صور غير مرغوبة..!

سيف المعمري

saif5900@gmail.com

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منبرا لتوثيق الأحداث والمواقف اليومية للكثيرين، فتجد البعض يشارك الآخرين في يومياته عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من خلال عرضه للصور التي يوثق بها تحركاته وتفاعله المجتمعي من خلال الرحلات والزيارات وإبراز الهوايات ومشاركته أفراحه ومناسباته مع أفراد أسرته وأقاربه وأصدقائه، بينما البعض الآخر يرى إنّ مثل هذه المشاركات غير مقبولة لكونها تتعدى خصوصيّاتهم، وبالنسبة لي فأنا من النوع الأول.

وبعد نشر الصور في مواقع التواصل الاجتماعي تصبح ملكية عامة يطلع عليها ويتفاعل معها ويعلق عليها من يشاء فلم تعد حكرًا على صاحب الحساب الذي نشرها في صفحاته، لذا فمن الأهمية أن يتم انتقاء الصور ذات الدلالات المعبرةوالتي لا ثير جدلا مجتمعيا.

ولعلّ الصور الثلاث التي نشرها أحد أصدقائي في صفحته الشخصية في الفيس بوك مطلع الأسبوع الحالي أثارت لديّ استفهامات معينة، حيث ظهر الصديق العزيز يرافقه أحد زملائه في مأدبة عشاء في منزل صديقهم في العمل وهو من ولاية العوابي بمحافظة جنوب الباطنة وقد كان يعمل بولاية البريمي في مؤسسة تربوية تعليمية.

الصور التي نشرت كانت لطبق من الأرز مع ذبيحة كاملة وظهر فيها الضيفان مع مضيّفهما أمام ذلك الطبق الذي يكفي لمأدبة اثنا عشر شخصا على الأقل، لكن المضيف أعدّه لشخصين فقط، وقد آلمني هذا المشهد وأبديت وجهة نظري فيه: أنّه لا يتناسب الطبق مع عدد الشخصين وهو مشهد ربما يرسل صورا غير مرغوبة للمجتمع لكونها صورا من صور التبذير والإسراف، لكن صديقي العزيز الضيف - الذي نشر الصور- رد علي بجملة: "سلامات يا سيف المعمري عادة لا تصدر هكذا أحكام بدون علمك بتفاصيل الأمور"، ترى ما هي تفاصيل الأمور في صور كتلك الصور؟

ولعلّ هذا الموقف عاد بي إلى الذاكرة إلى أربع سنوات ماضية حيث يممت في ذات يوم إلى أحد المطابخ الشعبية بولاية عبري لتحضير مأدبة عشاء، وقد سألني صاحب المطبخ وهو مواطن عُماني عن عدد الأشخاص الذي سيحضرون المأدبة فقلت له 800 شخص فقال لي: أذن، سأطبخ لك 4 جواني أرز (أكياس تزن 39 كيلوجرام لكل كيس)، فقلت له: هل يكفي؟ قال: نعم، ومن ثمّ حكى لك قصة أحد الأشخاص قائلا: في ذات يوم أتى إليّ أحد الأشخاص وطلب مني أن أطبخ له 12 جونية أرز لعدد 1000 شخص، فقلت له: سأطبخ لك 8 جواني فستكفي بعدد ضيوفك، ولكن عنف وظهرت تقاسم الغضب على وجنتيه قائلا: إن كنت لا تستطيع أن تطبخ لي العدد المطلوب فسأذهب إلى مطبخ آخر، فأنا أرغب أن يزيد الأكل ولا ينقص وما زاد منه فسنرمي به للحيوانات، فقلت له: لا يا أخي فأنا من مصلحتي أن أطبخ لك حسب ما طلبت، ولكن سترمي بالكثير منه في حاويات القمامة، وبعد محاولات مستميته وافق أن أطبخ له 10 جواني وقد أبديت له نصحي ما استطعت ولم أستطع أقناعه بطبخ 8 جواني ووافق على مضض أن أطبخ له 10 جواني.

يقول صاحب المطبخ: وبعد انقضاء المأدبة وفي صبيحة اليوم التالي عندما ذهبنا لاستلام المراجل (المراجل باللهجة المحلية: جمع مرجل أي: القدر أو الإناء الذي يطبخ فيه الأرز واللحم خاصة عند إقامة مأدبة كبيرة)، وجدنا خمسة مراجل أرز لم يكشف عنها الغطاء؛ لتصبح من نصيب البهائم بعد أن طبخت للبشر.

تلك من نماذج الصور غير المرغوبة في مجتمعنا، فأصبحت المظاهر والخوف من الفضيحة - حسب ما يؤمن بها البعض وهي الخوف من الابتزاز المجتمعي- هو المحرك وراء أرهاق المصاريف الأسرية، وتسللت إلى مجتمعنا الكثير من مظاهر الترف والتبذير التي كنا في يوم من الأيام نشاهدها في المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ولم يلتفت الكثير منا إلى قوله تعالى:"... وكُلُوا واشربُوا ولا تُسرِفوا إِنَّه لا يُحبُّ المُسرِفين (31)" سورة الأعراف.

تعليق عبر الفيس بوك