الحلم الكروي العربي ضاع بين أمير وشيخ

أحمد السلماني

وحدث ما توقعناه وما كنا نخشاه، صدحت الأصوات حتى بحت أن اتحدوا.. اتحدوا، نفذ مداد الأقلام وهي تسيل تبث قيم الوحدة، لم يبق الوسط الكروي العربي حتى من لا شأن له في كرة القدم أي منبر في وكلات الإعلام المقروء، والمسموع والمرئي وحتى مواقع التواصل الاجتماعي إلا ونادت بالوحدة، وحذرت من انشقاق الصف على أمل أن يتراجع أيٌ من الأمير علي بن الحسين أو الشيخ سلمان بن إبراهيم عن موقفهما، وأن يتفق الطرفان على مرشح عربي وحيد يدعمه العرب جميعًا ومعهم أصدقاءهم؛ لتسجيل أول حضور عربي في التاريخ العربي الكروي للتربع على قمة هرم أكبر منظمة دولية؛ وهي الاتحاد الدولي لكرة القدم، ولكن لا "حياة لمن تنادي" و"ستسمع لو ناديت حيا" ليأتي السويسري جياني إنفانتينو ويطير بأرزاق الأربعة المترشحين الآخرين ولا عزاء للعرب سوى أنّ الفائز هو صهر لهم كونه متزوجا من سيدة لبنانية تدعى لينا الأشقر من بلدة الخريبة بالشوف، وهي أول من قفز وهنأه ليخرج العرب من مترشحين ومرشحين من الباب الضيق رغم أنّ الأبواب كانت مشرعة لهم قبل الانتخابات، ولكن يبدو أنّ الواقع السياسي العربي هو ترجمة حقيقية لطبيعة علاقة العربي بأشقائه، وكنت كما آخرين قد توقعنا حدوث ذلك، وأنّ فوز جياني بالنسبة لي كانت مسألة شبه محسومة وأدهشني حقيقة أن يلقي مؤيدو الأمير علي باللائمة على الشيخ سلمان والعكس فضلا عن الاتهامات المتبادلة بأن كل طرف لديه اتصالات ويتعاطى مع المشهد الانتخابي من تحت الطاولة في مشهد يندى له الجبين.

وللحق فإنّ النتائج توضح بجلاء أنّ هناك عملا كبيرا قامت به الحملة الانتخابية للشيخ سلمان والدليل كان في الفارق الضئيل بينه والسويسري جياني في الجولة الأولى فيما لم يحصل سمو الأمير على سوى على 27 صوتا، وهذا أمر متوقع حدوثه فالبحريني كان يسير بخطى ثابتة ومدروسة بدأت منذ تكليفه بتسيير شؤون الاتحاد الآسيوي لكرة القدم خلفا للقطري محمد بن همام، والذي بذل جهدًا استثنائيًا نال به ثقة الأعضاء لينتخب بالتزكية رئيسا لأربع سنوات متتالية وبالتالي ضمن إلى حد كبير أصوات عدد كبير بالاتحاد الآسيوي ترتبط معه بمصالح فيما ضمن أيضًا عددا كبيرًا من أصوات القارة الإفريقية بعد أن ضمن مساندة عراب الكرة الإفريقية عيسى حياتو وبالتالي كان قريبًا جدًا من تفجير قنبلة تاريخية بتربع العرب على عرش الإمبراطورية الكبرى.

الأهم الآن أنّ السويسري جياني صار واقعًا رغم أنّ خطابه في الفيفا يوم الانتخابات لم يكن مقنعًا بل كان عبارة عن استعراض عبّر فيه عن قدراته في التحدث باللغة الإنجليزية والتأثير على الآخرين وبالتالي شخصيًا لست متفائلا جدًا في قدرته على تنظيف وتطهير إمبراطورية الفيفا بعد أن نخرها الفساد وفقدت مصداقيتها بسقوط الرؤوس الكبيرة والمتعلقين بها والأهم من كل ما سبق هو أن يستوعب الاتحاد العماني لكرة القدم معنا المشهد كاملا وأن يستشرق ويدرس ويتعامل بذكاء بل ويعمل على توطيد علاقاته وبما يخدم الكرة العمانية ويساهم في تطويرها خاصة قطاع الفئات السنية، وكلي أمل أن يستوعب العرب درس مساء الجمعة الفائت.

تعليق عبر الفيس بوك