صناعة المطارات الدولية

عبيدلي العبيدلي

أعلنت إدارة مطار دبي الدولي عن مواصلة المطار تقدمه على بقيّة مطارات العالم من حيث عدد الركاب المارين فيه خلال العام 2015، محققا زيادة قدرها 10.7 %. ووفقا لما جاء في تصريح لها فإن"أكثر من 78 مليون مسافر مروًا بالمطار في عام 2015، وأنّ جل هذه الزيادة كانت في المسافرين القادمين من والمغادرين إلى الهند وبريطانيا والسعودية، مشيرة إلى أنّه قد وصل دبي عبر المطار في العام الماضي نحو 10.4 مليون هندي، مما يمثل زيادة تبلغ 17 بالمئة عن العام 2014، فيما ارتفع عدد القادمين من بريطانيا بنسبة 6 بالمئة ليصل إلى 5.7 مليون مسافر، وارتفع عدد القادمين السعوديين بنسبة 12 بالمئة ليصل إلى 5.5 ملايين".

تجدر الإشارة هنا إلى أنّ مطار دبي كان قد أعلن في العام 2015 "أنّه تفوق على مطار هيثرو في العاصمة البريطانية لندن من حيث عدد القادمين والمغادرين، إذ استخدمه في العام 2014، 70.4 مليون مسافر". وللعلم هناك ما يربو على "100 شركة طيران تستخدم مطار دبي للوصول إلى أكثر من 240 وجهة حول العالم".

وتتوقع المصادر التي تتابع صناعة المطارات في دبي أن تستثمر هذه الأخيرة "نحو7.8 مليار دولار في مشاريع البنية التحتية للتحضير لاستضافة معرض اكسبو 2020 وتخطط مؤسسة مطارات دبي لرفع الطاقة الاستيعابية لمطاري دبي إلى 200 مليون مسافر سنويا بحلول العام 2045 بالمقارنة مع 100 مليون مسافر من المتوقع أن يستخدموا مطارات دبي بحلول العام 2020."

وبحسب تصريحات المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني الإماراتي سيف السويدي "ترصد الإمارات 200 مليار درهم لتوسعات وبنية تحتية للمطارات داخل الدولة، (منوها إلى أن مثل هذه) الاستثمارات في المطارات المحلية سوف ترفع القدرة الاستيعابية للمطارات لتراوح بين 310 و320 مليون مسافر سنوياً". وبحسب السويدي، "تستحوذ الإمارات على الحصة الكبرى من التوسعات التي تشهدها مطارات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج. ويبلغ إجمالي الاستثمارات المخططة لمشاريع توسيع وتطوير المطارات في منطقة الشرق الأوسط أكثر من 100 مليار دولار، منها 40 مليار دولار في منطقة الخليج وحدها".

هذه الأرقام تكشف عن نمو صناعة جديدة، وبخطى حثيثة هي صناعة المطارات، حيث لم تعد هذه الأخيرة مجرد محطات لاستقلال الطائرات أو الترجّل منها، بل تحوّلت خدمات المطارات اليوم إلى مجالات أكثر تعقيدًا من ذلك، حتى بات الأمر يقتضي بناء مطارات ضخمة تتحول إلى ما يشبه المدن، وبات يطلق عليها المطارات- المدن، كما شهدنا في دبي، التي أقامت مدينة "دبي وورلد سنترال". وبخلاف ما ذهبت إليه بعض التوقعات، يرى الكثير من الخبراء في صناعة تطوير المطارات "أنّ مفهوم مطارات المدن لم يمت، ويمثل مستقبل المطارات في القرن الـ 21 مؤكدين أنّ النمو في حركة السياحة، والتجارة وأدوات الربط الجديدة تستلزم وجود مثل هذه المطارات حول العالم حيث يوجد نحو 83 مطاراً تحمل هذا المفهوم الجديد".

مدير مركز اقتصاديات الطيران بكلية (فلالجر للإدارة) بجامعة نورث كارولينا جون كرسادا، يؤكد هو بدوره على المستقبل الواعد الذي ينتظر صناعة المطارات المدن قائلا: "إنّ أهمية مطارات المدن لا تقتصر على نقل الركاب فقط بل أهميّتها رئيسية في القطاع التجاري، وحركة نقل البضائع والسلع خصوصاً فيما يتعلق بحركة نقل البضائع الطازجة والزهور، مشيراً إلى إمكانيّة تصدير 70% إلى 80% من السلع الطازجة عبر المطارات".

وحول هذه المسألة تؤكد مساعد المدير العام للاستراتيجية والشؤون الدوليّة في الهيئة العامة للطيران المدني في دولة الإمارات ليلي بن حارب المهيري، منوهة إلى تطوير المطارات باعتبارها قاطرة للنمو الاقتصادي وزيادة التنافسية الدولية، "لو نظرنا لصناعة الطيران العالمية التي يتبعها 3850 مطاراً حول العالم التي تبلغ 2 .2 تريليون دولار، على أنها دولة، لكان اقتصادها يحتل المرتبة التاسعة عشرة بين أكبر الاقتصادات العالمية".

بدوره، يكشف نائب المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات العربية المتحدة عمر بن غالب عن النمو الذي باتت تشهده صناعة المطارات، مركزا على الارتفاع الكبير في عدد المسافرين الذين يتم نقلهم جوًا، فنجده يقول "وتشير أرقام الاتحاد الدولي للنقل إلى أنّ شركات الطيران حول العالم تمكّنت في العام 2014 من نقل 3.3 مليار مسافر، وهو رقم يقل بشكل بسيط عن نصف سكان الكرة الأرضية، وهذا الرقم مرشّح للارتفاع إلى 4 مليارات مسافر بحلول العام 2017".

وفي السياق ذاته، أكّد مركز المحيط الهادئ للطيران في بداية العام 2015 "إنّ القيمة الإجماليّة لمشاريع الإنشاءات في المطارات العالمية تقدر بنحو 543 مليار دولار أمريكي تصل حصة الشرق الأوسط منها إلى 84.5 مليار دولار أمريكي".

وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط وحدها، تتوقع شركة بحوث السوق "تكنافيو" الشريكة في معرض المطارات الذي يقام سنويا في دبي، "أن يحقق سوق الطيران في الشرق الأوسط معدل نمو وسطي مركب نسبته 5.12% في السنوات الخمس القادمة التي تنتهي في العام 2019".

هذا النمو المضطرد في صناعة المطارات يواجه بتحد عندما يتعلق الموضوع بالمجال الجوي الذي يحتاجه مطار ما لتطوير خدماته التي يقدمها لمن يؤمه. ففي منطقة الخليج العربي، على سبيل المثال لا الحصر، تؤكد المصادر أنّ أمن المجال الجوي أصبح "واحداً من أكبر التحديات التي تقف بوجه صناعة الطيران في المنطقة، حيث لا تتوفر إلا نسبة 40% من المجال الجوي لمنطقة الخليج لعمليات الطيران المدني، حيث إنّ معظم هذا المجال مغلق لأغراض عسكرية أو أغراض أخرى. "

ولربما النمو الذي تعد به هذه الصناعة يشكل أحد العوامل التي تبرر حالة السلام والاستقرار التي نبحث عنهما.

تعليق عبر الفيس بوك