سما عيسى: الطائي كان أبا روحيا لعدد كبير من التجارب الإبداعية ليس في عمان فحسب بل في منطقة الخليج العربي

الرؤية- مدرين المكتومية

صدرت عن دار فضاءات للنشر والتوزيع والطباعة عمان- الأردن الإصدارات الكاملة للأديب عبدالله بن محمد الطائي والتي جاءت على 6 مجلدات ستعرض الأيام القادمة في جناح دار فضاءات بمعرض مسقط الدولي للكتاب..

وتناولت المجلدات الجوانب الكاملة من حياته إلا أنّ ما تبقى هي المذكرات اليومية على أمل أن تكون حاضرة في معرض الكتاب العام القادم، حيث حملت الإصدارات عناوين مختلفة وهي "دراسات عن الخليج العربي (1960- 1972) " و"الأعمال الشعرية" إلى جانب إصدار في "الأدب المعاصر في الخليج العربي" و"شعراء معاصرون ومواقف تاريخ عمان السياسي" وإصدار مختص بالسرديات.

وقد تصدرت الأعمال الكاملة كلمة للأديب والكاتب والشاعر العماني سماء عيسى حيث أوجز مسيرة الرائد عبدالله الطائي بشيء من الصدق والحميمية حيث حملت عنوان "عبدالله الطائي، رحابة الإبداع العماني" حيث قال: تعتبر الكتابة عن شخصية كعبد الله الطائي (1924 - 1973م)، كتابة عن مرحلة تاريخيّة بأكملها، وذلك لتعدد مناحي إبداعه، ولتأثره وأثره البالغين في الأوضاع السياسية وتحولاتها، خاصة وأنّها كانت مرحلة تاريخية صعبة وحافلة بالأحداث وعلاقات التي لم يقف أمامها الطائي موقف المتفرج، قدر ما انخرط فيها مشاركاً مما جعل أدبه وفكره متأثرًا ومتفاعلاً معها.

جاء عبد الله الطائي كنيزك مفاجئ في الحركة الأدبية المعاصرة، وعمل جاهداً بحكم تكوينه الثقافي المتقدم، على تجديد الأدب العماني وإثرائه، سواء كان ذلك على ريادته لكتابة تجارب الرواية والقصة القصيرة والمسرح، أو التحديث الأساسي الذي أجراه في الشعر العماني، أو تأسيسه لكتابة فن المقالة، وإعادة كتابته للتاريخ العماني عبر روح منهجية وعمليّة في كتابه الهام: تاريخ عمان السياسي. ثم إنّه قبل وبعد كل ذلك، كان أبًا روحيا لعدد كبير من التجارب الإبداعية ليس في عمان فحسب بل في منطقة الخليج العربي بأكملها، سواء كان ذلك عبر عمله كمدرس للغة العربية، أو عبر نشاطه الميداني في الأندية واتحادات الكتاب والأدباء فالبحرين والكويت، حيث عرف لدى جيل كامل من المبدعين الذين قدرهم وزملاءهم في دول الخليج الأخرى عبر كتابه النقدي الرائد: الأدب المعاصر في الخليج العربي.

لعبت تجربته الحياتية الشاقة، دوراً هاما في إثراء تجربته الإبداعية، كان طائرا مهاجرا بسبب الظروف المعيشية والسياسية التي شهدتها بلاده، رحل أولا من عمان إلى العراق طالبا في الفترة ما بين 1935 - 1942م، وهي الفترة التي تعتبر مرحلة تأسيسية ثقافية أولى، حيث وهو طالب في بغداد ترسخت لديه القناعات الوطنية والفكرية خاصة القومية، والاتجاهات الفطرية التقدمية التي كانت قد بدأت تنتشر في المشرق العربي آنذاك من هنا نستطيع تتبع جذور انتمائه القومي وهو انتماء سيطر لاحقا على تجربته الإبداعية والسياسية والتي مع الأسف قطع طريقها الإبداعي الرحب الموت المفاجئ وهو بعد لم يكمل عامه التاسع والأربعين. بدأت بعد تلك المرحلة التأسيسية الأولى من مراحل تجواله الطويل، حيث هاجر إلى باكستان وقضى بها معلماً في المدرسة الإسلاميّة الحديثة أولاً، ثم معلما للغة العربية في كليّة باكستان العربية ومذيعا في الإذاعة الباكستانيّة وذلك في الفترة ما بين 1948 - 1950م. ساهمت تلك المرحلة في حياته في انفتاحه على ثقافة جديدة إضافة إلى وعيه العربي، ألا وهي الثقافة الهندية بمختلف روافدها خاصة الإسلامية المتمثلة في أشعار محمد إقبال والهندوسية المتمثلة في أشعار رابندت طاغور. جاء بعدها رحيله واستقراره في البحرين 1950 - 1959م، وهي المرحلة التي ابتدأ فيها عطاءه الفياض سياسيًا وأدبيًا وتربويًا، خاصة وأنّه استقربها في مرحلة انتشار المبادئ القومية، التي انتشرت مع انتشار الثورات العربية في الوطن العربي. هنالك لعبت الأندية التي شارك فيها مثل نادي العروبة والنادي الأهلي ونادي النور، دورا هاما في تفعيل الحراك الوطني والذي كان الطائي وثيق الصلة برموزه في تلك المرحلة وقادتها مثل عبد الرحمن الباكر وعبد العزيز الشملان.

أنشطة مختلفة

تنوعت في البحرين بين أنشطة شملت التدريس والمقال الأدبي والصحفي، وإلقاء المحاضرات، وإقامة الندوات، خاصة وأنّه تولى مسؤولية الأنشطة الثقافية في نادي العروبة عام 1957م. تلك المرحلة الهامة من حياته نضاليا وأدبيا لفتت إليه القوى الاستعماريّة، الأمر الذي أدّى إلى إبعاده من البحرين، متجهًا هذه المرة إلى دولة الكويت وبها ابتدأ مرحلة حياة إبداعية أخرى. رحيل الأستاذ الطائي إلى الكويت جاء برصيد وطني ثقافي عرف به في البحرين وقبلها في باكستان، لذلك شكل وجوده بها امتدادا لعطائه وتطويرًا لتجربته الإبداعيّة، خاصة في ما يتعلق بالعمل الصحفي الميداني ونشاطه الإبداعي على حد سواء. عمل بوزارة الإرشاد والأنباء في القسم الصحفي، واختير منها ليكون أحد واضعي لجنة القانون الأساسي لجمعية الخليج العربي الثقافية، ثم بعدها إعارته كمدير بمكتب دولة الكويت بدبي، والذي كان يشرف على الخدمات الطبية والتعليمية التي تقدمها دولة الكويت لإمارات الساحل العماني، قضى في دبي الفترة ما بين 1/ 1/ 1963م - 18/ 6/ 1964م، عاد بعدها إلى الكويت سكرتيرًا لإدارة الثقافة والنشر ورئيسًا لتحرير مجلة الكويت. هنا يعود الطائي لممارسة عمله الميداني الخصب، عبر الإذاعة الكويتية والنوادي والروابط الأدبية، مؤديا دورًا مهما في الاحتفاء بكل موهبة أدبية تظهر في الكويت، مشجعًا وهاديًا لها على مدى تسعة أعوام حتى مغادرته لها في 1/ 7/ 1968م.

تحقيقا لأهدافه في خدمة وطنه، ونظرًا للصلات الشخصية الحميمية التي تربطه بالشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لبّى الطائي دعوته للمشاركة في بناء إمارة أبوظبي، فعمل على مدى عامين نائبًا لرئيس دائرة الإعلام والسياحة، ثم مستشارًا تعليميًا وإعلاميًا ومسؤولاً للعلاقات الخارجيّة بالديوان الأميري لحكومة أبوظبي، وذلك بعد ما أهله للمساهمة بشكل جاد في الاجتماعات التحضيرية لقيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وتأسيس إذاعة أبوظبي وجريدة الاتحاد، فضلاً عن دعمه في فتح أبواب العلم في أبوظبي للدارسين العمانيين بها، وذلك حتى مغادرته لها عائداً إلى وطنه في 13/ 11/ 1970م، إثر تسلم صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد الحكم، إعلانه البدء في مرحلة جديديه من النهضة. مع عودته إلى وطنه شارك في أول حكومة ترأسها صاحب السمو السيّد طارق بن تيمور كوزير للإعلام والشؤون الاجتماعية والعمل، وعضوا في وفد الصداقة العماني للتعريف بعمان ونهضتها الجديدة، ثم بعد عامين من العمل الجاد قدم استقالته عائداً إلى أبوظبي ثانية، مقيمًا حتى وفاته في 18/ 7/ 1973م.

ثراء التنوّع الإبداعي

عاش عبدالله بن محمد الطائي حياة قصيرة لكنها ثريّة في عطائها على أصعدة كثيرة مختلفة ومتنوعة، وكان في كافة ما أعطى وأبدع سابقا لعصره. يندر أن نجد جنساً أدبيا لم يخض غماره، رغم عمره القصير وتعدد أعماله الميدانيّة التربوية والثقافية والسياسية. كان شاعراً وقاصاً وروائيا ومسرحياً، كتب فضلاً عن ذلك السيرة الذاتية والرسائل الأدبية، ويعد كتابه تاريخ عمان السياسي مرجعاً متميزاً في الدراسات التاريخية العمانية، كما يعتبر كتابه الأدب المعاصر في الخليج العربي، كتاباً رائدا في تقديم التجربة الإبداعية في الخليج على صعيد عربي. لذلك يذهب الباحثون والدارسون إلى أنّ الأهميّة التاريخية للأستاذ الطائي كانت وستظل عبر فتح أبواب جديدة للإبداع العماني، لم تكن معروفة أو مطروقة من قبل، وكان فيها رائداً أو مثلما وصفه الدكتور محسن بن حمود الكندي وهو أحد أبرز دارسيه: "أشبه بمدرسه فنية ثقافية رائدة مهدت الطريق لفنون أدبية جديدة واحتضنت براعم ناشئة، ورعت مواهب شابة في بداية الطريق، وقد لمسنا ذلك من خلال تلاميذه الأدباء والشعراء والمثقفين الذين أدوا دوراً كبيرا في نهضة بلدانهم الخليجية على كافة المستويات. كانت المرحلة التي أثمرت الطائي وأدبه، مرحلة نهضة تعليميّة وسياسية في بلدان المشرق العربي عامة، ولكنا أيضاً كانت مرحلة عزلة وحصار فرضها الاستعمار البريطاني على وطنه عمان، الاستعمار الذي حول العمانيين من شعب رائد اجتاز البحار إلى إفريقيا وآسيا وأسس إمبراطورية مترامية الأطراف، إلى شعب مشرد منع عليه التعليم والسفر والعلاج والتنقل الداخلي بها حتى بناء المنازل. هذان البعدان الأساسيان هما اللذان تقاسما معاناة الأستاذ الطائي وشكلا معا ثيمات ومواضيع تجربته الإبداعية، مثلما لمس ذلك بعمق تلميذه الأستاذ أحمد الفلاحي كاتباً: "أشبه بسجل كامل للأحداث المختلفة التي هزت هامته وبالعالم العربي، حيث عايشها وتفاعل معها تفاعلاً مباشراً وغير مباشر، ويتجلى هذا الطابع الوطني في شعره ونثره، فهو في القصة والرواية يحكي أحداثا سياسية ويوثقها، وفي المقالة يدور فكره حول الوطن وتاريخه وتراثه.. وهو في الشعر تغنى بأمجاد الوطن وشخوصه وأعلامه، ويصور معاناته ومتاعبه وحياة أهله في مهجرهم، حيث يشاهد ألوف المغتربين للعمل في المهجر، ويرى حالة البؤس والشقاء في ذاته، وقلما يجد القارئ لأدب الطائي شيئاً ليس فيه حديث عن شؤون الوطن وشجونه، في ماضيه العابر، أو حاضره الماثل، أو مستقبله المأمول، فهو يتمثل الوطن فرحاً وترحاً في مراثيه وغزلياته ومدائحه، حيث عمان الوطن الأم مركز الصورة لديه، وبؤرة الإخصاب الأول لأدبه وفكره".

اتخذ الطائي موقفا حاسما من الصراعات السياسية التي دارت في بلاده خلال خمسينيات القرن الماضي انعكست على أدبه خاصة في إصداريه الأساسيين: ملائكة الجبل الأخضر (رواية: الطبعة الأولى 1960م، بيروت)، الفجر الزاحف (شعر: الطبعة الأولى 1965م، دمشق). يهدي روايته الأولى :"الجبل العماني الحاضر الذي يحني رأسه للمأساة، مأساة الشعب العربي في عمان، فيعيش في عزة نفسية وذل واقعية سواء كان داخل الوطن أو المهاجر التي آوتنا. إلى الشباب العماني الذي جارت عليه المتردية والنطيحة وما أكل السبع، فقاوم هذا الجور بالكفاح في سبيل العيش والصمود من أجل الكرامة. أقدم هذه القصة سجلاً للحاضر المظلم ودعوة للمستقبل المشرق، مستقبل عمان كجزء لا يتجزأ من الوطن العربي الأكبر".

أمّا مجموعته الشعرية الرائدة "الفجر الزاحف" فقد جاء إهداؤها إلى الشاعر الذي نادى بحرية عمان؛ منذ أن أدرك أهداف الاستعمار البريطاني في مستهل القرن الميلادي العشرين، فحذر وأنذر ونبه وبصر، فأخذ يرسل قصائده من مهجره في زنجبار، داعيًا لتأييد الثورة ومساندة زعيمها الإمام سالم بن راشد الخروصي، والشيخ عبد الله بن حميد السالمي رحمهما الله، إلى القدوة التي نأمل أن يسير على نهجه شعراء عمان وكتابها، فيؤدوا أمانتهم نحو وطنهم ومقدساتهم. إلى الشاعر المرحوم أبي مسلم ناصر بن سالم الرواحي العبسي، أقدم هذا الديوان خطوات أرجو أن تكون موفقة في الطريق الواضح الذي رسمه مستلهماً الواقع الذي وصفه فقال:

فقد يشكو بعضنا لبعضنا

وما فاد من شكا ومن بكى

يأيها الراعي انتبه فما بقى

على المراعي ما ثغا وما رعى

وأخالنا يا شاعرنا الرائد، ما يزال ينطبق وصفك حتى يمحو الشعب الأبي راعينا الأكبر، فلا عجب أن يتقدم إليك أحد قرائك بهذا الديوان، رحم الله الشاعر، ولطف شعبنا العربي في عمان". وما إذا كان الواقع مراً وقاسيا ومحبطاً كما وصفه الطائي في تلك الأيام، كان إذن لا بد له من الالتجاء إلى ما يحميه ويغذي أمله وأمانيه في الخلاص من ظلامه الطويل، لذلك كان لديه استشراق آمال مستقبل قادم يعتمد أساساً على العودة للتأريخ، فيه وعبره نجد الأمل والدرس وواقع الخلاص المنتظر وشمس الحرية المشرقة.

مرحلة النضال

عاد إلى فترة اليعاربة، وهو الزمن المغيب في التاريخ العماني، زمن توحيد العمانيين وإنّها حروبهم الأهليّة، بعدما بدأت مرحلة النضال ضد الغزاة البرتغاليين وبناء الإمبراطوريّة العمانية التي طاردتهم في المحيط الهندي وإفريقيا. عاد إليهم في روايته الثانية الشراع الكبير، مؤسسًا بها ريادة الرواية التاريخيّة في الخليج العربي، مكملاً طريقاً إبداعيًا هاماً كان قد ابتدأ به مع صدور روايته الأولى "ملائكة الجبل الأخضر" في ستينيات القرن الماضي، إلا أنّ الفارق بين التجربتين الروائيتين من حيث الموضوع، يأتي من حيث أنّ رواية الملائكة مثل ما كتب توثق للمرحلة الأولى من الثورة العمانية وهي ثورة الجبل الأخضر في ستينيات القرن الماضي، أمّا "الشراع الكبير" فهي استحضار تأريخي لمرحلة ذهبية غربت بعد أن استمرت قرناً ونصف القرن وهي الأسطع في التأريخ العماني. الاهتمام بالتاريخ لما فيه من جوانب مضيئة ودروس وعبر عدَّه الطائي ملجأه الأخير وسنده المضاد لظلام المرحلة التي عاشتها عمان آنذاك. لم يقتصر في معالجته على الرواية فحسب، نلحظ ذلك في المقالة، والتي حظي منها التاريخ بـ72 مقالاً، نشرت له بعد وفاته في كتاب حمل عنوان: دراسات عن الخليج العربي، فضلاً عن كتابه المتميز والذي حظي منذ صدوره حتى اليوم بعناية الدارسين والباحثين والقراء ألا وهو كتابه "تاريخ عمان السياسي" الذي اعتنى به وأشرف على طباعته وإصداره ابنه المرحوم المهندس مازن بن عبدالله الطائي.

ملجأ دافئ آخر ذهب إليه الطائي في أدبه هو الانتماء القومي الذي عرف به أدبيًا وسياسياً. كتب أجمل قصائده في فلسطين كما كتبها في عمان. وذلك لأنّ فلسطين احتلت في روحه وفكره مكانة وحبا وعشقا لا ينضب. أهم قصائد من فلسطين كانت: رسالة من يافا، مهر فوز، أبو رمزي يحدث نفسه أمام الجسر، فلسطين أمام الجدار، رسالة من الجبهة.

وامتد صوت الطائي الشعري أيضاً محييا ثورة تموز في العراق، وثورة الجزائر عبر قصيدته المهداة إلى جميلة بوحريد عند زيارتها للكويت عام 1963م. ثم قصيدته: قبلة الوطنية، وشرف الأحرار، مجيباً فيهما أبطال بورسعيد ضد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م.

هذا الإيمان بالانتماء القومي العربي، سبقه الإيمان إلى دائرة أصغر هي وطنه الأم الذي نادى باتحاده، ألا وهو الخليج العربي، الذي عرف فيه كشاعر ومدرس وإعلامي وطني على مدى ثلاثين عاماً، قضاها متنقلاً في دولة: البحرين، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، مقدماً بعد ذلك خلاصة قيمة لتجربته تلك في كتابه النقدي الوثائقي: "الأدب المعاصر في الخليج العربي" والذي كان في الأصل سلسلة محاضرات ألقاها في القاهرة على طلبة معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية.

لم يبق عبد الله الطائي طويلاً معنا، أخذه الموت وهو في ريعان شبابه وذروة عطائه، وقيمته الأدبية والوطنية لم تُعرف جيداً وتُعطى حق قدرها، إلا بعد وفاته بعقدين على الأقل، حينما قدم الأستاذ محسن بن حمود الكندي أول رسالة ماجستير في الأدب العربي بجامعة السلطان قابوس، تناول فيها تجربة الطائي الإبداعيّة ومسيرة حياته، بعدها قام ابنه المرحوم مازن بن عبد الله الطائي بالإشراف على طباعة الأعمال المخطوطة له، وإعادة طبع أعماله المطبوعة في ستينيات القرن الماضي.

وكان هو بحق أول من أنار الكتابة الأدبيّة الحديثة في عمان، مكملاً طريق أسلافه المبدعين العمانيين والذي لا حصر لأسمائهم أبداً، بل ولا نهاية لتجاربهم أبداً، إذ يتدفق الدم العماني الوضاء بالعطاء الإبداعي الخلاٌّق في كل زمان وعلى كل شبر من أرض عمان الخالدة.

هامش

ما هو جدير بذكره هنا، أنّ الأستاذ الطائي من بين مجموعة مؤلفاته، التي هي اليوم بين أيدي القارئ القديم، لم يقم في حياته إلا بطباعة كتابين منها، أثناء إقامته بدولة الكويت وذلك لتوفر عوامل الاستقرار المعيشي والأمني له ولعائلته. في عام 1965م بلبنان طبع أولى أعماله الروائية: "ملائكة الجبل الأخضر" ثم في عام 1966م صدرت له من حلب بسوريا الطبعة الأولى من عمله الشعري: "الفجر الزاحف" عدا ذلك، وهذا ما هو ضروري توثيقه هنا أنّ كافة مؤلفاته الأخرى صدرت له بعد وفاته المفاجئة والمبكرة في يوليو 1973م. طبعت له أولاً المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، سلسلة محاضرات ألقاها على طلبة: معهد البحوث والدراسات العربية، تحت عنوان: الأدب المعاصر في الخليج العربي عام 1974م. مجمل أعماله الأخرى، حافظت عليها من ظروف عدم استقرار صعبة، أرملته السيدة رقية بنت عيسى بن صالح الطائي، وهنا يشمل التقدير والشكر لها في الحفاظ على هذا الإرشاد الحضاري من الضياع والفقدان. كما يزجى الشكر أيضًا لابنه المهندس والكاتب الراحل مازن بن عبد الله الطائي، الذي تولى بجهد وعناء ومشقة تفريغ وتبييض والإشراف على طباعة أعمال والده إصداراً بعد الآخر والتي جاءت متسلسلة على النحو التالي:-

1- "الشراع الكبير" رواية 1981م.

2- دراسات عن الخليج العربي 1983م.

3- تاريخ عمان السياسي 2008م.

4- المغلغل 2009م.

تعليق عبر الفيس بوك