"الشورى" يناقش أوضاع مصابي "التوحد".. وتوصيات بزيادة المخصصات المالية الحكومية لتحسين الخدمات

أولياء أمور المصابين يشكون تأخر التشخيص وقلة الدعم وضعف الخدمات

"التنمية الاجتماعية": 86 أخصائيا في مجال تأهيل اضطراب طيف التوحد

27% من الحالات بالمستشفى الجامعي مرتبطة بمتلازمات جينية

مسقط- الرؤية

نظم مجلس الشورى أمس جلسة حوارية ناقشت الخدمات والبرامج المقدمة لمصابي اضطراب طيف التوحد من قبل الجهات المعنية؛ حيث تم استعراض مجموعة من أوراق العمل من قبل كل من وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ووزارة القوى العاملة والجمعية العمانية للتوحد.

وتأتي الجلسة الحوارية حرصًا من مجلس الشورى على التعاطي مع القضايا التي تهم المواطن في مختلف المجالات ومد جسور التواصل بين المجلس والمجتمع المحلي ومؤسسات الدولة المختلفة. وتحدثت كل جهة عن أبرز الخدمات والجهود المقدمة لفئة المصابين باضطراب طيف التوحد والتحديات التي تواجهها في سبيل تقديم الرعاية اللازمة لهم وتسهيل الإجراءات لهذه الفئة.

وحضر الجلسة سعادة الشيخ خالد بن هلال المعولي رئيس المجلس، وسعادة الدكتور يحيى بن بدر المعولي وكيل وزارة التنمية الاجتماعية، وسعادة الدكتور محمد بن سيف الحوسني وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية، وسعادة الشيخ علي بن ناصر المحروقي أمين عام مجلس الشورى، وعدد من المكرمين أعضاء مجلس الدولة وأصحاب السعادة أعضاء المجلس، وأعضاء الجمعية العمانية للتوحد وبعض الجمعيات الأهلية والمراكز التأهيلية الخاصة والأطباء والمختصين باضطراب طيف التوحد وبعض أولياء أمور المصابين باضطراب طيف التوحد.

وعلى هامش الجلسة، قالت مشاعر شمسان مديرة مركز مسقط وأخصائية نفسية تربوية في تصريحات خاصة لـ"الرؤية" إن هناك علاجا يسمى العلاج النفسي الحركي، وهو من أهم العلاجات التي تساهم في خفض الحركة وخفض النشاط وخفض السلوك لدى الأطفال التوحد. وأضافت أنّ مشاكل طفل التوحد حركية نفسية في الأساس، بعتبار أن الأطفال المتوحدين يعانون من مشاكل عدم إدراك الأشياء، وهذا النوع من العلاج يساهم بالقدر الكبير في معلاجة هذه المشكلة بحيث يتم تعليمه حركة سلوكية تساعده على إعادة عمل الجزء المصاب لديه. وتابعت القول إنّ هذا العلاج يتم عن طريق تأهيل مُرافق الطفل سواء كان الأب أو الأم، وتعليمه كيفية التعامل مع الطفل وأعطائه ما يناسبه، ما يقلل الضغط على المراكز والمستشفيات، ويساعد المراكز والجهات المعنية في متابعة الطفل وتأهيله.

وفي بداية الجلسة تمّ عرض فيلم قصير حول "اضطراب طيف التوحد"، بعدها قدمت وزارة التنمية الاجتماعية ورقة عمل بعنوان "خدمات وزارة التنمية الاجتماعية المقدمة في مجال التأهيل لحالات اضطراب طيف التوحد" وقدمها هلال بن محمد العبري. وأشار العبري إلى أنّ الوزارة تقدم لهذه الحالات عدد من الخدمات أهمها التربية الخاصة، والعلاج الوظيفي، وعلاج النطق والكلام، والإرشاد النفسي والاجتماعي، والتهيئة المهنية، والنشاط الرياضي والمؤثرات الحسية، وذلك من خلال مراكز الوفاء لتأهيل الأطفال المعاقين. وقال العبري إنّ عدد الملتحقين بهذه المراكز يبلغ 300 حالة وعدد 46 مسجلين حديثاً وجار العمل على إلحاقهم بالمراكز؛ حيث بلغ عدد الملتحقين بمركز الأمان للتأهيل (وحدة الوفاء) 13 حالة، ومركز الأمان للتأهيل (وحدة الأمان) 23 حالة، ومركز التقييم والتأهيل المهني، به حالة واحدة، وأضاف العبري بأن الوزارة تقدم خدمات التأهيل بالمراكز الحكومية والأهلية والخاصة لعدد 1037 حالة اضطراب طيف توحد خلال العام التأهيلي 2015-2016م، إلى جانب صرف معاش الضمان الاجتماعي لعدد 331 حالة. وأضاف العبري أن الوزارة وفرت 147 أخصائيا في مجال الإعاقة في مختلف التخصصات المهنية، منهم 86 أخصائيا في مجال تأهيل اضطراب طيف التوحد، و164 من الفنيات العمانيات اللواتي يعملن في مجال التربية الخاصة في تلك المراكز، ويتخصص منهم 37 في مجال اضطراب طيف التوحد.

وتابع أنّه تم تشغيل وحدة التوحد بمركز جمعية الاطفال المعوقين بجعلان بني بوعلي في بداية فبراير 2016م، وأنّ هناك دراسة حالياً مع شركة صلالة للميثانول وشركة تنمية نفط عمان لإنشاء مركز توحّد متكامل في صلالة، وكذلك دراسة لإيجاد مركز للتوحد بصحار بالتعاون مع شركة جسور، كما أنّ هناك دراسة لإنشاء مركز وطني للتوحد بمسقط ممول من قبل الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال في مسقط. واستعرضت الورقة جهود الوزارة في مجال تدريب العاملين في مجال التوحد وبرامج أولياء الأمور إلى جانب الحديث عن أبرز التحديات التي تواجه الوزارة في هذا القطاع، أبرزها عدم وجود سجل وطني وقاعدة بيانات وطنية للإعاقة، وعدم تسجيل عدد من أولياء الأمور أطفالهم المصابين بنظام الوزارة، بالإضافة إلى أن برنامج الدمج التربوي بمدارس التعليم العام لا يشمل حالات التوحد مما يصعّب الأمر أمام عملية التأهيل المقدمة بمراكز التأهيل، إلى جانب ضعف برامج الكشف المبكر والتشخيص لأطفال التوحد، وعدم وجود المراكز التي تقدم خدمات التأهيل المهني لأطفال التوحد، وغياب الأبحاث العلمية مع ندرة وجود أحدث الكتب والإصدارات العلمية الخاصة بالتوحد عامة وأساليب التدخل والتأهيل بصفة خاصة، إضافة إلى قلة الكوادر الوطنية العاملة في مجال التوحّد، وعدم وجود لوائح ملزمة لتوجيه المبتعثين في التخصصات التي تحتاجها السلطنة في مجال الإعاقة، ونقص التوعية الإعلامية عن التوحد، وبرامج التوجيه والإرشاد الأسري، ونقص الإمكانيات المالية حيث توفرها سيؤدي لتقديم خدمات أفضل لهذه الشريحة.

وخرجت ورقة العمل بحزمة من التوصيات لتعزيز برامج التأهيل والتعليم لحالات التوحد؛ في مقدمتها تعزيز المخصصات المالية الحكومية السنوية اللازمة لتحسين الخدمات القائمة واستحداث خدمات جديدة، وتعزيز المخصصات المالية الحكومية اللازمة لجلب واستقدام الكوادر البشرية من خارج السلطنة، وتعزيز التنسيق بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة ووزارة التنمية الاجتماعية من خلال وضع رؤية عملية واضحة لتكامل الخدمات والأدوار، وتأهيل كوادر وطنية في مجال التوحّد لسد حاجة المراكز الحكومية والخاصة والمدارس الحكومية والخاصة، ورفع قدرات وكفاءة المدارس الحكومية والخاصة من حيث البرامج التأهيلية والأجهزة والمباني، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في مجال جودة الخدمات المقدمة لحالات التوحد.

تعريف التوحد

وسلطت الدكتورة وطفة بنت سعيد المعمرية الضوء على تعريف اضطراب طيف التوحد من خلال ورقة العمل التي قدمتها؛ حيث استعرضت معايير تشخيص اضطراب طيف التوحد طبقًا للدليل التشخيصي وأسبابه، والعوامل الجينية والوراثية وعلاقاتها باضطراب طيف التوحد؛ حيث استعرضت المعمرية التجربة العمانية في هذا الإطار. بالإضافة إلى طرق التشخيص وتقييم التشخيص منها تقييم القدرات اللغوية والمهارات الحركية والحسية إلى جانب التقييم النفسي. وتناولت الورقة معدلات الانتشار العالمية ومعدلات الانتشار المحلية حسب الإحصائية المنشورة عام 2011م. والتطرق إلى أهمية التشخيص المبكر والأساليب العلاجية المناسبة، ودور جامعة السلطان قابوس في تطوير الأدوات المسحية للتشخيص المبكر.

وقدم الدكتور سعيد بن حارب اللمكي مدير عام الرعاية الصحية الأولية بديوان عام وزارة الصحة وعضوالهيئة التنفيذية بمجلس وزراء الصحة لدول الخليج العربي ورقة عمل بعنوان "التوحد.. مقاربة صحية"، حيث أوضح مدى استجابة النظام الصحي لاضطرابات طيف التوحد. كما استعرض اللمكي منهجية عمل إدخال خدمة اضطرابات طيف التوحد في الخدمات الصحية حسب ما أوصت به منظمة الصحة العالمية، والتي منها إعداد السياسات والاستراتيجيات والبرامج والقوانين الوطنية بشأن احتياجات المصابين باضطرابات طيف التوحد.

وخلال العرض المرئي، أشار اللمكي إلى أنّ الوزارة تقوم حاليًا بتعديل بطاقة صحة الطفل، بالإضافة إلى إدخال علامات التشخيص المبكر لطيف التوحد، في إطار الكشف المبكر لاضطرابات النمو وتعزيز ورصد نمو الطفل في خدمات الرعاية الصحية الأولية.

كما استعرضت الورقة الحديث عن شمول فئة اضطراب طيف التوحد ضمن الخدمات المجتمعية، من خلال استحداث الوزارة في الهيكل الجديد قسم الرعاية المجتمعية ويشمل جميع الفئات، بالإضافة إلى استحداث عيادة نمو الطفل بمستشفى المسرة، وقيام فريق زائر للمحافظات بإجراء الفحوصات الإكلينيكية سواء كانت مخبرية أو إشعاعية أو فسيولوجية بالتنسيق مع جامعة السلطان قابوس. وتناولت الورقة موضوع رعاية المصابين باضطرابات طيف التوحد وسائر الاضطرابات النفسية للأطفال ضمن مناهج التعليم الجامعي والدراسات العليا، حيث أوضح اللمكي بأنه سوف يتم التنسيق مع الجهات المعنية من أجل إضافة هذه الفئة ضمن محتوى برنامج الرعاية المتكاملة للأطفال الذي يدرس لطلبة الجامعة والمعاهد الصحية "IMCI".

من جهته، طرح الدكتور يحيى بن محمد الفارسي أستاذ مشارك وطبيب بقسم طب الأسرة والصحة العامة بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للتوحد، ورقة عمل بعنوان "التوحد.. الواقع والمأمول". واستعرض الفارسي بعض حالات اضطراب طيف التوحد ومعاناتهم ومدى حاجتهم إلى التأهيل المناسب، وأوضح أنّ جامعة السلطان قابوس قامت بدراسة توصلت من خلالها إلى أنّ النظام الصحي بالسلطنة يستطيع أن يكشف حالة واحدة من أصل 10 حالات لاضطراب طيف التوحد.

وقدم الفارسي خلال ورقته مجموعة من النماذج لأطفال يعانون من اضطراب طيف التوحد حصلوا على رعاية خاصة من خلال ابتكار أولياء أمورهم لأساليب تعليمية مبتكرة عززت من قدراتهم ومهاراتهم، مشيرًا إلى دور التأهيل ووجود المختصين في متابعة حالات المصابين.

فيما قدمت وزارة التربية والتعليم ورقة عمل حول جهود الوزارة في مجال التوحد، واستعرضتها الدكتورة شنونة الحبسية خبيرة تربوية بمكتب وكيل وزارة التربية والتعليم للتعليم والمناهج. وأشارت الحبسية إلى أن الوزارة أعدت تصورًا متكاملا لفتح صفوف للتوحد بمدارس التربية الخاصة، وذلك نظرًا لكثرة حالات الأطفال ذوي التوحد أو أطيافه في مختلف محافظات السلطنة، مطالبة أولياء أمور الأطفال ذوي التوحد لتوفير الخدمة لأبنائهم من هذه الفئة، ورغبة الوزارة لتوفير خدمة ذات جودة لفئة التوحد وذلك لقلة المراكز المتخصصة والمهيأة لاستقبال الأفراد من هذه الفئة وتركزها في محافظة مسقط. وتطرقت الورقة إلى الاستراتيجية الوطنية للتعامل مع التوحد على مدى 10 سنوات وخطة عمل ممتدة لمدة 5 سنوات لمساعدة الأطفال المصابين بالتوحد، ونشر الوعي بثقافة طيف التوحد في المجتمع المدرسي وللأسر والمجتمع المحلي، وذلك من خلال تقديم الدعم للأطفال المصابين بطيف التوحد وذويهم للاستفادة من الخدمات التي يحتاجون إليها، ودمج الأطفال المصابين بطيف التوحد بالمجتمع والمدرسة، وتحسين جودة الخدمات المقدمة إلى أطفال طيف التوحد، بالإضافة إلى وضع آليات التعاون والتكامل بين الجهات المعنية لتقديم خدمات التشخيص والتدخل المبكر والتأهيل والتعليم لأطفال طيف التوحد.

وقدمت وزارة القوى العاملة ورقة عمل بعنوان "تشغيل وتأهيل القوى العاملة الوطنية من ذوي الإعاقة" تناولت أبرز الإجراءات المتخذة لدمج ذوي الإعاقة في سوق العمل. وقال عاصم بن سعيد بن سالم بامخالف مقدم الورقة إنّ الوزارة شكلت 3 فرق؛ فريق عمل يختص بمتابعة مشروع دمج الأشخاص المعاقين لمراكز التدريب المهني ومعهدي تأهيل الصيادين، وفريق يختص بمقابلة وتقييم المتقدمين للتدريب والتأهيل من ذوي الإعاقات، وفريق إعداد وتكييف المناهج الدراسية والتدريبية. وأضاف أن الوزارة عملت على تهيئة البنية التحتية في الكليات التقنية ومراكز التدريب المهني لتلبية احتياجات الطلبة من ذوي الإعاقة الحركية؛ حيث يجري العمل على تركيب مصاعد كهربائية وتهيئة الممرات الداخلية للكليات التقنية ومراكز التدريب المهني وتأهيل الصيادين بما يتناسب مع احتياجات ذوي الإعاقة.

مناقشات مستفيضة

إلى ذلك، دارت مناقشات مستفيضة حول واقع الخدمات والبرامج المقدمة للمصابين باضطرابات طيف التوحد، حيث تحدث أولياء أمور المصابين عن ضعف الخدمات المقدمة للمصابين بكافة الفئات العمرية، وقلة المختصين في المراكز والمؤسسات الصحية بالدولة، إلى جانب ضعف التنسيق بين هذه الجهات المعنية بهذه الفئة، كما طالب الحضور بتفعيل البطاقة الصحية المقدمة للمعاقين. واستفسر الحضور عن أسباب عدم وجود تخصصات مطروحة في وزارة التعليم العالي تُعنى باضطرابات طيف التوحد أو تأهيل الباحثين عن عمل خاصة خريجي التربية الخاصة لشغل هذه الوظائف. وأكدوا أهمية توظيف مصابي التوحد في القطاع الخاص وتقديم الدعم المناسب لهم. وأشاد أولياء الأمور بتجارب بعض الدول في مجال تقديم الرعاية الصحية والتعليمية والمهنية للمصابين باضطراب طيف التوحد مناشدين المسؤولين بضرورة الاستفادة من هذه التجارب الناجحة في تطوير برامج تأهيل فاعلة. كما أكدوا ضرورة وضع حلول عاجلة للإشكاليات والتحديات التي تعاني منها هذا القطاع، ومتابعة تنفيذ الخطط والاستراتيجيات المتعلقة بكافة الجوانب التعليمية والصحية المرتبطة بالمصابين بالتوحد.

وتساءل عدد من أولياء أمور الأطفال المصابين بمرض التوحد حول أسباب توقف الدعم للمراكز الخاصة من وزارة التنمية الاجتماعية ومعتبرين أنه لا توجد أي مبررات لإيقاف الدعم وأن الخطوه تعتبر خطأ كبيرا من الجهات المعنية خاصة وأن هناك الكثير من العوائل التي ليس لديها حق العلاج لأطفالهما.

وتساءلت زهرة الجردانية أم لطفل مصاب عمّا يخص الإجازة الإجباريّة لهؤلاء الأطفال موضحة أنّ هذه الإجازة قد تؤثر في خطة التأهيل لطفل، وأن هناك كثيرا من الحالات التي تأثرت وتراجعت في العلاج بسبب هذه الإجازة. وطالبت جوخة الحارثية أم لطفل توحدي بتفعيل بطاقة الإعاقة، خاصة وأن طفل التوحد أو متلازمة دوان لديهم نشاط زائد وحركة كثيرة؛ فبطاقة الإعاقة ستساعد الأم في تسهيل العلاج لهذا الطفل مما سيقلل تعب وإرهاق الأم.

وفي نهاية الجلسة، وجه مجلس الشورى الشكر إلى المؤسسات المشاركة كافة، والحضور من المكرمين وأصحاب السعادة، وأعضاء الجمعية العمانية للتوحد والمختصين وأولياء الأمور. ومن المقرر أن يعمد المجلس إلى إعداد تقرير متكامل لما تمّ طرحه في الجلسة من محاور وتحديات، واقتراح الحلول والإجراءات المناسبة لها ومخاطبة الجهات المعنية والتنسيق معها.

تعليق عبر الفيس بوك