الطارشي يلتقط "أشكال الرؤية التعبيرية" في شعر هلال الحجري

بين دفتي إصدارة جديدة

مسقط - العمانية

أصدر مؤخرًا الباحث والناقد العماني جاسم بن جميل الطارشي كتابه النقدي الذي يحمل عنوان "أحلام القرصان الحائر: الرؤية الشعرية وشكلها التعبيري في شعر هلال الحجري" وذلك ضمن مطبوعات الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بالتعاون مع مؤسسة بيت الغشام للصحافة والنشر والترجمة والإعلان. وجاء الكتاب في 127 صفحة مشتملا على مقدمة المؤلف وفصلين وخاتمة.

يهدف الطارشي من كتابه الجديد إلى الكشف عن شعرية نصوص الشاعر العماني الدكتور هلال الحجري، هذه الشعرية التي تبرز في رؤية الشاعر بوصفها تمثلا لبنية النصوص الشعرية، مع التأكيد في ذات الوقت على العلاقة الوثيقة بين معنى النص الشعري ومبناه، وتتجلى قوة العلاقة في عدم القدرة على التفرقة بين بنية القصيدة وكيانها الحسي الملموس وبين ما تضمره من دلالة تمثل موقف الشاعر من الحياة والوجود.

ويؤكد جاسم الطارشي على تجلي الرؤية الشعرية في المدونة بوصفها تشكيلا لاغتراب الذات الشاعرة وأزمتها الوجودية الناتجة عن واقع مريض انهارت فيه قيم الجمال؛ فما كان من تلك الذات إلا أن تعتصم بحبل الوحدة والوحشية بعيدًا عن طوفان الخراب الإنساني، وتلوذ بكل ما من شأنه أن يخفف من وطأته اغترابها ويعيد التوازن النفسي لروحها، فلتلك الرؤية الشعرية انعكاس واضح على بنية النصوص الشعرية بل تجازوت ذلك إلى المعجم الشعري والبنى التركيبية والصور الشعرية.

يقف الفصل الأول من الكتاب عند تجليات الاغتراب في المدونة الشعرية المدروسة والأبعاد النفسية لذلك الاغتراب مع محاولة تبيان وجوه ودلالات الاغتراب التي اشتملت عليها النصوص المدروسة.

كما يدرس الفصل الثاني مدى تجسيد التشكيل الشعري للرؤية الشعرية وأثر ذلك على لغة الشاعر وفنية خطابه الشعري مع تسليط الضوء على أبرز الظواهر الأسلوبية التي ساهمت في تأكيد دلالات رؤية الشاعر وأبعادها النفسية، وتضافر تلكم الظواهر مع عناصر النص وبناه لإنتاج خطاب شعري جديد.

ولقد لخص الباحث خلاصة ما توصل إليه في هذه الدراسة وهي تكامل الشكل الشعري والرؤية الفنية في شعر هلال الحجري وقد خرجت الدراسة بعدة نتائج. ومن بين تلك النتائج أن بنى النصوص الشعرية ومضامينها استطاعت تجسيد رؤية شعرية تفصح عن ذات مغتربة تأبى التماثل مع واقعها، دؤوبة في البحث عن هوية خاصة مفارقة لذلك الواقع الذي يسعى في ذات الوقت إلى تدجينها واحتوائها وقولبتها في إطاره الخاص، لكنّها تأبى إلا أن تتخذ من الوحدة ملاذًا وموطنا ومن الحركة والحرية فضاءً وذلك عبر استعانتها وتمثلها بالصعاليك والقراصنة الساعين في بحثهم الدؤوب إلى التجدد والتمرد. جاءت عناوين المجموعتين الشعريتين للشاعر الحجري ونصوصهما تجسيدا لبناء وتقنيات رؤية الشاعر وتماسكها النصي والنفسي. كما حفل المعجم الشعري للنصوص المدروسة بمفردات متعددة دلت على رؤية الشاعر وعمقت حضورها وأبعادها النفسية والروحية. تضافرت في تجربة الحجري أساليب الاستفهام والنداء مع الرؤية الشعرية الصادقة، وذلك ما اتاح العمق الدلالي للنصوص كما أسهمت البنى الأسلوبية في تعالقها مع بقية الظواهر الفنية الأخرى في رفد الخطاب الشعري بحمولات دلالية وطاقات تعبيرية.

كذلك أسهمت الصورة الشعرية في تعميق الرؤية الشعرية فقد كانت مشاعر اليتم والضياع وأحاسيس القلق والغربة والعزلة والوحشة فائضا دلاليا لتلكم الصور ترشح عنها وتجسدها مؤكدة لها وكاشفة عن معاناة الشاعر. انتجت الرؤية الشعرية رموزًا شخصية تشيع في معظم النصوص وقد كان القرصان أبرز تلك الرموز لما دل عليه من معاني الاغتراب والثورة والتمرد من جهة والبحث عن عالم حر متجدد من جهة أخرى.

يعد جاسم الطارشي واحدا من جيل الباحثين العمانيين الشباب الذين يطمحون إلى تقديم قراءات نقدية معمقة في تجارب أدبية مختلفة مع التركيز على النتاج الشعري العماني، وبرز جهد الطارشي النقدي في كتابه" المنزع النقدي في شعر محمود درويش: دراسة نقدية" والتي صدرت عن مبادرة المنتدى الأدبي لدعم الكتاب العماني في 2014م بالتعاون مع مؤسسة بيت الغشام.

تعليق عبر الفيس بوك