إخصائيون اجتماعيون نحو إنسانية للجميع

خلفان العاصمي

يأتي اليوم العالمي للخدمة الاجتماعية هذا العام تحت شعار لفظي عميق في معناه وواسع في عناصره "ترتقي المجتمعات باحترام كرامة وحقوق الجميع.. إخصائيون اجتماعيون نحو إنسانية تشمل الجميع"؛ ليُؤكِّد على الدور الرئيسي والمحوري الذي يلعبه الإخصائي الاجتماعي بمختلف المؤسسات التعليمية والتأهيلية والصحية والعقابية والبحثية التي يوجد من ضمن كوادرها إخصائي اجتماعي. ولعلَّ مفردة المجتمعات الواردة في الشعار تشير إلى عالمية المدلول؛ فكل مجتمع مهما كان حجمه ونوعه وبيئته هو محتاج للخدمة الاجتماعية؛ وذلك لأهميتها في الارتقاء بكرامة وحقوق أفراد هذا المجتمع؛ حيث إنَّ الخدمة الاجتماعية أيًّا كان نوعها، فهي علاج فاعل للكثير من الأمور المرتبطة بالذات الإنسانية؛ فمن مِنَّا لا يُصاب بأية حالة من الحالات التي تستدعي ارشادًا اجتماعيًّا؛ فقضية الكرامة الإنسانية النابعة من حقوقه الفطرية والتشريعية هي الباعث لطمأنينة العيش بالنسبة للإنسان الذي يتشكَّل منه المجتمع، ومن ثم يستمد صفة الرقي والتقدم منه؛ كونه العنصر الأساسي فيه، وفي الشق الثاني من الشعار يتجلَّى التركيز على الإخصائي الاجتماعي الذي هو المحور في عملية الخدمة الاجتماعية الهادفة لبث الشعور بالإنسانية لدى كافة أفراد المجتمع.

وعلى المستوى المدرسي، فإنَّ الخدمة التي يُقدِّمها الإخصائي الاجتماعي تتمثل في مساعدة طلاب المدرسة إما بمفردهم من خلال الإرشاد الفردي أو داخل جماعات عبر ما يُسمَّى بـ"الإرشاد الجماعي"؛ بهدف حل مشكلاتهم ومساعدتهم على التكيف مع العراقيل والصعوبات التي تقف أمامهم، وتؤثر على قيامهم بالمساهمة بمجهود فعَّال في حياتهم الدراسية أو حياتهم العامة، كما تُساعدهم على إشباع حاجاتهم الضرورية، وإحداث تغييرات مرغوبة في سلوكهم، وتساعدهم على تحقيق التكيف مع أنفسهم ومع بيئتهم الاجتماعية عبر مجموعة من البرامج والأدوات التي تعينهم على ذلك.

ومن الأدوار المهمة التي يقوم بها الإخصائي الاجتماعي: بحث ودراسة المشكلات الاجتماعية والأخلاقية والتعليمية والصحية...وغيرها التي يُعاني منها الطلاب، ووضع خطط لعلاجها بعد تشخيصها ومعرفة مسبباتها، وكذلك فإنَّ الإخصائي الاجتماعي يقوم بتسليط الضوء على الطلاب المتفوقين والموهوبين لدعم وتشجيع مواهبهم وتفوقهم واعتبارهم مثلا أعلى لأقرانهم، وكذلك رعاية المتأخرين دراسيا والإشراف على بعض الحالات الصحية والمستحقين للعون بالتعاون مع إدارة المدرسة ومعلمي المواد المختلفة؛ بهدف وضع خطط مدروسة وقابلة للتنفيذ حسب الإمكانيات المتاحة بغية الارتقاء بمستوى هذه الفئات من الطلاب، إضافة لمهام وأعمال أخرى مُفنَّدة في التوصيف الوظيفي بحسب المرحلة الدراسية للمدرسة.

وهناك مهام من الممكن أن يقوم بها الإخصائي؛ سواء أكانت من ضمن مهامه الوظيفية أم من باب العمل التطوعي للخبرات والمعارف التي يمتلكها؛ منها على سبيل المثال: بناء علاقة جيدة مع المجتمع المحيط بالمدرسة، بدءًا من أسرة الطالب التي هي المعين الأول له في معرفة كل ما يتعلق بهذا الطالب وتساعده في وضع الحلول الفعالة لعلاج كل ما يعترضه، إضافة إلى توجيه الأسرة نفسها إذا ما كانت هي السبب في حالة الطالب، وصولا للمجتمع العام بمختلف مؤسساته: المسجد، والأندية الرياضية، وجمعيات المجتمع المدني والتي من الجيد أن يكون للإخصائي الاجتماعي حضور مؤثر فيها وبحسب طبيعة مهامها وأهدافها.

ومع اليقين التام بقيام الإخصائي الاجتماعي بمهامه المنوطة به وقدرته على الإبداع والابتكار لبرامج ومشاريع أخرى تخدم هذه المهام وتحقق للطالب وللمدرسة وللمجتمع الأثر الطيب والنتائج الإيجابية، في حين يواجه البعض منهم تحديات قد تقف عائقًا أمام ذلك؛ ومنها ما تقوم به بعض الإدارات من تكليف الإخصائي الاجتماعي بمهام غير مهامه، وقد تحد من قدرته على العطاء المنتظر منه، ويحدث ذلك لمجموعة من الأسباب؛ منها: الفهم الخاطئ بأن وظيفة الإخصائي الاجتماعي هي وظيفة إدارية؛ وبالتالي تكليفه بمهام إدارية هي في الأساس ليست من مهامه، وكذلك وجود العجز في الكادر الإداري ببعض المدارس، ومن ثم تلجأ لسد هذا العجر عن طريق الإخصائي الاجتماعي، وكذلك عدم وجود قاعات خاصة للإخصائيين الاجتماعيين تتناسب ومهمة الإرشاد التي يقومون بها؛ سواء أكان فرديًّا أم جمعيًّا، ونظرًا لخصوصية ما يدور بداخلها، وحرصًا على السرية في التعاطي مع الحالات التي يشرف عليها الإخصائي الاجتماعي.

ومع مناسبة اليوم العالمي للخدمة الاجتماعية، أوجِّه كل التحية والتقدير لكل الإخصائيين الاجتماعيين بالسلطنة، وكذلك القائمين على عملية الإشراف عليهم، وتحية خاصة لمجمع الخدمة الاجتماعية التابع لكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس على البرامج المثرية التي يحتفلون من خلالها بهذه المناسبة.

تعليق عبر الفيس بوك