ التبرع بالأعضاء يمنح حياة جديدة للبعض، وقد يرى كثيرون أنّ المريض في حالة الموت السريري أو الدماغي، يحق له التبرع بعضو أو عدة أعضاء، ما يساعد آخرين على التخلص من الألم أو استعادة نظره أو شفائه من مرض عضال. ودعت المعمرية إلى ضرورة تكثيف التوعية بمسألة التبرع بالأعضاء، بما يضمن التخلص من أي شبهة غير أخلاقية أو تحولها إلى تجارة، فضلا عن وضع تشريع منظم لهذه المسألة وفق ضوابط وشروط تتماشى مع طبيعة المجتمع وقيمه الدينية والأخلاقيّة.

وترى المعمرية أنّ هناك أنواعا محرمة من التبرع بالأعضاء، إذ تودي بهلاك صاحبها، كالتبرع بالقلب أو الرأس أو أي عضو يتسبب في تعطيل وظيفة بالجسم.

وأضافت: البعض يرى جواز التبرع بأعضائهم لبعض المرضى تحت مظلة الإنسانية بنية صالحة وأنه لا ضرر إذا ما قام بالتبرع بجزء منه لأخيه، ومن جانب آخر التبرع بأعضاء جسد من فارق الحياة، لكن بعض العلماء لم يجيزوا أخذ الأعضاء الحيوية من جسد المتوفى، إلا قبل التأكد من مفارقة الروح للجسد وعند التأكد فمن الأحرى التبرع بها للمرضى المحتاجين إليها للعلاج، وليس بيعها والمتاجرة بها للحصول على مبالغ مالية. وأوضحت أن الأعضاء ملك لخالقها ومدبر شؤونها، ولا شائبة ملك فيها لصاحبها ولا للمستشفى، وقد أوجب الله على صاحبها الحفاظ عليها وصيانتها مما قد يضرها. وقالت إنه يتعين على المسؤولين في المستشفيات أن يحافظوا على المرضى وعلى أجسادهم بعد الموت.

الموت الدماغي

وقالت ماجدة الوهيبية إن التبرع بالأعضاء قضية كبيرة ومتشعبة في تفاصيلها، مشيرة إلى أن نقل عضو من جسم إلى آخر بمثابة هدية يقدمها شخص سليم لآخر مصاب، ويسهم في علاج أحد المرضى لاسيما من الأمراض المستعصية. وأوضحت الوهيبية أن التبرع بالأعضاء يمكن أن يتم بين الأفراد دون أن تجارة بينهم، لاسيما من المتوفى إكلينيكيا أو دماغيا، من خلال نقل الأعضاء السليمة إلى آخر يحتاج إليها. وترى أن من الأعضاء التي يمكن زراعتها القلب والكلى والبنكرياس والكبد والرئتين والأمعاء والقرنية. ودعت الوهيبية إلى النظر إلى مسألة التبرع بالدم من وجهة نظر إنسانية، لكن يجب أن تتم وفق ضوابط وشروط للتبرع وعملية منظمة في أماكن محددة من قبل الجهات المعنية، بهدف السيطرة والتحكم في المتبرع والمتبرع له، حتى لا نفتح بابا للاتجار بالأعضاء.

تعليق عبر الفيس بوك