تضارب توقعات أسعار النفط يفاقم ضبابية السوق.. ودعوات لاتفاق داخل "أوبك" لتفادي "الانقلاب العنيف"

الإمارات تحدث عن "واقع جديد".. والكويت تأمل التعافي بحلول 2020.. والسعودية ترى استقرارا "قريبا"

عواصم- الوكالات

تضاربت أمس توقعات أسعار النفط التي أطلقتها حكومات خليجية ومؤسسات دولية ما فاقم الضبابية التي تكتنف السوق، فيما تصاعدت دعوات بضرورة اتفاق دول منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" مع المنتجين من خارج المنظمة على كبح جماح زيادة المعروض، لتفادي ما سموه "الانقلاب العنيف والمفاجئ" في الأسعار.

وقال البنك الدولي أمس الثلاثاء إنّه خفض توقعاته لأسعار النفط الخام لعام 2016 بواقع 14 دولارا إلى 37 دولارا للبرميل وسط تنامي المعروض وضعف آفاق الطلب من الأسواق الناشئة. وفي تقريره السنوي عن آفاق أسواق السلع الأولية خفض البنك الدولي توقعاته لأسعار 37 من 46 سلعة من بينها النفط قائلاً إنّ ضعف الطلب من الاقتصادات الناشئة سيستمر على الأرجح. وقال خبراء اقتصاديون بالبنك الدولي إنّ ضعف الطلب سيستمر رغم نمو معروض النفط مع استئناف الصادرات الإيرانية واستمرار الإنتاج الأمريكي وشتاء معتدل في النصف الشمالي من العالم. وتشير توقعات البنك إلى أن أسعار النفط قد تنخفض بنسبة 27 بالمئة أخرى في 2016 بعد هبوطها 47 بالمئة العام الماضي. وارتفعت أمس أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت وخام القياس الأمريكي فوق 31 دولارا للبرميل أثناء التعاملات.

وقال خبراء اقتصاديون في البنك الدولي إنهم يتوقعون تعافيًا تدريجيا لأسعار النفط خلال 2016 لكن وتيرة التعافي ستكون أقل من سنوات سابقة أعقبت موجات هبوط حادة مثل تلك التي حدثت في 2008 و1998 و1986. وأظهر استطلاع لرويترز نشر هذا الشهر أنّ من المستبعد أن تصعد أسعار النفط الخام كثيرا في 2016 بسبب تراجع الطلب وارتفاع المعروض وإن كان من المتوقع أن ينخفض الإنتاج من خارج أوبك.

لكن في المقابل، قال أمين الناصر الرئيس التنفيذي لأرامكو السعودية إن شركة النفط العملاقة تتوقع انتعاش أسعار النفط بنهاية هذا العام؛ حيث إن الأسعار الحالية المنخفضة لا يمكن أن تستمر وإن هناك بوادر على ارتفاع الطلب. ولم يحدد الناصر المستوى الذي يتوقع وصول الأسعار إليه بنهاية العام ولكن قال إنها لن تعود لمستوى 100 دولار في المستقبل المنظور.

إلى ذلك، حذر وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي مما وصفه بانقلاب في سوق النفط العالمي وارتفاع "عنيف ومفاجئ" إذا استمر الهبوط الكبير في أسعار الخام واستمر معه توقف الاستثمار في العديد من مناطق العالم. وقال الوزير العراقي أمام مؤتمر نفطي في الكويت "إذا استمرت الأزمة طويلاً سينقلب السوق النفطي من سوق مشترين إلى سوق بائعين ومن فائض عرض إلى زيادة في الطلب". وأكد عبد المهدي أنه إذا واصلت أسعار النفط الهبوط بشكل يحد من الاستثمارات فقد يكون ارتفاع الأسعار "عنيفا ومفاجئا". ويشكو منتجو النفط حاليًا من تحكم المشترين وليس البائعين في السوق النفطية العالمية بالنظر لزيادة العرض عن الطلب بنسبة كبيرة وهو ما يجعل البائعين المتنافسين فيما بينهم على الحصص السوقية غير قادرين على فرض شروطهم وأسعارهم في مواجهة المشترين. وأشار إلى استعداد بلاده للمشاركة في خفض الإنتاج إذا تعاون كل الأعضاء. وأضاف الوزير العراقي للصحفيين "نرى بعض المرونة لإبرام اتفاق بين أوبك والمنتجين من خارجها".

وتماشى ذلك مع تصريحات مندوبة الكويت الدائمة لدى أوبك نوال الفزيع، حيث قالت إنّه لا يمكن للمنظمة خفض إنتاج النفط من جانب واحد في الوقت الذي يرفع فيه المنتجون المستقلون إمداداتهم، ولكن ينبغي للجانبين العمل معًا من أجل إشاعة الاستقرار في السوق. وأضافت "الكل يسعى لزيادة إنتاجه. ولذلك فإنّ أوبك تتطلع للتعاون". وتوقعت الفزيع أن تشهد أسعار النفط تحسنا بعد سنة 2020، لكن قبل ذلك ستكون "الأوضاع صعبة" وستتحرك أسعار الخام في نطاق بين 40 و60 دولارا للبرميل. وقالت الفزيع للصحفيين إن التوقعات تشير إلى أن الأسعار سوف تكون أعلى مما هي عليه الآن خلال الفترة من 2020 إلى 2030. وذكرت الفزيع أن إمدادات النفط الإيرانية الإضافية المتوقع دخولها السوق ستضغط على أسعار الخام ولكن "ينبغي التريث والانتظار لنرى حجم ما يمكن أن تضيفه إيران فعليا للسوق".

من ناحية أخرى، قال وزير المالية ووزير النفط الكويتي بالوكالة أنس الصالح إنه ينبغي ترك أسعار النفط للسوق لكي يحددها العرض والطلب. وأوضح الصالح أن الميزانية المقبلة لسنة 2016-2017 ستعتمد على تقدير 25 دولارا لسعر برميل النفط الكويتي.

وفي سياق مرتبط، قال علي الجروان الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي العاملة في المناطق البحرية إن تدني أسعار النفط واقع جديد على جميع المنتجين التعايش معه، لكنه أضاف أنّ هذا لن يؤثر على مشروعات تنمية الطاقة طويلة الأجل في الإمارات العربية المتحدة التي تتمتع باقتصاد أكثر قدرة على الصمود.

تعليق عبر الفيس بوك