مسؤولون وخبراء اقتصاديون: السلطنة تمتلك مقومات النجاح للتحول نحو الاقتصاد الأخضر وتحقيق أهداف الخطة الأممية للتنمية المستدامة

اختتام حلقة العمل الأولى حول صادرات السلطنة الخضراء

مسقط - العمانية

أعرب مسؤولون وخبراء اقتصاديون عن ثقتهم في نجاح السلطنة في جهودها للتحول نحو الاقتصاد الأخضر وتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030 الـ 17 التي اعتمدت في 25 سبتمبر 2015م أثناء مؤتمر قمة الأمم المتحدة الذي عقد في نيويورك.

وقالت ريم محمد النجداوي رئيسة قسم سياسات الغذاء والبيئة "شعبة التنمية المستدامة" في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة في حديث لوكالة الأنباء العمانية أن "السلطنة أثبتت على مدار السنوات الماضية أنّها قادرة على إدارة ملفات كبيرة ومهمة على صعيد التنمية الاجتماعية والاقتصادية وهي من الدول الملتزمة بالقرارات الدولية ومن بينها تنفيذ أهداف التنمية الإنمائية وكانت من أوائل الدول التي قدمت تقارير حول إنجازها لتلك الاهداف".

وأعربت عن اعتقادها "بأنّ تحقيق السلطنة أهداف التنمية المستدامة سيكون إنجازًا مثمنًا وإذا تم وضع الخطط لإنجاز الأهداف التي وافقت عليها قمة نيويورك فإنّ ذلك يعني وضعنا أهدافًا للتحول نحو الاقتصاد الأخضر".

وأضافت أن "هناك هياكل مؤسسية قائمة يمكن استغلالها للتحول نحو الاقتصاد الأخضر ومن بينها المراكز البحثية وجامعة السلطان قابوس ومركز الابتكار والتطوير وحاضنات الأعمال ومجلس البحث العلمي وغيرها، ونحتاج إلى استراتيجية على المستوى الدولي وليس على المستوى القطاعي واعتقد أنّ هذا يتقاطع بشكل كبير مع التوجّه الدولي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17 التي تمّت الموافقة عليها من قبل الدول المشاركة في القمة العالمية التي عقدت في نيويورك ومن بينها السلطنة حيث إن كل أسس الاقتصاد الأخضر موجودة في تلك الأهداف وأي تحقيق لتلك الأهداف يصب في مصلحة التحول إلى الاقتصاد الأخضر."

ويحتاج التحوّل نحو الاقتصاد الأخضر إلى تعزيز الترابط بين العلم والسياسات وهو مفهوم تطور حديثا في مجال الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة وإلى المعلومات العلمية للاستجابة السياسية للأزمات البيئية الناشئة والمعقدة مثل تدهور التنوع البيولوجي وتغير المناخ وتشجيع الدمج بين العلوم الاجتماعية والطبيعية، والتركيز على العلوم والبحوث ذات الصلة بالسياسات العامة، وتوفير الأدلة لتمكن البلدان من التصدي بشكل أفضل لأولوياتها الإنمائية وتطوير منصات للتبادل بين العلم والسياسات (آلية مؤسسية) وإلى بحوث علمية لتطوير التكنولوجيات الخضراء المناسبة في قطاعات أساسيّة مثل الطاقات المتجددة وتحلية المياه وإدارة النفايات والزراعة كما أنّ هذا التحول بحاجة إلى بحوث حول الأطر المؤسسية الداعمة والأدوات المالية الخضراء

وقد عقدت يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين بمسقط حلقة العمل الأولى حول استعراض صادرات السلطنة الخضراء التي نظمتها وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (اونكتاد) وأوصت بتعزيز العلاقة التكاملية بين القطاعات الثلاثة الواعدة وهي قطاعات التمور والأسماك والسياحة البيئية لتحفيزها بهدف رفع قدرتها على المنافسة في الاسواق العالمية.

وتميزت السلطنة في إطار جهودها لاستدامة التنمية والمضي في طريق تنويع الاقتصاد بمبادرات رائدة في مجال العمل البيئي الملازم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة وبتجاوبها الكبير مع الصحوة البيئية العالمية على الصعيدين الإقليمي والعالمي؛ حيث التزمت بأغلب الاتفاقيات المنبثقة عن مؤتمر ريو للبيئة والتنمية (قمة الأرض 1992) التي تهدف للتعجيل بالتنمية المستدامة، فقد عقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية في ريودي جانيرو بالبرازيل عام 1992م وقطعت السلطنة شوطًا كبيرًا في مجال تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية لاسيما بما يتعلق بالهدف السابع حول كفالة الاستدامة البيئية إذ اعتمدت مع دول العالم في شهر سبتمبر من العام الماضي بمدينة نيويورك أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 تضمنت سبعة عشر هدفًا ومائة وتسعًا وستين من الغايات وهي تسعى جاهدة لتنفيذ هذه الأجندة بما يخدم أهدافها الوطنية.

وأوضحت ريم محمد النجداوي أن لدى السلطنة مقومات اقتصادية كبيرة موجودة لإنجاز وتحقيق تقدم كبير خلال السنوات القادمة في السياسات التي تنتهجها مدفوعا بعوامل الاستقرار ونظام حكومي داعم وقطاع خاص نامٍ ومتحمس للمساهمة في التطوير ورغبة من كافة القطاعات لتحقيق الافضل، معربة عن أملها في أن تكون السلطنة قصة نجاح ننقلها إلى دول أخرى.

كما بينت أن (الأونكتاد) بدأت في العمل مع السلطنة ممثلة في وزارة التجارة والصناعة منذ عام 2012 حيث أسستا معًا مكتب الاقتصاد الأخضر الذي يعنى بدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر وهو اقتصاد مبني على تجارب ناجحة في قطاعات معينة مؤكدة أن السلطنة لديها توجه كبير نحو السياحة المستدامة وقطاع النفايات وقطاع الطاقة النظيفة وهي قطاعات واعدة وتم إجراء مسح للفرص المتواجدة وهو مسح يحتاج حاليا إلى تجديد بوجود مجال للتوسع في القطاعات مثل الثروة السمكية والتمور والسياحة البيئية

وأشارت إلى أنه سيتم إجراء مسح للقطاعات المختارة وللعاملين فيها وللسياسات التي قامت بها الدول من مختلف الوزارات المعنية والجهات الأخرى والقطاع الخاص والأكاديميين ومعرفة ما تم إنجازه ووضع أهداف يمكن القياس عليها ومتابعتها ووضع لجنة حكومية للمتابعة والإشراف تكون لها صلاحية للمتابعة وتقييم الأداء وبالتالي وجود مؤشرات قياس كمية ونوعية ثم تحليلها للوصول إلى تحسين العمل واستمراره .

وأفادت أنّ الدراسة المسحية ستتم محليا في السلطنة وسيقوم بها خبراء عمانيون وتحت إشراف الاونكتاد ومؤسسات الأمم المتحدة المعنية كمنظمة "الفاو" ليكون جهدا جماعيًا بين السلطنة والجهات المعنية بالأمم المتحدة ومن ثمّ عرض هذه الدراسة على أصحاب العلاقة لأخذ آرائهم وتحسين هذه الدراسة لتصل إلى مستوى من الرضا من جميع الأطراف ومن ثم وضع خطة عمل طموحة تفصيلية لتطبيق الدراسة ستعنى بكيفية العمل والخطوات التي ستتبع .

من جانبه قال محمد بن سالم المرضوف السعدي من مكتب السلطنة لدى منظمة التجارة العالمية بجنيف لوكالة الأنباء العمانية إن مشروع الاستعراض الوطني للصادرات الخضراء ثمرة من ثمار التعاون الفني بين السلطنة ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) ويستهدف وضع خطة عمل واضحة لإضفاء البعد البيئي على القطاع المستهدف من خلال تعزيز قدرته التنافسية في الأسواق العالمية وتحسين طرائق الإنتاج واستدامة السياسات والتشريعات لأجل خدمة أهداف التنمية المستدامة للسلطنة .

وأوضح أنّ حلقة العمل الأولى التي اختتمت يوم الأربعاء الماضي هدفت إلى اختيار القطاعات الواعدة من قبل أصحاب المصلحة الوطنيّة من ممثلي القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المدني والأكاديميين للاستماع إلى آرائهم واقتراحاتهم حول أهم تلك القطاعات الواعدة.

وأشار إلى أنه سيتم عقد حلقة عمل ثانية في الربع الأخير من العام الحالي لمناقشة الدراسة التي سيقوم بإعدادها فريق الخبراء العمانيين الذين سيتم تعيينهم في وقت لاحق والخروج بخطة عمل قابلة للتنفيذ تتم متابعتها من خلال حلقة عمل ثالثة تقييمية تعقد العام القادم 2017م.

من جهتها قالت الدكتورة فيكتوريا شومو الخبيرة الاقتصادية بقطاع الأسماك والاستزراع السمكي بمنظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية (الفاو) إنّ منظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية تهدف إلى تأمين الغذاء للجميع للتأكد من أنّ الجميع ينعم بغذاء صحي يمكنهم من العيش بصحة جيدة، مشيرة إلى أنّ السلطنة لديها قطاعات واعدة جدًا ولديها إمكانيات تنافسية أكبر للتحول إلى الاقتصاد الأخضر والمنافسة في الأسواق العالميّة.

وأضافت أنّ السلطنة لديها الكثير من الثروات الطبيعية التي يمكن استغلالها والتي ستوفر بلا شك منتجات منافسة في الأسواق العالمية وتوجد فرصًا وظيفية موضحة أن هناك بليوني إنسان يعتمدون على الأسماك لتوفير 20 بالمائة من البروتين الحيواني وأنه في العام 2012 وجدت 58 مليون وظيفة في قطاعي صيد السمك والزراعة و880 مليون وظيفة إذا تم حساب الوظائف بشكل مباشر وغير مباشر المرتبطة بالتزويد بسلسلة المأكولات البحرية القيمة وأن الأسماك هي الأكثر تداولا في مجال السلع الغذائية.

ويعد الاستثمار في البيئة استثمارًا له عائدات اقتصادية واجتماعية ويؤدّي إلى نتائج إيجابية متكاملة، وقد ثبّت مؤتمر ريو 20+ ذلك المفهوم كأداة لتحقيق التنمية المستدامة دون قواعد جامدة ووسيلة لتعزيز إدارة الموارد الطبيعيّة على نحو مستدام، ورفع كفاءة استخدام الموارد وتقليص الهدر واقتصاد يسهم في القضاء على الفقر وتوفير العمل والإدماج الاجتماعي واقتصاد مبني على التكنولوجيا والابتكار .

وتشمل التنمية المستدامة التي أقرتها قمة نيويورك في سبتمبر 2015 أهدافا من بينها القضاء على الفقر والجوع وتحقيق الصحة الجيدة والرفاه والتعليم الجيد وتوفير المياه النظيفة والنظافة الصحية والطاقة النظيفة وبأسعار معقولة وإيجاد مدن ومجتمعات محليّة مستدامة وتوفير العمل اللائق ونمو الاقتصاد.

تعليق عبر الفيس بوك