د. عبدالله المسكري
اذا كان أي عمل تؤدية يتطلب المثابرة والاجتهاد والتضحية والصبر فإن العمل في عالم التجارة يتطلب المزيد من الصبر والمثابرة وإنكار الذات حتى يؤتى أكله وتظهر نتائجه بتوفيق الله سبحانه وتعالى وإذا كان النجاح في الحياة لا يأتي بضربة حظ - وإن كانت هناك فرص تأتي للإنسان إن هو أحسن استغلالها في الوقت المناسب - فإن النجاح في العمل التجاري يتطلب جهودا كبيرة حتى يتحقق فمن الدراسة للمشروع إلى اختيار الموقع المناسب ثم اختيار النشاط المناسب الذي ترتاح له النفس وتتقبله الى تحديد رأس المال ومصادر التمويل والبحث في المشاريع السوقية المشابهة الى سؤال أصحاب الخبرة والصناعة كل هذا يتطلب جهدا مضاعفا ووقتا كبيرًا فإن النجاح التجاري لا يتوقف عند اختيار المشروع المناسب والبحث فيه بل يتعداه إلى الدراسة وصناعة السمعة الحسنة فربما سمعتك القوية تختصر أمامك العديد من المسافات التي يمكن تقضيها في إنجاح مشروعك فالتخطيط لوحده لا يكفي لإيجاد نجاح متميز لمشروعك لأنّ الثقة التي تكتسبها في السوق تعطيك ميزات كبيرة تستطيع من خلالها الاستحواذ على احترام الموردين الذين يفتحون لك مخازنهم المادية والمعرفية بمعنى يمدوك بالبضائع بالدفع الأجل بكل سهولة ويسر كما يمدونك بالمعلومات التجارية التي تكسبك خبرة سوقية كبيرة وهذا من وجهة نظري ربح كبير أهم من الربح المادي الآني الذي سرعان ما يتبخر مع أول أزمة تصادفك وأنت تشق طريقك في السوق ولهذا فإنّ الحكمة الصينية التي تقول: لا تعطني السمكة وإنما علمني كيف اصطادها تأتي لتبين أهمية اكتساب الخبرة لإنجاح المشروع التجاري بدلاً من الحصول على المشروع الجاهز والدعم المادي ..... فالعلم وتحصيله والتعلم وتطبيقه من شروط النجاح التجاري كما أنّ العمل التجاري يتطلب إبداعا في الاختيار ولا يجب أن تكون مشاريعك نسخة لمشاريع موجودة أصلاً فكل ميسر لما خلق له بل عليك البحث والتطوير والابتكار المستمر وقيل: إذا وقفت لا تخاطر بأي شيء ... فأنت فعلياً تخاطر بكل شيء . إن الابتكار يولد المشروع القوي الذي تبقى آثاره ويصمد أمام تداعيات التغيير في السوق ومن هنا فإنّ الابتكار يحتاج إلى قلب قوي ونفس تواقة صاحبة همة ونشاط لا تتوقف عند حدود معينة ولا تستسلم لأول فشل بل نفس راضية لديها الاستعداد للتجديد والتطوير والاستمراية فيصبح الفشل نجاحاً.. وفي هذا يقول تشرشل: النجاح هو المضي من فشل إلى فشل دون أن يفت ذلك في عضدك. كما أن قراءة قصص الناجحين ينتج عنه الوقوف إلى قصص حقيقية في النجاح والتميز وهناك العديد من النماذج ممن شقوا طريقهم من الصفر وأصبحوا خلال فترة وجيزة من رجال الأعمال الكبار. ومن هنا فإنني أدعو الرواد الى التشمير عن سواعد الجد والبحث بجدية في متطلبات السوق وعدم النظر إلى الفاشلين بل التوقف قليلا لاستلهام العبر وأخذ العلم والوقوف على الأسباب لتصحيح المسار ومن ثم الانطلاق بكل قوة الى الأمام وعدم الالتفات الى الخلف فالالتفات الكثير من معوقات النجاح ولولا الالتفات المتكرر للغزال السريع لما استطاعت السباع اللحاق به والتهامه ..إننا أمام تحد حقيقي في أن نكون أو لا نكون وبلادنا فيها خير كثير وأرضنا معطاء وليس لنا من دور إلا أن نشمر عن سواعد الجد ونبدأ متوكلين على الله جلت قدرته ونعمل دون كلل أو ملل والكل يبحث عن ما يتناسب مع إمكانياته وطموحاته وسيجد بإذن الله . فكن رائدًا مبدعًا وعُمان تستاهل كل خير .