"الضامري" تثري المكتبة العربية بإصدارين حول المظاهر الحضارية في الدولة البوسعيدية من الإمامة إلى السلطنة

مسقط - الرؤية

أصدرت مكتبة الضامري للنشر والتوزيع، كتابين يتناولان معالم ومظاهر الدولة البوسعيدية في مراحلها المختلفة، وجاء الكتاب الأول بعنوان دراسات في معالم الدولة البوسعيدية الحديثة من الإمامة إلى السلطنة، فيما جاء الثاني بعنوان: المظاهر الحضارية للدولة العربية الأفريقية في عهد آل بوسعيد في شرق أفريقيا (1832 - 1964)، للباحث الدكتور جمعة بن خليفة بن منصور البوسعيدي مؤرخ وأستاذ التاريخ، الذي أبرز مجموعة من الحقائق التاريخية ذات الصلة بالتاريخ العماني في عهد الدولة البوسعيدية.

ويطلع القارئ العربي بصورة عامة والقارئ العماني على وجه الخصوص بالتراث العماني القديم والحديث الذي أثرى رصيد البشرية مما سمح لعمان أن تضع بصماتها في سجل التاريخ كدولة حضارية وقوة بحرية على مستوياتها العسكرية والتجارية والعلمية، وسعى الباحث للوقوف على ذلك الإرث الحضاري الكبير، بداية من مرحلة تأسيس الدولة البوسعيدية التي ذاع صيتها بما وصلت إليه من ازدهار وتطور في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية. الجدير بالذكر أنّ الإصدارين سيتاحان للجمهور بمعرض مسقط للكتاب ٢٠١٦م.

وتأتي أهمية الكتاب الأول من خلال فصوله الأربعة التي تبرز جوانب مهمة من تاريخ الدولة البوسعيدية منذ منتصف القرن الثامن عشر، ويبدأ فصلها الأول بالإرث العقائدي في مرحلة التأسيس، فعمان الدولة العربية الإسلامية مرجعيتها دينية ثقافية وحضارية، ويمثل المشهد السياسي في بناءاته المختلفة وتفاعلاته المتجانسة الأثني والعقائدي، والذي تبلور مع نهجها السياسي القائم بالالتزام بمبادئ ثلاثة وهي: مبدأ السيادة والاستقلال ومبدأ السلطة ومبدأ الوطن، فتكرس البُعد العقائدي في بناء الدولة العربية الإفريقية، وجاء الفصل الثاني: ليقف عند شخصية المصلح السياسي السلطان السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي، والذي تميّز عهده الذي استمر لقرابة نصف قرن بالاتصال الدبلوماسي والانفتاح على ربيع العلاقات الدولية التي كانت شرياناً أساسياً يغذي الأهداف الاقتصادية والسياسية للدولة، كما أنّه اتخذ من زنجبار عاصمة ثانية لملكه وذلك في عام1832م، وقد تمكن بحنكته السياسية وفطنته الإدارية من التغلب على كل التحديات التي واجهته في شطري الدولة مسقط وزنجبار.

ويتطرق الكتاب في الفصل الثالث إلى مراحل بناء الدولة البوسعيدية، من خلال الجهود الكبيرة التي بذلها السلطان السيد سعيد بن سلطان والتي تكللت في بناء امبراطورية عربية مترامية الأطراف، امتدت من الخليج العربي حتى رأس جردفو شمالاً وإلى خليج دلجادو جنوباً في الشرق الإفريقي والمحيط الهندي، فمع السلطان سعيد بن سلطان تركز مفهوم مركزية الدولة الساحلية الممتدة المترامية الأطراف بين القارتين الآسيوية والأفريقية، بينما تناول الفصل الأخير من الكتاب دور الهجرات العربية التي واكبت حكم السيد سعيد بن سلطان عام1832م إلى زنجبار في توسيع الدولة وتأثيرها في المحيط الأفريقي، تلك الهجرات التي أكسبت الدولة استمراريتها من خلال الهجرات المتوالية والمتعاقبة من المشرق العربي إلى الشرق الأفريقي، والتي أسهمت تلك الهجرات في ترسيخ دعائم الدولة وتوسعها في القارة الإفريقية ومن ثم تأثيرها الاجتماعي والديني والثقافي والاقتصادي على السكان الأفارقه والعرب الموجودين في الشرق الإفريقي.

ويأتي الكتاب الثاني ليبحث في الرصيد الحضاري العماني في عهد الدولة البوسعيدية، وعرض الحقائق التي حاولت بعض الأيدي طمسها بالتحريف والتشويه والتضليل، عن الجوانب الإيجابية للوجود العماني في شرق القارة الأفريقية، وتأتي هذه المساهمة لتسد شيئا من الفراغ الأكاديمي الذي تعاني منه المكتبات العُمانية والعربية والإسلامية، وتقدم بعض المعطيات المرتبطة عن التفاعل بين شطري الدولة مسقط وزنجبار، وخاصة في عهد باني الدولة العربية الإفريقية السلطان السيّد سعيد بن سلطان البوسعيدي الذي جعل عاصمة ملكه الثانية زنجبار عام ١٨٣٢م، حيث قُسِّم الكتاب إلى خمسة فصول، ويتحدث الفصل الأول عن المؤثرات العربية في ثقافة الشرق الإفريقي، فالجوهر الحميد الذي اتسم به العمانيون من تسامح وأسلوب تعامل أثّر بشكل كبير في حياة المجتمع الأفريقي في شرق القارة وجزء كبير من القرن الإفريقي، ويتناول الفصل الثاني: العادات والتقاليد كموروث عربي إفريقي مشترك، حيث إنّ التعايش بين المجتمعين الآسيوي والإفريقي ساهم في ترسيخ العادات والتقاليد المشتركة التي تجسّد معها نظام الحياة اليومية. وأمّا الفصل الثالث فيأتي موضحًا ملامح المجتمع الإفريقي في زنجبار والذي بيّن معه نمط الحياة السائد ومكونات المجتمع فيها، والفصل الرابع بين القاعدة المادية للاقتصاد في الدولة البوسعيدية، وتركزت فيه المعاملات التجارية في الموانئ والبنادر وزاد النشاط التجاري، والانفتاح على الأسواق العالمية ممّا أسهم ذلك في إبرام الاتفاقيات والمعاهدات، والذي حظي بدوره بتأييد دولي من القوى الفاعلة في السياسة والملاحة الدوليتين، وكشف الفصل الخامس والأخير من الكتاب عن بوادر تصدع وانحدار الدولة العربية الإفريقية، بعد وفاة مؤسسها السلطان السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي.

تعليق عبر الفيس بوك