تسليط الضوء على دور التراث الثقافي للأمم في دعم جهود التنمية المستدامة بحلقة عمل دولية في "البحث العلمي"

مشاركات محليّة وأجنبية بارزة تستعرض أوراق عمل تناقش القضيّة من مختلف الأبعاد

مسقط - الرؤية

انطلقت أمس فعاليات حلقة العمل الدولية "التراث الثقافي والتنمية المستدامة"، والتي ينظمها مجلس البحث العلمي بفندق كراون بلازا القرم، لمدة يومين، بمشاركة بعض المختصين من المؤسسات والأفراد العاملين بمجال التراث الثقافي من داخل السلطنة وخارجها بحضور أعضاء اللجنة التوجيهية لبرنامج بحوث التراث الثقافي العماني.

وفي بداية حفل الافتتاح ألقت الدكتورة عائشة الدرمكية عضوة اللجنة التوجيهية لبرنامج التراث الثقافي كلمة قالت فيها: "إن التراث الثقافي نتاج لفكر المجتمعات وروحها ومعتقداتها التي مثلت ضمن مراحلها المتعددة نواة الحياة وهيكل استمراريتها، ولهذا فإنه يشكل مجموعة من العلاقات المتشابكة والمتداخلة التي تمتد من الاجتماعي إلى الاقتصادي والسياسي؛ ذلك لأن التراث الثقافي يتأسس في تلك المجتمعات بوصفه رافدا للحراك التنموي المتغير بتغير المقومات البنائية فيها". وأضافت الدرمكية: "لكي نؤسس لاستراتيجية ثقافية تنموية مستدامة لابد أن نعرف أهداف أية تنمية مستدامة مقصودة والأسس التي تنبني عليها، فالتنمية المستدامة تعتبر أهم تطور في الفكر التنموي الحديث على الرغم من غموض هذا المصطلح في بدايته حتى السبعينيات كما يقول (سليمان الرياشي في كتابه دراسات في التنمية العربية الواقع والآفاق)؛ إذ كان السؤال المطروح (كيف يمكننا تحقيق تنمية منسجمة مع متطلبات البيئة؟)، وكيف يمكننا التخطيط لتنمية اقتصادية غير ضارة بالبيئة ولا تضع في الوقت نفسه قيودا على طموحات الإنسان المشروعة لتحقيق التقدم والرقي والنمو الاجتماعي والاقتصادي، وإن كان بالإمكان أن تكون هذه التنمية مستمرة ومتواصلة ولا نهائية؟، وبحسب المرجع نفسه فإنه في بداية التسعينيات أخذ مصطلح (التنمية المستدامة) بالظهور، وبدأ يُطرح بوصفه نموذجا بديلا لوضع استراتيجية تتخيل إمكانية وجود تنمية تجعل الانسجام ما بين النمو الاقتصادي، وحماية المحيط والأخذ بالاعتبار المتطلبات الاجتماعية والثقافية الفكرية". ومضت الدرمكية تقول إن التنمية المستدامة بذلك تتأسس على المجتمع وتنطلق منه، بهدف إيجاد موارد اقتصادية وسياسية واجتماعية تضمن الحياة الكريمة لأفراده، وهذه الحياة ضمن هذا التعريف لا تقوم على جانب دون غيره كما أسلفنا وإنما تشتغل في منظومة متكاملة تمثل الثقافة ركنا مهما منها، على أن هذه الثقافة تقوم في الأصل على مرتكزات أساسية يشكل التراث مرتكزاً أولياً في منظومتها، ولعل التنوع الثقافي الذي تحظى به المجتمعات المعرفية ثروة مهمة من ثروات التنمية التي تقوم عليها الاستراتيجيات التنموية في العالم اليوم، وهو تنوع فكري ومعرفي تعتز به المجتمعات وتعده ثروة تنموية مهمة.

واكدت الدرمكية أن السلطنة تولي التراث الثقافي أهمية كبرى ولعل وجوده أساسا وهدفا من أهداف الخطط التنموية للدولة واحد من الشواهد المهمة في ذلك، وهناك التجارب الكثيرة والمتعددة التي قامت عليها المؤسسات المعنية بالتراث في السلطنة سواء تلك المشروعات القائمة في وزارة التراث والثقافة أو الهيئة العامة للحرفية أو تلك التي تشتغل عليها وزارة السياحة أو الزراعة والثروة السمكية وغيرها من المؤسسات كل منها تأخذ المبادرات والمشروعات التي تُعنى بها، بالإضافة إلى تلك المبادرات والمشروعات العمانية الفردية التي يقوم عليها الشباب العماني والتي أصبحت منافسا مهما في الأسواق المحلية والإقليمية.

بعد ذلك قدمت عائشة البحرية من مجلس البحث العلمي وعضوة اللجنة التوجيهية للبرنامج، عرضا مرئيا تضمن الحديث عن أهمية الاهتمام بالتراث كأولوية وطنية، مشيرة الى أن التراث أحد مصادر المعرفة، ويعد مصدرا مهما للثقافة المحلية ويعزز دورها في الحياة المعاصرة، ويحمل في طياته الدروس والعبر ويحمل قيم ورسائل مختلفة، ويمثل هوية المجتمعات البشرية، ومصدرا من مصادر الدخل القومي. وأضافت في عرضها أن من الأهداف الرئيسية لبرنامج التراث الثقافي العماني توفير بيئة بحثية محفزة لبحوث التراث الثقافي العماني من حيث إنشاء آليات للتواصل والحوار بين جميع فروع بحوث التراث الثقافي، وتوفير البيانات والمعلومات الضرورية لإجراء البحوث في مجال التراث الثقافي، وعقد حلقات عمل متخصصة في مجال التراث الثقافي، وإعداد الموسوعات المرجعية لمواد التراث الثقافي بأشكاله المتعددة، وتعزيز دور الجهات المختلفة في الدولة في جمع وحصر وتوثيق مختلف مواد التراث الثقافي، والعمل مع الجهات المختصة في المجلس على إنشاء نظام للمعلومات يحتوي على قواعد بيانات شاملة لجميع مواد التراث الثقافي.

وحول الأهداف المرجوة من حلقة العمل، قالت عائشة البحرية إن الحلقة تهدف إلى عرض تجارب دول ومنظمات في إدارة مراكز بحثية في مجال التراث الثقافي، ومناقشة دور التراث الثقافي في التنمية المستدامة، ومشاركة الجهات المعنية والمهتمين في مجال التراث الثقافي العماني في الصياغة النهائية لبرنامج التراث الثقافي العماني، وإيجاد روابط مشتركة وبناء علاقات بحثية مع المختصين والباحثين الدوليين في مجال التراث الثقافي.

وفيما يتعلق بالمحور الأول "عرض تجارب دولية لدور التراث الثقافي في التنمية المستدامة"، قدم الدكتور أحمد مرسي من جمهورية مصر العربية ورقة عمل حول التراث الثقافي غير المادي والتنمية المحلية المستدامة بعنوان "تجربة مصرية". فيما قدم نايجل إنكلادا من دولة بيليز ورقة عمل حول المؤسسات البحثية والمجتمعات تحديد لدورها في التنمية المستدامة. وقدم الدكتور خليفة آل خليفة من مملكة البحرين ورقة عمل حول تنمية وتطوير المراكز الثقافية البحثية في البحرين.

وتتواصل فعاليات حلقة العمل الدولية حول التراث الثقافي والتنمية المستدامة في يومها الثاني بإقامة جلستي عمل، الأولى بعنوان مشروعات التراث الثقافي البحثية والخطط التنموية، وتتضمن 3 أوراق عمل مختلفة، اما جلسة العمل الثانية فستكون عن مناقشة مسودة استراتيجية برنامج التراث الثقافي.

تعليق عبر الفيس بوك