التاريخ مدوَّناً بـ"عدسة كاميرا"

 

 

فايزة الكلبانيَّة

 

(1)

اختلطتْ مشاعري وأنا أتجوَّل بين أركان معرض "ملامح من مسيرة عُمان الحديثة"، أرى بأُمَّ عيني شهادات أرَّختها عدسة كاميرا المصور الخاص لمولانا حضرة صاحب الجلالة -حفظه الله ورعاه- والتي تحملُ في طيَّاتها مسيرة بناء الوطن، منذ بزوغ فجر النهضة، وحتى يومنا هذا، الذي اكتملت فيه -وبجلاء- ملامح الدولة العصرية، التي باتت تُزاحم -ولله الحمد- رصفائها من الدول على درب المعالي والنماء.

 

(2)

مُحمَّد مصطفى.. واحد من أهم "العيون الشاهدة" على نهضة عُماننا الحديثة بأدق تفاصيلها. وعلى الرغم من أن شهادته قد تكون صامتة، إلا أن لسان حال عدسته ينطقُ بالعديد من قِصَص الإنجاز والكفاح والبطولات والتضحيات التي كان بطلها مولانا حضرة صاحب الجلالة عبر مراحل عُمرية مُتعاقبة. ولَكَم أغبط "العم محمد" الذي كان له شرف مُعايشة مراحل تطوُّر نهضتنا المباركة على مدار 45 عاما من العطاء! إذ لا يُمكن لأحد غير "العُماني الغيور" أن يُدرك حجم الفرحة العارمة بأن يكون عينًا موثِّقة  لأحداث هذا البلد الغالي، ومناسباته العديدة التي تَشْرُف بحضور مولانا حضرة صاحب الجلالة.. بالفعل، كم هي عظيمة عدستك يا أبو ياسين، ولكم وددتُ أنْ أقفَ إلى جوارك يومًا وأنت تلتقط صورًا لجلالته بعدستك، وأنا أدِّون سَبْقا صحفيًّا على لسانه -حفظه الله- فأسطره على صدر الصفحة الأولى بجريدة "الرُّؤية" بكلِّ فخر واعتزاز.

 

(3)

معرض "ملامح من مسيرة عُمان الحديثة "، والذي يضمُّ بين جنباته روائع 700 صورة ضوئية، التقطتها عدسة المصوِّر الخاص لجلالته، لتحكي مسيرة قائد كان في مواقع البناء يُشرف بنفسه على سير العمل بالمشاريع المختلفة، يُشارك الناس أفكارَ البناء، ويتجوَّل في عُمان بين ولاية وأخرى، وقرية وقرية، يتلمَّس احتياجات المواطنين.. هذا المعرض يكشف عن أكثر من مستوى؛ ففي الوقت الذي يتتبَّع فيه خطوات البناء المستمر في الداخل، يُؤرِّخ كذلك لعلاقات السلطنة مع العالم الخارجي مُمثلة بلقاءات مولانا المعظم -أيَّده الله- ففي أحد أركانه يُمكن لعين الزائر أن تتوقَّف عند تلك الصور التي تزيِّن جدران قاعة "مجلس عُمان" سابقا؛ فهنا يعقِدُ جلالته مباحثات مع ملكة بريطانيا، وهناك مع رؤساء أمريكا وألمانيا والصين ومصر، فضلا عن تلك التي تجمعه مع إخوانه قادة دول مجلس التعاون الخليجي.. فهذه صورة تبرز قِدَم العلاقات العُمانية-السعودية منذ عهد الملك خالد بن عبدالعزيز، مرورا بالملك فهد، والملك عبدالله، والملك سلمان يَوْم كان أميرًا. وأخرى للعلاقات العُمانية-الإماراتية تظهر جلالته إلى جوار الشيخ زايد بن سلطان، وسمو الشيخ خليفة بن زايد، وحكام الإمارات منذ الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم.. وهكذا دواليك مع بقية حكام المنطقة.

 

(4)

كثيرة هي التساؤلات التي طافتْ بين ثنايا الفِكْر، مستفهمة عن دور "عدسة الكاميرا" -باعتبارها جزءا من منظومة العمل الإعلامي- في التأريخ للمشاهد اليومية، لتخلق في النهاية "جدارية تاريخية" ليست هذه المرة بالألوان الزيتية، بل بـ"فلاش ضوئي" يؤرِّخ لعلامات فارقة في تاريخ الأمم.

 

(5)

من بَيْن هذه التساؤلات، داعب مخيلتي سؤال مفاده: هل يتحوَّل حلمي -على صعيد مشواري الإعلامي المتواضع- ذات يوم، بإجراء حوار صَحْفي مع أعظم شاهد على تاريخ النهضة العُمانية، مولاي حضرة صاحب الجلالة، الذي وَهَب نفسه لخدمة عُمان وأهلها، فأفنى عمره ليعيش أبناء هذا الوطن الغالي في رخاء وأمن وأمان ونعيم؟!

هذا السؤال استحوذ على تفكيري خلال زيارتي للمعرض، الذي حرصتُ في ختام جولتي على تسطير حلمي هذا عَبْر صفحات كتاب زوَّار المعرض، والذي سيُرفع للمقام السامي.. لعلَّ "الحلم يتحوَّل إلى واقع".

ويبقى الدعاء والتضرع إلى المولى العلي القدير أن يديمك لنا زخرا وفخرا وعزًّا، وأن يغمر جسدك بالصحة والعافية، ويحفظك بحفظه، ويكلؤك بعينه.. دمت لنا سلطانا حكيما وأبا حانيا.

faiza@alroya.info

 

تعليق عبر الفيس بوك