كتاب جديد يقترح رؤية لتطوير الإعلام الإسلامي عبر الفضاء الإلكتروني

القاهرة - العُمانيَّة

يُحَاول الباحث العراقي د.حردان الجنابي الوقوف على واقع وآفاق المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت؛ من خلال كتابه الصادر عن دار العربي للطبع والنشر بالقاهرة، تحت عنوان "الإعلام الإسلامي الإلكتروني.. دراسة للمواقع الإسلامية على الإنترنت". ويقدم المؤلف -وهو مدرِّس بجامعة بغداد- رؤية تبدو متكاملة لتطوير الإعلام الإسلامي عبر الفضاء الالكتروني؛ سواء من جهة الشكل أو المحتوى، بجانب تقديم نصائح لكيفية تفعيل دور هذا الإعلام في العالم الخارجي، بما يقدم صورة صحيحة عن الإسلام.

وعلى مستوى المضمون، يؤكد الجنابي على ضرورة إنشاء مواقع إسلامية متخصصة بعلوم العقيدة، وعلوم القرآن وتفاسيره، والسنة النبوية وعلومها، وأصول الفقه، والأخلاق والمعاملات، تحت إشراف أهل العلم المشهود لهم بالعلم والإخلاص، وأهل الخبرة التقنية القادرين على عرض هذه المواد بأفضل الوسائل التقنية الإلكترونية المبسطة والسهلة والشيقة؛ كي يسهل نقل الرسالة، فضلا عن إنشاء مواقع إسلامية باللغات الأجنبية المختلفة، كالإنجليزية والفرنسية والروسية والألمانية وغيرها، بالشروط التي تجمع بين العلم والخبرة الفنية في العرض والتشويق.

وعلى مستوى الوسيلة، يرى أنه لا بد من الاستفادة من تكنولوجيا الاتصال الحديثة في مجال الفضائيات والإنترنت، بإنشاء قنوات إسلامية موجهة بلغات الدول الغربية على شبكة الإنترنت للتواصل المباشر مع المسلمين وغير المسلمين، بما يضمن سهولة وسرعة نقل المعلومة والتفاعل المباشر الذي يؤدي إلى إثراء الخطاب الإعلامي الإسلامي الإلكتروني، ويلعب دورا حيويّا في نشر الدعوة بين شعوب العالم.

كما يَرَى إمكانية الاستفادة من غرف المحادثة العالمية؛ سواء كانت ضمن مواقع معينة، كـ"ياهو" و"ماسنجر"، أو كانت شبكات مستقلة بذاتها مثل "بال توك" و"سكاي بي"، أو شبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر، ماي سبيس)...وغيرها؛ للاتصال المباشر مع الناس بكل مكان، ودعوتهم إلى الإسلام ونشر حقيقته، وما قدمه من حلول عصرية للمشكلات العالمية.

ويشدِّد المؤلف على ضرورة توحيد الخطاب، والابتعاد بالجدل المذهبي وصراع الاجتهادات الفقهية عن الإعلام الإسلامي الإلكتروني، خصوصا الموجه إلى الدول الغربية أو الذي ينطلق من الغرب؛ لأنه لن يفيد الزائر الغربي المتابع للإعلام الإسلامي الإلكتروني متابعة جدل مذهبي حاد بين طرفين أو أكثر من المجتهدين أو التيارات الإسلامية المتصارعة أو المتنافسة على الساحة، بل ينبغي توحيد الخطاب الديني للإعلام الإسلامي الإلكتروني.

ويَدْعو الباحث إلى التركيز على التدريب وإعداد الكوادر التقنية والفنية وضم أصحاب الاختصاص في الإعلام الإلكتروني والفنيين والخبراء والاستشاريين وإعداد الدراسات الميدانية والبحوث المتخصصة، وتطوير الأداء ورصد حجم التفاعل أو الإقبال الإلكتروني على هذه المشاريع من خلال فتح التعليقات. ويقول إنه ينبغي تجميع وتوحيد جهود المشاريع الإعلامية (صحف، مواقع إنترنت، مجموعات، نشطاء) بقدر الإمكان في أنشطة مكبرة مجمعة، بدلا من تشتتها في أنشطة متشابهة ومكررة تضيع الجهد وتشتت الكفاءات بما لا يجعل للأموال المُنفَقة في هذه الأنشطة المتشابهة المتنافسة قيمة مضافة، بعكس ما يفعله أصحاب المشاريع الغربية حاليّا؛ حيث ينتشر في الدول المتقدمة فكرة تجميع الأنشطة والتحالف والدمج بين المشروعات المتشابهة؛ للاستفادة من تجميع الاستثمارات والكفاءات والأموال في مشاريع ضخمة تسيطر على أكبر قدر من العقول في العالم.

وعلى مستوى الأهداف، يعتقد الجنابي أن جانبا كبيرا من المشاريع الإعلامية الإسلامية يقوم على الفردية لا الجماعية. وهذا يؤدي في نهاية المطاف إلى عدم تحقيق أهداف هذه المشاريع، فضلا عن اهتمامها بإبراز دور الداعية أو الشيخ أو المانح الذي يقف وراءها، ومن ثم غياب وتشتت هذه الأهداف بين إبراز علم أو أنشطة صاحب المشروع الفردي، وبين تقديم خدمة إعلامية عامة لصالح المشروع الحضاري الإسلامي؛ ولهذا يجب الفصل بين إدارة أو تمويل المشروع الإلكتروني وبين التحرير أو منهج فريق العمل في العمل الإعلامي.

ويَرَى المؤلف كذلك ضرورة الاهتمام بأقسام الاستشارات في مواقع الإعلام الإسلامي الإلكتروني؛ لأنها أبرز أشكال التفاعل المباشر مع الجمهور؛ فمن خلالها يمكن تصحيح صور مشوهة عن الإسلام لدى بعض المسلمين أنفسهم وغير المسلمين، من خلال الإجابة المباشرة عبر متخصصين يجمعون بين اللغة الأجنبية والرؤية الحضارية الإسلامية الشاملة والإقناع والإشارة بالرأي الرشيد والفكر السديد.

تعليق عبر الفيس بوك