سياسات جاذبة للمستثمرين

 

فايزة الكلبانية

faiza@alroya.info

 

يؤكد كثير من الخبراء الاقتصاديين أن الأزمة الاقتصادية العالمية دفعت الدول للاتجاه نحو جذب الاستثمارات الداخلية والخارجية، وذلك من خلال سن قوانين الجاذبة، وتذليل العقبات الاقتصادية التي تعترض سبيل المستثمرين.

وبالفعل نجحت بعض الدول في مواءمة قوانينها الاستثمارية وجعلها أكثر مرونة وشفافية، وبالتالي نجحت في استقطاب أكبر كم من المستثمرين وبما يتناسب مع حاجات وطموحات مجتمعاتها..

وليس بخافٍ على العيان الحراك الاقتصادي الذي شهدته السلطنة في السنوات الأخيرة الفائتة، وسعيها الدؤوب نحو مضاعفة الاستثمارات المحليّة والخارجية ضمن مفهوم التنويع الاقتصادي، ولكن لا يزال تحرّكنا خجولا وعلى استحياء ولا يرقى لمستوى الطموح الذي يتطلبه واقع الحال اليوم.

إنّ المستثمر العماني يعاني من بعض القوانين التي تفرضها بعض الجهات الحكوميّة ومنها صعوبة الحصول على التراخيص، وغياب دور المحطة الواحدة التي تعمل على تبسيط الإجراءات لدى مختلف الجهات المعنيّة بتخليص المعاملات؛ بالرغم من الدور الكبير الذي تقوم به وزارة التجارة والصناعة ممثلة في "بوابة استثمر بسهولة" في تسهيل إنجاز المعاملات المقدمة لخدمة المستثمرين وأصحاب الأعمال؛ حيث تقول الإحصائيات أن إجمالي عدد المعاملات المستلمة والمسجلة عبر بوابة استثمر بسهولة التابعة لوزارة التجارة والصناعة بلغ 331244 معاملة في نهاية 2015 ولكن لا زالت بيئة الاستثمار في السلطنة بحاجة للمزيد من التحسين والتسريع في خلق بيئة محفزة للأعمال، وإلا فإنّ كل هذه التعقيدات ستؤدي إلى هروب المستثمرين المحليين قبل الأجانب.

نعقد آمالاً كبيرة في أن يصدر "قانون الاستثمار الأجنبي" قريبا؛ حتى يعمل على تبسيط الإجراءات أمام المستثمرين الأجانب، ولكن قبل ذلك لابد أن نعي وندرك تمامًا أنّ إزاحة العراقيل لابد وأن تمر أولا عبر بوّابة "المستثمر العماني" كخطوة أولى؛ فكم من أصحاب أعمال ومستثمرين عمانيين وجدوا فرصًا سهلة للاستثمار خارج حدود الوطن؛ ولكنّ الروح الوطنية التي تسري في دمائهم ورغبتهم في الاستثمار داخل الوطن جعلتهم يرفضون ذلك بأعلى أصواتهم ولسان حالهم يقول "عمان أولا".

ويتمنون أن تزول العراقيل، وأن تبدو الصورة واضحة بلا تخبط في الأدوار بين الموظف الحكومي والمسؤول.

لابد لنا من دراسة الشروط التي تقف عائقا أمام المستثمرين العمانيين أولا، وأن نعمل على حلها حتى ننجح تلقائيا في إيجاد الحلول أمام المستثمر الأجنبي. وأن نضع في اعتبارنا أنّ التحدي الحقيقي يكمن في خلق فرص عمل للشباب العماني من خلال هذه الاستثمارات.

 

مؤخرًا أعلنت وزارة التجارة والصناعة عن إنشائها مكتباً مختصاً بتسريع إنجاز تراخيص المشاريع الاستراتيجية والتي تزيد تكلفتها الاستثمارية عن (عشرة ملايين ريال عماني) جميعنا يؤيّد هذا التوجّه ولكن نقترح أن تكون التكلفة أقل بقليل ولتكون في حدود 100 ألف على سبيل المثال بدلا من 10 ملايين حتى يتاح للبعض الاستفادة أكثر من تلك المشاريع.

من جهة أخرى لابد أن يكون قطاع البنوك مبادرا في تسهيل مصادر التمويل أمام المستثمرين، وألا يكون تقديم القروض مقتصرا فقط على القروض الشخصية التي تهدف لخلق الترف ووضع مزيد من الأعباء الاستهلاكية على المواطن.

كما أنّ من الضروري أن يتم تأهيل وتدريب الموظفين العاملين في الدوائر المختصة بتخليص معاملات المستثمرين بشكل مغاير لثقافة الموظف الحكومي المبنية لدى البعض منهم على البطء وتأخير المعاملات بحجة أنّ المسؤول المعني غير موجود، حيث نجد في بعض الأحيان أن المستثمر ينتظر توقيع المسؤول المعني أو المعاينات الميدانية أو المستندات المطلوبة لإنهاء إجراءات معاملاته لمدة شهر وشهرين وقد تمتد إلى ستة أشهر مترددًا فيها على تلك الجهات المختصة؛ وقد ينتهي به الحال لخسارة مشروعه وحلمه.

نحن فعلا بحاجة إلى مراجعة معوقات الاستثمار وتبنى سياسات أكثر جذبًا للمستثمرين.

 

تعليق عبر الفيس بوك