الدوريات الأوروبية: قراءة في صراعات اللقب

حسين الغافري

(1)

يُقدِّم النادي الفرنسي باريس سان جيرمان مُباريات عملاقة جدًّا خلال موسمه الحالي، وأمر اللقب يبدو أنه قد حُسم. عوامل كثيرة أوصلت الفوارق بينه وبين منافسيه إلى ما هي عليه اليوم، والتي تُبشّر بأن سيطرته على البطولة مرشحة للاستمرار أعواماً قادمة في ظل تقهقر منافسيه. فوارق الإمكانيات البشرية التي يمتلكها الباريسيون والقوة المالية معطيات تخلق ذلك البون الواسع بينه وبين البقية، وهي أسباب كافية أيضاً لاستمراره على كرسي العرش الفرنسي. ما يُقلق مسؤولي الفريق هي المرحلة التي سيكون عليها مشوارهم في بطولة دوري الأبطال الحالي. باريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ يمتلكان خطوة استباقية عن بقية الأندية في دوري الأبطال من خلال شبه حسمهم للبطولة المحلية، والتفرغ للبطولة الأوروبية. مما يعني أنَّ الوقت الحالي من الممكن استغلاله في دراسة لقاءات البطولة الأوروبية والتفكير بحصدها أو الوصول إلى النهائي على أقل تقدير لتقييم نجاح الموسم الكروي من عدمه!

(2)

عاد يُوفنتوس إلى موقعه الطبيعي في الدوري الإيطالي. ببساطة عاد لأن خبرته وقوته أكثر مما هم عليه منافسيه في الوقت الراهن. من يُشاهد الترنح الذي بدأ به موسمه الكروي لم يكن ليشُك لحظة بأنه سينتهي بواحد من المواسم السيئة في تاريخه، وهو أمر طبيعي يمكن تفسيره بتغير شكل الفريق ورحيل أبرز نجومه واستقدام نجوم جُدد يحتاج لهم من الوقت ما يكفي للانسجام. فكانت الفرصة سانحة لمشاهدة بطل جديد هذا الموسم غير اليوفنتوس. والآن ومع انتهاء أكثر من نصف الموسم عاد اليوفنتوس وبعودته تبدو المؤشرات بأن صراعه على اللقب سيستمر حتى اللحظات الأخيرة ومسألة التفكير ببطل جديد بدأت تضعف، وحظوظه في التتويج أكبر من غيره لعدة أسباب بسيطة أولها الخبرة الكافية التي يمتلكها خلال السنوات الماضية. الفريق أيضاً وصل لنصف نهائي الكأس وسيواجه إنتر في لقاء كلاسيكي عملاق بين فريقين يتنافسان على الدوري أيضاً مما يضعنا في قراءة مسبقة لتنافسهم بالدوري ويُعطي ملامح البطل في الكأس المحلية. إجمالاً، بعودة اليوفي إلى المقدمة وبتنافس إنتر ونابولي وفيورنتنينا في صراع الدوري حتى الآن يضفي للبطولة الإيطالية متعة خاصة تفتقدها دوريات مثل الفرنسي والألماني، ولكن تبقى لليوفي أفضلية ملموسة عن البقية كما ذكرت.

(3)

أشد المباريات إثارة هي تلك التي تحدث في الدوري الإنكليزي. فرق المقدمة تعاني بين حين وآخر وتسقط بين حين وآخر. ولعل المدرب التشيلي لمانشستر سيتي "بليغريني" صائب فيما قاله منذ فترة بسيطة: بأن البطولة هذا الموسم سيحققها من يصل إلى النقطة 80 وهو أمر ممكن تفسيره الآن في ظل السقوط المتكرر لأندية المقدمة سواء بالتعادلات أو الهزائم. لكن تبدو حظوظ آرسنال ومانشستر سيتي أكبر عن البقية وبدرجة أقل ليستر سيتي الذي تكلمنا عنه في مقال سابق بأن ما يقدمه يُعد سابقة في أفضل دوري بالعالم. مانشستر يونايتد أكثر الأندية الكبرى اهتزازا في الوقت الحاضر، فمع إنفاقه ما يزيد عن 150 مليون يورو، إلا إنه ودّع البطولة الأوروبية مبكراً ومتخبط في البطولة المحلية حتى الآن، والأخبار تُشير على أن مُستقبل مدربه الهولندي فان خال وصل إلى طريق مسدود وإقالته اقتربت أكثر من غيره. عموماً فإن الدوري الإنكليزي بطبيعته المعتادة، مثير وتنافسه أكثر متعة للمشاهد ولكن نُمني النفس برؤية نجاح لأحد أنديته في البطولة الأوروبية بعد إن غابوا عنها مؤخراً!

(4)

صراع الدوري المحلي في إسبانيا مشتعل للغاية، برشلونة وأتلتيكو مدريد وريال مدريد جميعهم يقدمون لقاءات قوية جدًّا. لعل التساؤل الأبرز عن القوة الذهنية التي يمتلكها برشلونة في آخر عشر أعوام وثباته على قمته أمر يدعو للإعجاب. ففي آخر عشر مواسم حقق اللقب سبع مرات وفي الثلاث الأُخرى خسر اللقب إما بفارق أفضلية المواجهات أو نقطة ونقطتين وهو أمر يجعله فوق كُل أندية العالم في الوقت الحاضر ويعيش عهده الزاهر بجيله الذهبي، فمتى سيسقط برشلونة ومن سيكسر هيمنته؟ سؤال يطرحه جل العالم مع إني لا أرى إن خسارته لكل الألقاب هذا الموسم -إن حدثت- أمر يدعو للقلق، فالفريق يملك قوة بشرية كبيرة وكما ذكرت بأنه متقدم خطوة عن بقية الأندية في العالم والشبب هي هذه القوة. ريال مدريد مع زيدان ظهر أكثر تماسك، وأكثر انسجام وهو أمر يبث الفرح في رؤية نجم لطالما أطرب محبي الكرة بنجاحه كلاعب وخلق تعاطف كبير معه في مهمته التدريبية؛ وبالتالي الممكن أن يكون مشروع مدرب ناجح مع مرور الوقت، وقد يحقق إنجازات كروية هذا الموسم. أتليتكو مدريد مع الأرجنتيني سيميوني أوجد لنفسه قيمة عملاقة في إسبانيا وأوروبا لم تكن حاضره مع من سبقوه. وحقيقة أُمني النفس باستمراره في إسبانيا لأعوام مقبلة حتى لا ينحصر الصراع بين عملاقي العالم برشلونة وريال مدريد. ومع ذلك فالتوقع بهوية بطل العام في إسبانيا يبدو أكثر صعوبة عن بقية الدوريات، إلا أنَّني أرى أنه لن يخرج من العملاقين كالمعتاد.

HussainGhafri@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك